منذ ساعات

الملف الصحفي

هل نجح المشروع في نزع ألغام نظام العمل الحالي؟

جريدة الاقتصادية الاثنين 5 محرم 1426هـ - 14 فبراير 2005م – العدد 4144

هل نجح المشروع في نزع ألغام نظام العمل الحالي؟

د. حسن عيسى الملا
من أهم المواضيع التي أسهب فيها ''المشروع'' وتناولها بتجديد واضح عما كان عليه الحال في النظام الحالي هو ''انتهاء عقد العمل'' والآثار القانونية المترتبة عليه، خاصة بعد أن مهد في المواد السابق لهذا الانتهاء، عندما ميز بين الأجر الأساسي والأجر الفعلي، وعندما عرف عقد العمل وحاول ضبط ''علاقة العمل'' بين العامل وصاحب العمل، ولكن هل نجح ''المشروع'' في نزع ألغام نظام العمل الحالي التي تهدد العلاقة العقدية السليمة بين طرفي عقد العمل؟ هذا ما سنراه في هذه المطالعة. 1 ـ سن التعاقد: أول ما يسترعي الانتباه في المادة الرابعة والسبعين التي استهل بها فصل ''انتهاء عقد العمل'' هو النص صراحة على سن للتقاعد ينتهي العقد عندها، إذا بلغها العامل أو العاملة، كحالة من حالات انتهاء عقد العمل بقوة النظام، وفي هذا شيء من التفصيل: أ ـ سن التعاقد للرجل 60 سنة وللمرأة العاملة 55 سنة. ب ـ أجاز ''المشروع'' لطرفي العقد الاتفاق على خلاف ذلك في اتجاه واحد وهو مد مدة العقد رغم بلوغ العامل سن التقاعد. ج ـ أجاز ''المشروع'' التقاعد المبكر ''إذا نص عليه في لائحة العمل لدى المنشأة. د ـ ينتهي العقد محدد المدة بانتهاء مدته ولو تجاوزت سن التقاعد. وهذا يحسب للمشروع، لأنه حسم مسألة خلافية، أشغلت اللجان العمالية، عندما كانت تخلو عقود العمل أو اللائحة الداخلية للمنشأة من نص على سن التقاعد، إلا أنه ما يجب التنبيه له واحتراما من ''المشروع'' لمبدأ استقرار المراكز القانونية، فلقد قرر ألا يعمل بهذا إلا بعد مرور سنتين من تاريخ العمل بهذا النظام. 2 ـ حالة القوة القاهرة: ومما قرره ''المشروع'' أيضا كحالة ينتهي بها عقد العمل، هي حالة ''القوة القاهرة'' إلا أنه ذكرها دون تفصيل، وحيث لا وجود لإجماع حول مفهوم القوة القاهرة، فإن من المؤمل أن تتولى اللائحة التنفيذية للنظام وضع معايير لقيام حالة ''القوة القاهرة'' وخاصة فيما يتعلق بمدة استمرار قيام حالة ''القوة القاهرة'' بمعنى هل ينتهي العقد بمجرد قيام تلك الحالة أم يتطلب بقاء حالة ''القوة القاهرة'' لمدة من الزمن يجوز بعدها لأي من الطرفين إنهاء العقد. 3 ـ الظروف الطارئة: لم تتناول هذه المادة ''الظروف الطارئة'' وأثرها على العلاقة العقدية، بحيث إذا ما قامت ''ظروف طارئة'' جعلت من تشغيل المنشأة عملاء مرهقا لصاحب العمل، فهل يحق لصاحب العمل إنهاء العقد أو تعليقه لبعض الوقت حتى تزول حالة ''الظرف الطارئ'' مع ما يستتبع ذلك من ترتيبات تتعلق بأجر العامل أثناء فترة التعليق وحقه في إنهاء العقد والبحث عن عمل آخر. 4 ـ فصل العامل بين السبب المشروع وإعادته للعمل: حاول ''المشروع'' وضع حلول توفيقية لمسألة فصل العامل من العمل، فلم يبق الوضع على ما كان عليه، ولم يستعمل ''الكي'' دواء لإنهاء هاجس كان يؤرق صاحب العمل عند تعيينه عاملا سعوديا، وهو كيفية إنهاء العلاقة العقدية التي بدأت محددة المدة وقلبها النظام إلا علاقة غير محددة المدة بمجرد استمرارها في النظام الحالي، وبمجرد استمرارها لأكثر من ثلاث سنوات في هذا ''المشروع'' خاصة في ضوء عدم تحديد تعريف جامع مانع لـ ''السبب المشروع'' الذي يجيز لصاحب العمل إنهاء العقد محدد المدة الذي انقلب بقوة القانون إلى عقد غير محدد المدة، فما هو هذا الحل التوفيقي؟ أ ـ جاء في المادة الخامسة والسبعين أنه يجوز لأي من طرفي العقد غير محدد المدة أن ينهيه بناء على سبب مشروع يجب بيانه بموجب إشعار يوجه إلى الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء بمدة لا تقل عن 30 يوما بالنسبة للعامل الذي يدفع له أجره مشاهرة، ولا يقل عن 15 يوما بالنسبة إلى غيره، وجزاء عدم الالتزام بالمدة هو أن يدفع الطرف المنهي للطرف الآخر تعويضا يعادل أجر مدة الإشعار أو المتبقي منها محسوبا على أساس أجر الأخير، والمقصود هنا هو الأجر الفعلي وليس الأجر الأساسي، وذلك بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم بالميعاد الزمني، مع تفصيل أوردته المادة السادسة والتسعون بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم بميعاد آخر. ب ـ وفي الوقت الذي قررت فيه المادة السابعة والسبعون حق التعويض عن الإنهاء غير المشروع تقدره هيئة تسوية الخلافات العمالية، وفقا لما لحق العامل من أضرار مادية أو أدبية، حالة واحتمالية وظروف الإنهاء، مما يفتح بابا واسعا للاجتهاد في مقدار التعويض تبعا للسلطة التقديرية الواسعة الممنوحة للهيئة فمن المؤمل أن تضع اللائحة التنفيذية ضوابط تحقق العدالة والمساواة بين جميع العمال. أقول، إنه في الوقت ذاته، أجازت المادة التي تلتها للعامل الذي يفصل بغير سبب مشروع أن يطلب إعادته إلى العمل، وهو ما يخشاه صاحب العمل لتأثيره البالغ على سلطته ومصداقيته أمام العمال الآخرين، وأثره السيئ على تشغيل عامل لديه انقطعت بينهما وشائج الانسجام. صحيح أن هذه المادة، لم تقرر إعادة العامل إلى العمل إذا ما ثبت عدم توافر السبب المشروع لكنها تركت الباب مواربا عندما قررت أن تنظر هيئة تسويق الخلافات العمالية في طلب الإعادة وفق أحكام هذا النظام ولائحة المرافعات أمام هيئات تسوية الخلافات العمالية. وعلينا أن نتذكر أن فكرة تحديث نظام العمل الحالي قد نبعت أصلا لنزع هذا اللغم الذي أربك سوق العمل، وحاول دون إقبال صاحب العمل على توظيف السعودي، بل وتسلح به العامل المشاغب غير الجاد وامتطاه صاحب العمل غير الوطني لتبرير عدم وفائه لبني جلدته ووطنه. إن كليهما في نظري يحتاج في هذه المرحلة إلى نظام عمل يقسو على صاحب العمل دون أن يدلل العامل ويفسد تربيته. 5 ـ فسخ عقد العمل: أ ـ من إيجابيات هذا ''المشروع'' أنه ميز بين ''إنهاء'' و''فسخ'' عقد العمل، إلا أن المادة 80 يشوبها بعض الغموض فقد نصت على أنه ''لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة أو إشعار العامل أو تعويضه''، إلا في حالات عددها وبشرط أن يتاح للعامل فرصة إبداء أسباب معارضته للفسخ. وبمفهوم المخالفة، وهذا عيب في النص يجب تداركه، أن المحظور ليس فسخ العقد مع مكافأة وإشعار وتعويض العامل، وإنما المحظور هو فسخ العقد دون ذلك، فهل هذا ما قصده ''المشروع''؟ أكاد أجزم أن المقصود غير ذلك، وإلا نكون قد فتحنا بابا لصاحب العمل بإنهاء العلاقة العقدية عن طريق ''الفسخ''، بدلا من ''الإنهاء'' دون سبب مشروع. ب ـ عددت المادة الحالات التي لا يجوز فيها لصاحب العمل فسخ العقد دون إشعار أو تعويض بأنها اعتداء العامل على صاحب العمل أو من يمثله، أو إذا لم يؤدِ العامل التزاماته الجوهرية، أو إذا سلك سلوكا سيئا أو ارتكب عملا مخلا بالشرف والأمانة، أو إذا ارتكب عمدا فعلا من شأنه إلحاق خسارة مادية بصاحب العمل، أو لجأ للتزوير ليحصل على العمل، أو إذا تغيب عن العمل دون سبب مشروع خلال سنة، مدة عشرة أيام متتابعة أو 20 يوما متفرقة، أو استغل وظيفته للحصول على مكاسب شخصية، أو أفشى الأسرار الصناعية والتجارية لصاحب العمل. ومن بين الحالات التي ذكرها ''المشروع'' في هذه المادة، حالة أن يكون العامل تحت الاختبار، وفي هذا تناقض صريح مع نص المادة الرابعة والخمسين التي سبق مناقشتها، والتي تنص على أنه ''إذا أنهي العقد خلال فترة التجربة فإن أيا من الطرفين لا يستحق تعويضا''فهل ''فترة الاختبار'' هي غير ''فترة التجربة''؟ أم أن ''المشروع'' استخدم مصطلحين لمعنى واحد؟ 6 ـ ترك العامل العمل دون إشعار: أجازت المادة الحادية والثمانون للعامل ترك العمل دون إشعار في حالة عدم وفاء صاحب العمل بالتزاماته العقدية، أو إذا ما صاحب التعاقد غش من صاحب العمل يتعلق بشروط العمل وظروفه، أو إذا كلف بعمل يختلف جوهريا عن العمل المتفق عليه، أو تعرض العامل أو أحد أفراد أسرته لاعتداء عنيف أو سلوك يخل بالآداب من صاحب العمل أو ممثله أو أفراد أسرته، أو إذا اتسمت معاملة صاحب العمل أو مديره المسؤول بالقسوة والجور والإهانة، أو تحاشيا لخطر جسيم يهدد سلامة العامل، أو إذا ترك العامل العمل تجنبا لمعاملة جائرة. لكن، ما عقوبة العامل الذي يترك العمل دون أي من هذه الأسباب؟ وهل تكفي غرامة الخمسة آلاف ريال كحد أقصى المنصوص عليها في باب العقوبات لتعويض أضرار صاحب العمل؟ 7 ـ لا يجوز إنهاء خدمة العامل بسبب مرضه: نصت المادة الثانية والثمانون على عدم جواز إنهاء خدمة العامل بسبب المرض، قبل استنفاده المدد المحددة للإجازة المرضية، مع حق العامل في طلب وصل إجازته السنوية بالمرضية. 8 ـ منافسة العامل لصاحب العمل بعد انتهاء العلاقة العقدية: من الجديد في ''المشروع'' ما نصت عليه المادة الثالثة والثمانون التي قررت أنه ''إذا كان العمل المنوط بالعامل يسمح له بمعرفة عملاء صاحب العمل، أو بالاطلاع على أسرار عمله، جاز لصاحب العمل أن يشترط على العامل ألا يقوم بعد انتهاء العقد بمنافسة أو إفشاء أسراره، ويجب لصحة هذا الشرط أن يكون محررا ومحددا من حيث الزمان والمكان ونوع العمل، وبالقدر الضروري لحماية مصالح صاحب العمل المشروعة، وفي كل الأحوال يجب ألا تزيد مدة هذا الاتفاق على سنتين من تاريخ انتهاء العلاقة بين الطرفين''. 9 ـ مكافأة نهاية الخدمة والتمييز بين العامل والعاملة في حالة الاستقالة: أ ـ إذا انتهت علاقة العمل بطريقة غير الاستقالة، فإن العامل يستحق مكافأة نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى، وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية، وتحسب على أساس ''الأجر الأساسي'' الأخير، وليس الأجر الفعلي، دون المساس بمدة الخدمة السابقة على سريان هذا ''المشروع''. ب ـ أما إذا استقال العامل، فإنه لا يستحق المكافأة إذا ما استقال قبل إتمام سنتين متتاليتين من الخدمة، فإذا ما أتم السنتين استحق ثلث المكافأة عنهما، وعن الثلاث سنوات التالية، بغض النظر عن عقد العمل وهل هو محدد المدة أو غير محدد المدة، ويستحق ثلثيها إذا زادت خدمته عن خمس سنوات متتالية، ويستحق المكافأة كاملة إذا بلغت مدة خدمته عشر سنوات فأكثر. واستثناء مما سبق، فإن العامل المستقيل يستحق كامل المكافأة في حال استقالته لقوة قاهرة خارجة عن إرادته، كما تستحقها العاملة إذا أنهت العقد خلال ستة أشهر من تاريخ عقد زواجها أو ثلاثة أشهر من تاريخ وضعها. ج ـ يجوز في العقد تحديد الأجر الأساسي الذي على أساسه تحتسب المكافأة، إذا كان كل الأجر مبالغ العمولات أو النسب المئوية من المبيعات أو ما أشبه ذلك. وإلى اللقاء في المطالعة السادسة.

نظام العمل والعمال
نسعى لتوظيف ثلث العاطلين ونظام جديد للعمل والعمال يصدر قريباً ولا تغيير في المميزات الحالية
الشورى يستكمل اليوم مناقشة نظام العمل الجديد
نشر مداخلات الأعضاء حول نظام العمل الجديد
نظام العمل والعمال الجديد
تطوير نظام العمل السعودي الحالي ضرورة لمواجهة التحديات الاقتصادية
أنهينا مشروع نظام العمل والعمال الجديد والحد الأدنى للأجور تحت الدراسة