منذ ساعات

الملف الصحفي

مطالعة في مشروع نظام العمل (المطالعة الرابعة)

جريدة الاقتصادية الاثنين 27 ذي الحجة 1425هـ - 7 فبراير 2005م – العدد 4137

مطالعة في مشروع نظام العمل (المطالعة الرابعة)

د. حسن بن عيسى الملا
من أهم الأمور الخلافية التي شغلت هيئات تسوية الخلافات العمالية ورفعت نسبة الحساسية بين صاحب العمل والعامل، وحدث بشكل واضح من إقبال أصحاب العمل على توظيف السعوديين ''علاقات العمل'' التي أفرد لها المشروع الباب الخامس منه، وسأستعرض في هذه المطالعة جانبا من المواد المتعلقة بـ ''علاقات العمل'' على أن أستكمل الجانب الآخر في المطالعات المقبلة، بإذن الله.
1 ـ كتابة عقد العمل والحالة المستثناة أوجبت المادة ال 50 كتابة عقد العمل من نسختين لكل طرف نسخة منه، واستدركت هذه المادة حالة العمل دون عقد، فأعطت العامل وحده حق إثبات حالة قيام العقد الضمني غير المكتوب إذا ما أثبت ذلك بأي طريقة من طرق الإثبات. كما أن عدم كتابة العقد ابتداء يعطي الحق لأي من طرفيه طلب كتابته في أي وقت، ومع هذا فقد استثنت المادة الحكومة والمؤسسات العامة من كتابة العقد، وقررت قيام قرار أو أمر التعيين مقام العقد، شريطة صدوره من جهة مختصة. 2 ـ فترة التجربة عالجت المادتان 53 و54 فترة التجربة بطريقة أفضل مما كان عليه الحال في النظام الحالي، وذلك على النحو التالي: أ ـ يجب النص في العقد على فترة تجربة إذا كان هناك اتفاق بين صاحب العمل والعامل، وإلا لن يعتد بادعاء أي منهما. ب ـ فترة التجربة مدتها لا تزيد على 90 يوما لا يدخل في حسابها إجازة العيدين أو الإجازة المرضية، يمكن تمديدها لمدة مماثلة بشرط أن تكون التجربة في مهنة أخرى أو عمل آخر. ج ـ إذا أنهي العقد خلال فترة التجربة، فإن أيا من الطرفين لا يستحق تعويضا، كما لا يستحق العامل مكافآة نهاية خدمة. 3 ـ انقلاب عقد العمل من محدد المدة إلى غير محدد المدة بالنسبة للعامل السعودي تمسك ''المشروع'' مع بعض التحسين عن النظام الحالي، يانقلاب العقد مع العامل السعودي من محدد المدة إلى غير محدد المدة، رغم كل ما أثير حول هذا الانقلاب، من تدخل المشروع في إرادة الطرفين، وتحويل عقد العمل الرضائي بقوة القانون إلى عقد عمل مفتوح المدة يتطلب إنهاءه توافر شروط معينة خاضعة لرقابة هيئات تسوية الخلافات العمالية، وفيما يلي استعراض لأهم ما جاء في ''المشروع'' بهذا الخصوص: أ ـ كان النظام الحالي لا يميز في ''الانقلاب'' في العقد بين العامل السعودي والعامل الأجنبي في ''المشروع'' مقتصرا في هذه الجزئية على العامل السعودي حيث نصت المادة 55 على أنه ''ينتهي عقد العمل المحدد المدة بانقضاء مدته، فإذا استمر طرفاه في تنفيذه عد العقد مجددا لمدة غير محددة، مع مراعاة ما نصت عليه المادة 37 بالنسبة إلى غير السعوديين''. وكما سبق أن أوضحنا في مطالعة سابقة أن المادة (37) أبقت عقد عمل غير السعودي محدد المدة مهما استمرت علاقة العمل بين العامل غير السعودي وصاحب العمل، بل إنها زادت على ذلك بأن اعتبرت مدة رخصة العمل هي مدة العقد إذا خلا من تحديد المدة. ب ـ التحسين الذي ورد في هذه المادة هو ما تضمنته الفقرة 2 منها والذي يقضي بأنه ''إذا تضمن العقد المحدد المدة شرطا يقضي بتجديده لمدة مماثلة أو لمدة محددة فإن العقد يتجدد للمدة المتفق عليها''، إلا أن ذلك ليس على سبيل الإطلاق حيث استرسلت هذه الفقرة لتحدد سقفا لهذه المدة ينقلب بعدها العقد إلى غير محدد المدة، وهو تجديد العقد لمرتين متتاليتين أو استمرار العلاقة العقدية بين الطرفين أكثر من ثلاث سنوات. ج ـ استثناء مما سبق فإن عقد العمل الموقع لغرض القيام بعمل معين، فإنه ينتهي بإنجاز العمل المتفق عليه، وفي رأيي، وطالما أن ''المشروع'' خصص المادة السابعة والخمسين لهذا الأمر، فقد كان عليه ألا يحصر انتهاء العقد بإنجازه فقط، إذ قد لا ينجز، بسبب عدم وفاء أي من الطرفين لالتزاماته. ومن الجدير ذكره، أن المشكلة لا تقع في هذا ''الانقلاب'' بقوة القانون في حد ذاته، وإنما أثره القانوني الذي سيرد لاحقا تفصيله، وهو عدم قدرة صاحب العمل على إنهاء العقد إلا لسبب مشروع وما أدراك ما السبب المشروع! أذكر قبل ست سنوات عندما كنت أناقش كممثل لمجلس الغرف التجارية الصناعية هذا المشروع مع كوكبة من ممثلي وزارة العمل ومجلس القوى العاملة كان مبرر التمسك بهذا ''الانقلاب'' هو الاستقرار الوظيفي للعامل السعودي. ترى أليس في تحديد سقف ثلاث سنوات دعوة صريحة لصاحب العمل بالاستغناء عن خدمات العامل في مدة أقصاها ثلاث سنوات ليضمن أنه لن يحتاج في يوم من الأيام للبحث عن سبب مشروع يرضي هيئة تسوية الخلافات العمالية، إذا ما ساءت علاقة العمل بينه وبين العامل! 4 ـ نقل العامل من مكان عمله أو من وظيفته أ ـ هذه واحدة من ''علاقات العمل''، فالمشروع يحظر على صاحب العمل أن ينقل العامل من مكان عمله الأصلي إلى مكان آخر يقتضي تغيير محل إقامته، واشترطت المادة الثامنة والخمسون لهذا الحظر أن يلحق النقل بالعامل ضررا جسيما وعدم وجود سبب مشروع تقتضيه طبيعة العمل. كنت أرجو أولا أن يضاف إلى هذه المادة ''ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك''، وأحسب ثانيا، أن هذه المادة قاصرة على العامل السعودي، ولكيلا تحرم هذه المادة العامل السعودي من إقبال صاحب العمل على توظيفه أن يعرف الضرر الجسيم كي لا تقولبه كل هيئة لنظر الخلافات العمالية وفق سلطتها التقديرية فتختلف الأحكام باختلاف الهيئات، أو أن يجير صاحب عمل على إبقاء عامله في مدينة بعينها، ويفلت صاحب عمل آخر من هذا الحظر. ثم بعد هذا وذاك، هل القول قول صاحب العمل في توافر السبب المشروع الذي تقتضيه طبيعة العمل وهو أدرى بها من غيره، أم أن حسم السبب المشروع يعود لجهة التقاضي والمحامين واللجان الفنية؟ ولعلي بنية صادقة حريصة على استقرار علاقات العمل أقول إن هذه المادة إنما هي أحد الألغام المبثوثة في ''المشروع''، التي تحد من تشغيل المواطن، فالمملكة العربية السعودية دولة واحدة، وصاحب العمل يعمل في أكثر من موقع، والعمل ليس قاصرا ليبقى محاطا بأهله، ومستوى المعيشة والحمد لله لا يتغير من مدينة إلى أخرى، وأتذكر كيف كان والدي ـ يرحمه الله ـ تنقله ''أرامكو'' من الظهران إلى أبقيق، إلى عرعر إلى السفانية لا يرف له جفن طلبا للرزق بعيدا عنا. ب ـ من سياسات العمل الحديثة في المنشآت الاقتصادية نقل العامل من وظيفة إلى أخرى في المنشأة لاكتسابه الخبرة في كافة الأعمال تمهيدا لاستقراره في عمل يتناسب ومؤهلاته وقدراته الجسمانية والعقلية، وإذا ما تذكرنا أن لقب العامل في مفهوم ''المشروع'' ينطبق على الموظف في المنشآت الاقتصادية مثل البنوك، فإن حظر المادة الستين تكليف العامل بعمل يختلف جوهريا عن العمل المتفق عليه بغير موافقته الكتابية هو لغم آخر في ''علاقات العمل'' لا يشفع في ذلك كلمة ''جوهريا لأن تحديدها خارج عن إرادة صاحب العمل، والإذن بالنقل في حالات الضرورة ولمدة مؤقتة هي الأخرى وردت دون معايير. 5 ـ قواعد التأديب أ ـ تدرجت الجزاءات التأديبية للعامل من الإنذار إلى الغرامة إلى الحرمان من العلاوة أو تأجيلها إلى تأجيل الترقية إلى الإيقاف عن العمل مع الحرمان من الأجر إلى فصل العامل، بشرط أن ينص على الجزاء في نظام العمل أو لائحة تنظيم العمل لدى صاحب العمل. ب ـ بمفهوم المخالفة لمنطوق المادة الثامنة والستين فإن لصاحب العمل تشديد الجزاء في حالة تكرار المخالفة بشرط عدم انقضاء 180 يوما على إخطار العامل بتوقيع الجزاء عليه عن المخالفة السابقة. ج ـ على صاحب العمل توجيه الاتهام إلى العامل المخالف خلال 30 يوما من تاريخ كشفها، وإلا سقط حقه في توجيه التهمة، كما أن على صاحب العمل توقيع الجزاء القانوني التأديبي على المخالفة الثابتة بحق العامل بعد التحقيق معه خلال 30 يوما من ثبوتها وإلا سقط حقه في توقيع الجزاء. د ـ إمعانا في حماية العامل وأجره فقد حظرت المادة 70 على صاحب العمل توقيع جزاء تأديبي على العامل لأمر ارتكبه خارج مكان العمل ما لم يكن متصلا بالعمل أو بصاحبه أو مديره المسؤول. كما حددت المادة سقف الغرامة الواحدة بأجرة خمسة أيام على الأكثر، وحظرت توقيع أكثر من جزاء على مخالفة واحدة. وإذا تعددت المخالفات فإنها يجب ألا تزيد على أجر خمسة أيام في الشهر الواحد، ولا تزيد مدة إيقافه عن العمل دون أجر على خمسة أيام في الشهر. هـ ـ وفي جميع الأحوال، اشترط ''المشروع'' إبلاغ العامل كتابة بما نسب إليه واستجوابه وتحقيق دفاعه وإثبات ذلك في محضر يودع في ملفه الخاص، ما لم تكن المخالفة بسيطة وجزاؤها لا يتجاوز غرامة يوم واحد، فيكتفى حينئذ بالاستجواب الشفهي، على أن يسجل الجزاء في محضر. وبدون تطبيق الإجراءات أعلاه فإن أي جزاء يوقع على العامل يعد باطلا. وـ فرضت المادة 72 على صاحب العمل إبلاغ العامل بقرار توقيع الجزاء بخطاب مسجل على عنوانه إذا امتنع عن استلامه أو كان غائبا، وللعامل الاعتراض على القرار خلال 15 يوما من تاريخ إبلاغه لا تشمل العطل الرسمية، أمام هيئة تسوية الخلافات العمالية التي ألزمت بإصدار قراراها في التظلم خلال 30 يوما. ز ـ الغرامات لا تدخل في جيب صاحب العمل، وإنما تنفق فيما يعود بالنفع على عمال المنشأة بعد أخذ موافقة الوزارة على ذلك. وإلى المطالعة الخامسة بإذن الله.

نظام العمل والعمال
نحتاج إلى بيان في التسوية والحقوق في نظام العمل الجديد
نسعى لتوظيف ثلث العاطلين ونظام جديد للعمل والعمال يصدر قريباً ولا تغيير في المميزات الحالية
الشورى يستكمل اليوم مناقشة نظام العمل الجديد
نشر مداخلات الأعضاء حول نظام العمل الجديد
نظام العمل والعمال الجديد
تطوير نظام العمل السعودي الحالي ضرورة لمواجهة التحديات الاقتصادية
أنهينا مشروع نظام العمل والعمال الجديد والحد الأدنى للأجور تحت الدراسة