منذ ساعات

الملف الصحفي

الانتخابات البلدية: المصاعب والشكوك (2-2)

جريدة الوطن الأثنين 1425-08-06هـ الموافق 2004-09-20م العدد1452السنة الرابعة

الانتخابات البلدية: المصاعب والشكوك (2-2)

سلطان البازعي
لا بد لأي منصف أن يتعاطف مع الجهود التي تبذلها الجهات المنظمة للانتخابات البلدية في المملكة، ليس لأنها محاطة بحجم كبير من الصعوبات فحسب، وإنما لأنها محاطة أيضاً بكثير من الشكوك.
وأول هذه الشكوك ما سبق أن قلنا إن مصدره من أفكار متطرفة أصدرت حكماً مقولباً جاهزاً على أن الحكومة رضخت للضغوط الدولية لإجراء الانتخابات وأنها غير جادة في تفعيل هذه المجالس البلدية على أرض الواقع، كما أن انطباعاً عاماً قد يكون تكون لدى الكثيرين في هذا الاتجاه وسببه الظاهر أن قرار مجلس الوزراء الصادر خلال العام المنصرم جاء ليفعل نظاماً صدر في واقع الأمر قبل ثمانية وعشرين عام.
وثانيها أن النظام أعطى للحكومة فرصة تعيين نصف أعضاء المجلس البلدي، مما يعني حسب المشككين أن الحكومة ستظل صاحبة اليد العليا في قرارات المجلس، وأن الأعضاء المنتخبين سيكون دورهم محدوداً في التأثير، هذا على افتراض أن الانتخاب سيتم دون تأثيرات حكومية لمصلحة مرشحين بعينهم يكونون من المرضي عنهم، ويعطي المشككون مثالاً لانتخابات أشهر مؤسسات المجتمع المدني التي جذبت كثيراً من الانتباه والجدل، وهي هيئة الصحفيين التي جاءت نتيجة انتخاباتها أشبه بالتعيين بعد أن فاز رؤساء تحرير الصحف بغالبية مقاعد مجلس الإدارة وهم الذين وصلوا إلى مناصبهم بموافقة الدولة حسب الأنظمة.
وثالث هذه الشكوك أن الصلاحيات الممنوحة للمجالس البلدية ضعيفة وأن هذه المجالس لن تختلف كثيراً عن مجالس المناطق التي لم يلحظ لها أي نشاط فاعل في الحياة اليومية للناس، وبالتالي يرى المشككون أنه لا جدوى حقيقية من الترشيح أو الانتخاب.
ورابعها، ولعله يكون آخرها، أن التسابق على مقاعد المجالس البلدية سيجذب أصحاب المصلحة والباحثين عن الوجاهة الاجتماعية بغرض تدعيم مصلحة تجارية في الغالب، ونشر حول هذا أن العاملين والمستثمرين في قطاع العقارات هم من أوائل من أعلنوا نيتهم في الترشيح لمقاعد هذه المجالس.
***
وليس من مهمة هذا المقال الدفاع عن موقف الحكومة أو إعطاء تبريرات لهذا الوضع، بقدر ما يسعى إلى محاولة تحليل واقعية هذه الشكوك من وجهة نظر شخصية بهدف فتح باب للحوار الموضوعي حولها، فالشرح والتبرير من شأن الجهات التنظيمية التي يجب أن تتعامل بشفافية كاملة مع الإعلام لشرح مجريات العملية الانتخابية.
* أولاً: مع الأخذ في الاعتبار الحكمة القائلة أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبد، فإنه من الممكن وبثقة التأكيد أن مستوى الوعي العام، وأكرر أننا لا نتحدث عن النخبة هنا، هو أفضل منه قبل ثلاثين عاماً، فلم يكن متاحاً حين صدور هذا النظام عام 1397هـ درجة التعرض على العالم نفسها من خلال الانفتاح الإعلامي بوسائله المختلفة، ولعل الأحداث التي وقعت في منطقتنا أعطت مواطنينا فرصة أكبر للاهتمام بالشأن العام أكثر مما كان سابقاً، فقد شاهدنا أوطاناً تكاد تُبتلَع بالغزو المباشر، وأوطاناً تتعرض للتفكك والفوضى بعد سقوط أنظمة قمعية حكمت بالحديد والنار، ولعل هذه الدروس القاسية تعلمنا أهمية انتمائنا لكيان متماسك كبير الإمكانات.
* ثانياً: لا يعيب التجربة أن تبدأ بانتخاب نصف الأعضاء وتعيين النصف الآخر، فالجانب الإيجابي في هذه الممارسة يقول إن الأعضاء المعينون هم أيضاً من المواطنين الذين نفترض فيهم الحرص نفسه على مسيرة التجربة، كما أن هذا سيعطي الفرصة لإحداث التوازن المطلوب في المجالس مع حداثة عهدنا بالتجربة الانتخابية، وليس من الإنصاف أخذ تجربة هيئة الصحفيين مجردة من تجارب أخرى لتجمعات مهنية نشأت وجرت وتجري انتخاباتها بشكل ديمقراطي سليم، وإن لم يسلط عليها القدر نفسه من الأضواء والجدل.
* ثالثاً: من المعروف أن الصلاحيات تؤخذ ولا تعطى، والمجالس البلدية حسب نصوص النظام ستعمل كما لو أنها مجلس إدارة للجهاز البلدي لها صلاحيات التقرير والمراقبة، ونجاح المجالس البلدية في هذه التجربة سيعتمد بشكل كبير على قدرة الأعضاء المنتخبين والمعينين معاً على ممارسة صلاحياتهم إلى الحد الأقصى بشكل إيجابي ينشد المصلحة العامة للمواطنين، كما سيعتمد على قدرتهم في تطوير التجربة من خلال طرح تصورات موضوعية ومن خلال الممارسة الواعية لدورهم، وبما أن المجالس البلدية ستكون معنية بالدرجة الأولى بقضايا خدمية وتنموية لمدنهم وقراهم فإن هذه الجهود ستكون بارزة للعيان أمام الناخبين الذين سيصدرون حكمهم على أداء الأعضاء من خلال صناديق الاقتراع مباشرة. ومع ذلك فقد سمعت شهادة من قانوني بأن الصلاحيات المعطاة في نظامنا أكثر تقدماً من الصلاحيات المعطاة لمجالس بلدية في دول عربية أخرى، ولكن المحك هو الممارسة.
* رابعاً: لا يعيب التجربة الديمقراطية أن يتصدى للترشيح من قد يكونون أصحاب مصلحة مباشرة من المقعد، ما دام أن الحكم هو الناخب الذي عليه أن يقرر قناعاته من خلال التصويت، والنظام سعى لتضييق فرصة الاستفادة الشخصية للأعضاء وتضارب المصالح من خلال منع الترشيح لمن يرتبط بعقود مقاولات مع البلديات، ومن خلال النص على عدم حضور العضو لمناقشات المجلس حينما يتعلق الأمر بمصلحة شخصية له. ومن جانب آخر فإنه ليس لنا أن ننزع صفة الحرص على المصلحة العامة من المستثمرين في المجال العقاري، بافتراض حسن النية أولاً، وبكونهم أكثر معرفة من غيرهم بأعمال البلديات وخدماتها بحكم تخصصهم ثانياً. والناخب، مع تقدم التجربة ونضجها، سيكون قادراً على الفرز بين من يخدمونه وبين من يخدمون أنفسهم.
***
وتبقى الإشارة إلى الصعوبات التنظيمية التي ستواجه التجربة الأولى للانتخابات في بلادن.
وأولى هذه الصعوبات ستكون في إثبات السكن للناخب والمرشح في دائرته الانتخابية وخاصة في المدن الكبرى، وعلى الرغم من بديهية هذه المسألة في أية عملية انتخابية، إلا أننا سجلنا فشلاً ذريعاً في ترسيخ نظام فعال لإثبات السكن بالعناوين المنزلية، مع أنه في مدننا الكبرى أنظمة مركبة منذ عقود لأسماء الشوارع وترقيم المنازل، وهذه الأنظمة دخلت تجارب عديدة - كما حدث في مدينة الرياض- حتى استقرت، إلا أنها لم تستقر بعد في أعراف الأجهزة الحكومية المعنية، فلا أجهزة الأمن بفروعها تتعامل مع هذه العناوين، ولا البريد يعرفها، وبقينا نتعامل مع عناويننا بالوصف والعلامات بأقرب بقالة أو دكان بنشر، تماما كما كنا في الصحراء نعرف المواقع بالجبال والرجوم، والذين يعرفون العناوين والمنازل في مدننا هم عمال التوصيل السريع ومطاعم البيتزا، بعد أن وضعوا أنظمتهم الخاصة بهم.
والصعوبة الثانية هي إثبات الهوية للناخب والتأكد من عدم ازدواجية التصويت في أكثر من موقع، ولعل هذا يجيب على التساؤل الكبير حول عدم مشاركة المرأة في الانتخابات مرشحة أو ناخبة، فإذا كان من الصعب التثبت من هوية الرجال، فإن التثبت من هوية السيدات ستكون مضاعفة إن لم تكن مستحيلة، وخصوصاً مع قلة عدد من يحملن بطاقات هوية بالصورة.
وموضوع المرأة بالذات، سيشكل عقبة تنظيمية كبرى للجان المنظمة حيث إنه يعني فتح مراكز اقتراع خاصة بالسيدات تديرها سيدات، ولكم أن تتخيلوا حجم هذه الإشكالية مع التجربة الأولى لن.
ولكن هذا لا يمنع من طرح موضوع مشاركة المرأة بقوة، فالمرأة كما أشار كثير من الكتاب والكاتبات هي صاحبة حق في المشاركة بالقرار في المجتمع، وهي في واقع الأمر معنية بدرجة كبيرة في موضوع الخدمات البلدية بالذات، فهي تؤثر وتتأثر بهذه الخدمات، ولعلي أضيف هنا أن المرأة ستكون حتى في هذه الدورة التي لا تشارك فيها بصورة مباشرة مؤثرة في التصويت، ولذا فإن من مصلحة المرشحين ألا يتجاهلوا وجودها وأن يخاطبوها خلال حملاتهم الانتخابية إن أرادوا زيادة فرصهم في النجاح.

 مستشار إعلامي



 نظام البلديات والقرى
لائحة تنمية وتطوير القرى بالمملكة

مطالب بتحديد سقف الدعاية الانتخابية لضمان عدم سيطرة بعض المرشحين على المجالس البلدية
الأمانات تتولى تنظيم الانتخابات ووزارة البلدية الإشراف المركزي
الترشيح في الانتخابات متاح لأعضاء الشورى والمناطق والمحافظات
ضوابط جديدة في لائحة تنظيم عمل المجالس البلدية
اللائحة الجديدة تحدد مكافآت الاعضاء وتنظم عمل المجالس البلدية
صدور لائحة انتخاب أعضاء المجالس البلدية بهدف توسيع المشاركة الشعبية
لائحة الانتخابات التفصيلية.. خلال أسبوعين
نجاح الانتخابات مرهون بالتصويت للمرشح على ضوء
أكاديميان يطالبان إعطاء المرأة حق التصويت والترشيح في الانتخابات البلدية
الانتخابات البلدية تقتصر على الذكور وتستثني العسكريين و7 مراكز انتخابية في المدن الكبرى
الانتخابات البلدية مرحلة لإعداد المواطن لمشاركة أكبر
الانتخابات البلدية ستشمل كل المدن والمحافظات السعودية