منذ ساعات

الملف الصحفي

نظام العقوبات يحتاج إلى إعادة نظر ليتناسب مع تطور الجريمة وتزايد «المخالفات»

جريدة الرياض السبت 3 ربيع الأول 1427هـ - 1 أبريل 2006م - العدد 13795

التراخي ليس حلاً والشدة في غير موضعها لا تحقق «الوعي المجتمعي»
نظام العقوبات يحتاج إلى إعادة نظر ليتناسب مع تطور الجريمة وتزايد «المخالفات»

تحقيق - سالم مريشيد
العقوبة أحياناً تكون رادعة.. وحيناً تكون بلا معنى.. ولا أثر لها إذا لم تكن متناسبة ومتساوية مع حجم الجرم الذي يرتكبه من تطبق بحقه العقوبة.
وهذا لا يعني أننا نطالب بالتشدد في العقوبات.. ولكننا نأمل أن تكون رادعة حتى لا نعطي الفرصة لمن يمارس المخالفات بالاستمرار فيها .. وتوالد المزيد من الممارسين لهذه المخالفات.. والخارجين عن القانون.. ومحترفي الإجرام والضحك على الناس.. وممارسة كل ألوان الكذب والتدليس.. لأن العقوبات التي ستنالهم حسب النظام ليست بالشدة الرادعة.. ولا تتجاوز غرامات متواضعة.. أو سجن لامزيد عن سنة.. وهي عقوبات في نظر بعض محترفي الإجرام لا قيمة لها مقابل ما يحصدونه من مكاسب من جراء أعمالهم المخالفة.. وتعطي الدافع لهم لارتكاب المزيد من المخالفات والإجرام؟!
شدة مبالغ فيها؟!
العقوبات التي نص عليها نظام المرور مؤخراً فيها الكثير من المبالغة والتشدد الذي لا مبرر له.. والذي لن يعالج المشكلة بقدرما تعالجها المتابعة والمراقبة والتواجد من رجال المرور في كل الطرقات لمنع المتهورين من ممارسة أذاهم للناس.. وتهديد أرواح البشر في الطرقات.
لا شك أن الحزم مطلوب بأقصى درجة مع المتهورين من المراهقين وصغار السن عند ضبطهم وهم يقودون سياراتهم بسرعة جنونية في الطرقات مما قد يؤدي إلى الإضرار بهم والإضرار بالآخرين من مستخدمي الطريق.. ومثل هؤلاء المراهقين يجب التشدد معهم في الغرامات.. وأيضاً في التوقيف.. ولكن بشرط ألا يعاملوا كمجرمين بحيث يمنعون حتى من الاتصال بأهلهم.. واخبارهم بما حدث لهم.. أو وضعهم في عنابر لا تتوفر فيها النظافة ولا أماكن الجلوس.
يقول المواطن هشام حداد: الهدف من التوقيف في نظام المرور في بعض المخالفات المرورية إلى جانب الغرامة المالية هو «قرصة أذن.. للمراهقين والمتهورين.. ولكن يجب ألا نعطي المعاقب إحساساً بأنه مجرم من خلال بعض الممارسات التي تتم في التوقيف كأن يحشر الناس بطرق غير لائقة وفي أماكن لا تتوفر فيها دورات المياه النظيفة، ويؤخذ من الشخص الموقوف جواله حتى يحرم من الاتصال الخارجي وبالدرجة الأولى بأسرته.. ويصل الأمر أحياناً إلى أن يقوم الجندي الذي في الغالب ربما لم يحصل على الشهادة الابتدائية بدفع الموقوفين إلى داخل عنابر التوقيف بطرق غير لائقة.. وبأسلوب استفزازي.. وقد أكد تصريح مدير مرور جدة أن الموقوفين بسبب السرعة فيهم مهندسون وأطباء وأساتذة جامعة .. بسبب تجاوزهم سرعة المائة كيلومتر أثناء قيادة سياراتهم.. وأعتقد أن مثل هذا الإجراء فيه شدة لا مبرر لها.. ومبالغ فيها.. فإذا ثبت أن الشخص الذي اتهم بالسرعة عاقل ومؤهل لسماع النصح والتوعية فيفترض أن يكتفي بالغرامة المالية فقط.. ويسجل ذلك في ملفه، فإذا كررها مرة أخرى يضاف للغرامة المالية التوقيف لساعتين أو ثلاث ساعات.. وهكذا تتضاعف العقوبة مع تكرار الخطأ.. ولكن ليس التوقيف من أول مرة وسحب السيارة والغرامة المالية بحدها الأقصى!!
المواطن وليد الذبياني قال: إنه تعرض للتوقيف بسبب السرعة التي كان يقود بها سيارته وأنا احترم هذا القرار من المرور لأنه ربما يكون فيه خير لنا.. ويحمينا من خطر السرعة.. رغم أنني لست من هواتها.. ولكن المشكلة أن تطبق بحقك عقوبة الغرامة المالية بحدها الأعلى وهو تسعمائة ريال.. ويتم سحب سيارتك بواسطة المرور.. ويتم نقلك إلى التوقيف في سيارة المرور كأنك مجرم وإيقافك داخل عنبر التوقيف لمدة أربع وعشرين ساعة ويسحب منك جوالك .. إلى درجة أنني لو لم أبادر لإخبار والدتي بأنني في توقيف المرور قبل وصولي لمكان التوقيف لما عرف أهلي مكان وجودي.. والأكثر إيلاماً وإيذاءً للمشاعر أن عنبر التوقيف لا يوجد فيه حتى مكان مناسب للجلوس.. وكأن الهدف من التوقيف هو تعذيب وإيذاء للمخالفين.. وليس تهذيب وتوعية.. والمفروض أن يتم التعامل مع الموقوفين بسبب المخالفات المرورية بصورة أرقى مما هي عليه الآن.. كأن يأتي أحد ضباط المرور خلال التوقيف ويلقي كلمة على الموقوفين.. ويعرض لهم فيلماً أو صور سلايد عن أضرار المخالفات المرورية.. وضحايا حوادث السيارات بسبب السرعة وغيرها.. وبعد ساعتين أو ثلاث يؤخذ تعهد من الموقوفين بعدم العودة للمخالفين وتوزع عليهم عصيرات.. أو حتى زجاجات بارد ثم يودعون من قبل ضباط المرور.. وأنا على ثقة أن مثل هذا الأسلوب من المعاملة لو حدث من قبل المرور سيكون له أثر أبلغ في نفوس المخالفين ولن يعود للمخالفات مرة أخرى.. بعكس ما سيكون عليه الأمر المتبع في الوقت الحاضر!!
عقوبة لا تتناسب مع حجم الجرم!!
في نفس الوقت الذي تطبق فيه عقوبة مالية وتوقيفية عالية جداً وصارمة جداً ومبالغ فيها جداً في حق المخالفات المرورية، رغم أن سببها الأول - أي هذه المخالفات - هو عدم توفر المتابعة والتواجد المكثف من قبل رجال المرور في الشوارع والطرقات في كل الأوقات.. وهذا ربما لا يكون بسبب تقصير من رجال المرور.. ولكن بسبب عدم تناسب عدد العاملين في مرور جدة مع حجم شوارع جدة.. واتساع المدينة.. فالمدينة التي توسعت خلال السنوات الأخيرة عشرات المرات.. لم يطرأ على عدد رجال المرور فيها أي زيادة تذكر .. ولهذا فإن المخالفات ستستمر بعد أن زادت أعداد السيارات في الشوارع واختنقت بها المدينة!!
أقول في نفس الوقت الذي تتعامل فيه بالتوقيف والغرامات المالية العالية مع المخالفات المرورية.. نجد جرائم أخرى لا تقابل بالعقوبات المناسبة لتلك الجرائم!!
المواطن سعود أحمد المطيري يقول إنه يشعر بالاستغراب عندما يقرأ في الجرائد أخبار المزورين الذين يتم القبض عليهم.. والعقوبات التي اتخذت بحقهم وهي غرامة ألف ريال.. والسجن لمدة عام في الغالب.. فهذا المزور الذي يرتكب أعمال التزوير يعتبر عمله جريمة.. لأن مثل هذه الأعمال قد تتيح لأشخاص خطرين.. ومجرمين عتاة وإرهابيين.. وقتلة، ولصوص الدخول للبلد وارتكاب أبشع الجرائم.. والتدليس على الجهات الرسمية بأوراق غير صحيحة.. كما أن هؤلاء المزورين قد يكونون هم أنفسهم من المجرمين الخطرين الذين ارتكبوا أعمال نصب وسرقات ومع هذا لا يمكن الاستدلال عليهم لأنهم يستخدمون أوراق مزورة.
ويضيف المواطن: غرامة الألف ريال والسجن لمدة عام أعتقد أنها عقوبة لا تتناسب مع حجم الجرائم التي يرتكبها هؤلاء المزورون.. وهي تعطي الفرصة للمزيد منهم لممارسة مثل هذه الجرائم التي تعود عليهم بالمئات من الألوف.. بينما لو تم ضبطهم ستكون عقوبتهم في الغالب غرامة ألف ريال، وسنة سجن يخرج بعدها ليستمتع بالأموال الطائلة التي حولها لبلاده من أعمال التزوير؟!
هوامير النصب
فجأة ظهرت صرعة توظيف الأموال وهوامير المساهمات الوهمية.. والتي تمكن عدد من محترفي النصب والتحايل من إيقاع الكثير من المغفلين والسذج فيها.. واستطاعوا من خلالها أن يحصلوا على المليارات التي اقتطعها الناس من قوتهم.. وبعضهم باع كل ما يملك من أجل الكسب السريع.. والثراء العاجل.. ليجدوا أنفسهم بعد ذلك يحصدون حلماً سرابياً لا وجود له بعد أن ضاع منهم كل شيء!!
المواطن علي متعب الغامدي قال: إن الذي ساعد في ظهور أكثر من نصاب.. وهامور توظيف الأموال والمساهمات الوهمية هو عدم الحزم في العقوبات المطبقة على المبتدعين لهذه الصرعات وأعمال النصب والتساهل في حقهم إلى درجة شجعت المزيد منهم للظهور وممارسة النصب على الناس الذين كانوا يحلمون بالثراء السريع!!
وقال: إن هذه الأموال التي أخذت من أيدي الناس بالنصب والاحتيال هي جزء من ثروة الوطن.. وجزء من الاقتصاد الوطني.. ويجب ألا نفرط في استردادها من هؤلاء المتلاعبين.. وهؤلاء النصَّابين.. وعملية الأخذ والرد التي تتم بحق هؤلاء في الواقع تساهم في الاضرار بشريحة كبيرة من الناس وتضر بهم.. وربما تتسبب في حدوث احتقان عند ضحايا عمليات النصب والاحتيال قد يكون له آثار غير محمودة.
المواطن حسن صالح الزهراني قال: إن تشديد العقوبات ضد هؤلاء النصَّابين.. ومعرفة أين ذهبوا بأموال الناس.. وإعادتها لأصحابها.. ومعرفة من يقف وراءهم.. ويساعد في إطالة إجراءات التحقيقات.. وكأن الهدف جعل الناس تصل إلى مرحلة اليأس من استرداد أموالها وحقوقها وشقاء عمرها.. وتطلب العوض من الله فيه.. رغم أن هؤلاء النصابين والمحتالين سلبوا من عباد الله مئات الملايين.. ويفترض أن يطالبوا بإعادتها.. لأنه لا يمكن أن تكون هذه الملايين تبخرت.. أو تحولت إلى ورق..
هل يحتاج نظام العقوبات إلى إعادة نظر؟!
الأستاذ خالد المطيري، صاحب مكتب استشارات أمنية قال: إن العقوبات التي ينص عليها النظام ضد بعض الجرائم مثل النصب والاحتيال.. وغسيل الأموال، والتزوير وغيرها من الجرائم يحتاج بلا شك إلى إعادة نظر.. وإعادة دراسة ووضع عقوبات رادعة وقوية تتناسب مع حجم هذه الجرائم التي تؤثر على أمن الوطن والمواطن اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً. وقال: يجب أن نتخذ من العقوبات في ديننا الإسلامي مصدراً لوضع العقوبات المناسبة لكل جريمة.. وكذلك الاستفادة من القوانين المطبقة في بعض البلدان على هذه الجرائم.. خاصة جرائم العصر الحديث كالتزوير وغسل الأموال، والنصب والاحتيال.. والشيكات التي بدون رصيد.. لأن جعل العقوبات مناسبة لحجم هذه الجرائم وضررها يجعل الناس ترتدع عن القيام بها.
المحامي نضال عطا: الموضوع على درجة من الأهمية، والواقع أن الكثير من الجرائم التي يمارسها البعض لا تجد العقوبات الرادعة لها.. ولهذا نجدها في ازدياد. ويضيف المحامي عطا: لا شك أن عدم قوة العقوبة يؤدي إلى عدم تأثيرها.. فالملاحظ أن الكثير من جرائم النصب والاحتيال التي ظهرت مؤخراً في مجتمعنا لم يكن لها أن تحصل لو كانت العقوبة رادعة.. فالنصاب والمحتال الذي أخذ حقوق الناس بالكذب والتدليس لا يختلف عن السارق.. والإسلام يعاقب السارق بقطع يده فلماذا لا تكون عقوبة النصابين والمحتالين مثل السارق حتى يرتدع كل من يحاول التفكير في النصب والاحتيال على عباد الله.. وأخذ أموالهم دون وجه حق.. ولو كانت العقوبة بهذه القوة فإن هذا سيمنع بشكل نهائي كل أعمال النصب والاحتيال التي زادت نسبتها مؤخراً في مجتمعنا.. وبأشكال لا تخطر على بال!! وقال المحامي عطا: لو شددت العقوبات على الجرائم التي تتعلق بأمن المجتمع فإن هذا سيؤدي للقضاء على الكثير من هذه الجرائم، وردع كل من يفكر فيها.. ومن الأمثلة على ذلك العقوبة ضد أصحاب الشيكات التي بدون رصيد.. فالعقوبة بغرامة مالية لا تتجاوز خمسة أو عشرة آلاف لا تتناسب مع حجم الضرر الذي يجده شخص أخذ شيكاً واكتشف أنه بغير رصيد.. والمفروض أن تكون العقوبة السجن، واتخاذ إجراء سريع ضد هؤلاء المحتالين من أجل استقرار التعامل التجاري وبث الثقة في التعامل بالشيكات.

نظام المرور
نظام غسيل الأموال
نظام المرور الجديد ... ينشر في الجريدة الرسمية
من مواده إلغاء عقوبة السجن وجمعية أهلية للتوعية ... «الشورى» يصوّت على نظام المرور الجديد
مجلس الشورى يناقش نظام المرور الجديد
مجلس الشورى ينهي مناقشة مشروع نظام المرور
الشورى يناقش الشيكات المرتجعة ومشروع نظام المرور
الشورى يناقش نظام المرور الجديد قريباً
نظام المرور الجديد أمام مجلس الشورى
نظام المرور.. هل سيضيف جديدا؟
تعديلات على نظام الجنسية ونظام المرور الجديد أمام مجلس الشورى
«الشورى» يناقش اليوم نظام المرور الجديد