منذ ساعات

الملف الصحفي

عمل المرأة في مجال القضاء والمحاماة

جريدة الاقتصادية الخميس, 21 محرم 1428 هـ الموافق 08/02/2007 م - العدد 4868

عمل المرأة في مجال القضاء والمحاماة

خالد أحمد عثمان - محام ومستشار قانوني
جاء في الأخبار الصحافية أن وزير العدل الدكتور عبد الله آل الشيخ صرح بأن وزارة العدل شكلت لجنة لدراسة تأهيل المحامية وتدريبها في مكاتب المحاماة، إضافة إلى إصدار تراخيص لها، موضحا (وجود صعوبة تواجه بعض النساء في السعودية في الوصول إلى المحاكم أو التعبير أمام القاضي) معتبرا ذلك "واقعا موجودا".
ونظرا إلى الارتباط الوثيق بين مهنة المحاماة والقضاء، فقد يكون من الملائم أن نسلط بعض الضوء على موقف الفقه الإسلامي من تقلد المرأة منصب القضاء، ثم نتناول في عجالة مسألة السماح للمرأة السعودية بممارسة مهنة المحاماة.
فأقول وبالله التوفيق ما يلي:
أولا: لقد اختلفت اتجاهات المذاهب الفقهية الإسلامية حيال تولي المرأة مهمة القضاء، إلى ثلاثة آراء، نوجزها على النحو التالي:
1- اشترط المالكية والشافعية والحنابلة أن يكون القاضي رجلا فلا يصح تولية الصبي ولا المرأة القضاء وحجج أصحاب هذا الاتجاه عديدة، أبرزها أنه لا يجوز أن تكون المرأة إماما، وبالتالي لا يجوز لها تولي مهمة القضاء، لأنه من مهمات الإمامة.
2- يرى الحنفية أنه يجوز تولي المرأة مهمة القضاء فيما عدا الحدود والقصاص إذ لا تقبل شهادتها فيها فلا يصح قضاؤها بالأولى فيها.
3- الرأي الثالث هو رأي ابن جرير الطبري إذ أجاز أن تتولى المرأة مهمة القضاء في كل شيء يجوز للرجل أن يقضي فيه وقاسه على جواز إفتائها.
تلكم باختصار شديد آراء المذاهب الفقهية الإسلامية بشأن تقلد المرأة منصب القضاء.
وفي الفقه المعاصر اختلفت الآراء إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية نوجزها كما يلي:
1- يرجح العديد من الفقهاء المعاصرين الرأي القائل إن (الذكورة) شرط جواز وصحة بالنسبة لمن يتولى القضاء.
2- يرى الشيخ يوسف القرضاوي أنه لم يرد في قضية اشتغال المرأة بالقضاء نص قطعي الثبوت أو الدلالة ولا إجماع كامل، ومن ثم أصبحت هذه المسألة في المنطقة المفتوحة لا المغلقة التي تحكمها ظروف كل مجتمع وكل عصر إلا أنه اشترط ثلاثة شروط لتولي المرأة مهمة القضاء، فالشرط الأول ألا تتولى المرأة القضاء إلا بعد أن تنضج وتبلغ السن الذي تيأس فيها من المحيض حتى لا تكون عرضة للاضطرابات النفسية والمتاعب الجسمانية التي تصاحب الحيض والحمل. والشرط الثاني وجود المجتمع البالغ من التطور الاجتماعي درجة تسمح له بقبول هذا الأمر، والشرط الثالث وجود الحاجة إلى تقليد المرأة منصب القاضي.
3- يذهب الرأي الثالث إلى القول إن اختلاف الآراء الفقهية يفتح للمسلم الاختيار بينها والأخذ من أي منها ما يراه أقرب إلى ظروف الحياة المعاصرة، ومن ثم فلا مانع من تقلد المرأة منصب القاضي. ويزكي بعض أصحاب هذا الاتجاه رأيهم بالاستناد إلى المواثيق الدولية التي تقرر المساواة الكاملة للمرأة مع الرجل في كل الحقوق بما فيها حق تولي الوظائف العامة، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 34/180 المؤرخ 18 كانون الأول (ديسمبر) 1979م. ولعل من تمام الإحاطة بهذا الشأن أن أشير إلى وثيقة دولية لم يشر إليها أصحاب هذا الاتجاه وهي الوثيقة المسماة (المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية) التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقراريها رقم 40/32 المؤرخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1985، ورقم 40/146 المؤرخ 13 كانون الأول (ديسمبر) 1985، التي تنص على (أن يكون من يقع عليهم الاختيار لشغل الوظائف القضائية أفرادا من ذوي النزاهة والكفاءة وحاصلين على تدريب أو مؤهلات مناسبة في القانون).
كما تنص على أنه (لا يجوز عند اختيار القضاة أن يتعرض أي شخص للتمييز على أساس العنصر أو اللون أو الجنس..) كما قررت هذه المبادئ أنه لا يعتبر من قبيل التمييز الاشتراط في المرشح للوظيفة القضائية أن يكون من رعايا البلد المعني.
ولقد أجازت قوانين تسع دول عربية تعيين المرأة في منصب (القاضي) وهذه الدول هي: سورية، لبنان، الأردن، اليمن، السودان، تونس، المغرب، الجزائر، والعراق. وفي 18 كانون الثاني (يناير) 2007، نشرت جريدة "الأهرام" المصرية خبرا مفاده أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في مصر أعلن أنه سيتم البدء في تعيين المرأة في سلك القضاء خلال أيام معدودات.
ثانيا: أما بالنسبة إلى عمل المرأة في مجال المحاماة، فإنه تحسن الإشارة في البداية إلى أن مهنة المحاماة تتكون من جانبين، الجانب الأول هو العمل الاستشاري أي تقديم الاستشارات القانونية والشرعية للعملاْء. والجانب الثاني هو المرافعة أو الدفاع عن الخصوم أمام المحاكم والهيئات واللجان القضائية. بالنسبة إلى الجانب الاستشاري فإنه يجوز شرعا للمرأة مزاولته قياسا على جواز إفتائها. فالفقه الإسلامي أجاز فتيا المرأة شرط أن تكون المفتية من النساء على علم بما تفتي فيه. كذلك يجوز لها القيام بأعمال المرافعة أمام المحاكم والهيئات القضائية لأنه تجوز لها المرافعة والدفاع عن نفسها في أي قضية تتعلق بها شخصيا وبالتالي تجوز لها النيابة عن غيرها في المرافعة. يضاف إلى ذلك أن نظام المحاماة السعودي اشترط فيمن يزاول مهنة المحاماة أن يكون سعودي الجنسية، وهو شرط قد ورد مطلقا دون أن يفرق بين الرجل والمرأة، وتبعا لذلك فإنه يجوز نظاما للمرأة مزاولة مهنة المحاماة إذا توافرت لديها المؤهلات المطلوبة نظاما. ولعل من المناسب هنا أن أشير إلى أن مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في العاصمة الكوبية (هافانا) من 27 آب (أغسطس) إلى 7 أيلول (سبتمبر) 1990 قد اعتمد (مبادئ أساسية بشأن دور المحامين) وقد نصت هذه المبادئ على أن (تكفل الحكومات والرابطات المهنية للمحامين والمؤسسات التعليمية عدم خضوع أي شخص يريد دخول مهنة المحاماة أو الاستمرار في ممارستها، للتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس.). كما نصت هذه المبادئ على أن (شرط كون المحامين من رعايا البلد المعني لا يعتبر تمييزا).
ومن ناحية أخرى، أقول إن المحاماة بمعناها الفني الدقيق مهنة حديثة في بلادنا وكانت إلى عهد قريب شيئا غير ذي بال ولا تزال تحتاج إلى بعض الوقت حتى تترسخ أهميتها وتقاليدها وآدابها. ولذلك فإنه لكي تستطيع المرأة مزاولة هذه المهنة بشكل لائق وسليم لا بد أن توضع الضوابط والترتيبات التي تراعي الأوضاع الاجتماعية وتتناسب مع فطرة المرأة وطبيعة تكوينها وتتلاءم في الوقت نفسه مع طبيعة مهنة المحاماة عمل شاق للاضطلاع بمتاعب الآخرين. وعلينا أن ننتظر نتائج عمل اللجنة التي شكلتها وزارة العدل لدراسة هذا الشأن.

محام ومستشار قانوني
جدة – فاكس 6557888

 

نظام المحاماة
المرأة السعودية ... محامية أم مجرد مستشارة؟
دورة لتطوير أداء محاميات جدة
آل الشيخ: عمل المرأة في سلك المحاماة يقتصر على الاستشارات
العدل تدرس طلب تأهيل المحاميات والمستشارات القانونيات
نائب رئيس "حقوق الإنسان": عمل المرأة في القانون عبر الحكومة الإلكترونية أجدى من المرافعات في المحاكم
نعيش حالة انفصام.. ولا عائق نظامياً أمام «المرأة المحامية»
السعوديات يطالبن بممارسة المحاماة!
باحثة يمنية تطالب بإنشاء شركات محاماة نسائية في السعودية
إقامة مكاتب محاماة نسائية تحت الدراسة
تشكيل المرأة لـ 50% من المجتمع السعودي يجعل وجود المحاميات ضرورة ملحة