منذ ساعات

الملف الصحفي

تأجيل سعودة «الليموزين» قرار في محله

جريدة الاقتصادية الاثنين 12 محرم 1426هـ - 21 فبراير 2005م – العدد 4151

تأجيل سعودة «الليموزين» قرار في محله

د. عبد الرحمن محمد السلطان
لا يخفى على أحد أن ظروف العمل التي يخضع لها سائقو سيارات الليموزين غير مقبولة ومفصلة لتناسب العمالة الأجنبية وحدهم دون غيرهم، وما لم تتغير تلك الظروف فلن يكون هناك عدد كاف من المواطنين يقبلون العمل في هذا النشاط حتى ولو أجلنا تنفيذه عشرات السنين وليس ثلاث سنوات فقط.
قرار وزارة العمل بتأجيل تنفيذ قرار سعودة الليموزين بسبب عدم وجود عدد كاف من السعوديين يقبلون العمل سائقي ليموزين قرار في محله طالما أن الهدف هو سعودة وظائف سائقي شركات الليموزين وليس سعودة نشاط النقل الخاص. أما إن كنا نستهدف سعودة نشاط النقل الخاص، فإن عدم قبول العامل السعودي للعمل بنفس بيئة وشروط العمل التي يقبل بها العامل الأجنبي لا يعني بالضرورة عدم وجود عمالة سعودية كافية مستعدة للعمل في هذا النشاط.
ولا يخفى على أحد أن ظروف العمل التي يخضع لها سائقو سيارات الليموزين غير مقبولة ومفصلة لتناسب العمالة الأجنبية وحدهم دون غيرهم، وما لم تتغير تلك الظروف فلن يكون هناك عدد كاف من المواطنين يقبلون العمل في هذا النشاط حتى ولو أجلنا تنفيذه عشرات السنين وليس ثلاث سنوات فقط.
قبل فترة ركبت سيارة ليموزين سائقها باكستاني الجنسية، ووجدتها فرصة للتعرف منه مباشرة على أسلوب التوظيف الذي يخضع له. ذكر لي في معرض حديثه أنه يقود تلك السيارة بالتناوب مع زميل آخر على مدار أربع وعشرين ساعة، ولا يتقاضيان أي راتب من الشركة ويتحملان تذاكر سفرهما ورسوم الإقامة ورخصة العمل ومسؤولان عن كافة مصروفات السيارة وتؤول ملكيتها لهما بعد استكمال خمس سنوات، وعلاقتهما بالشركة تكاد تقتصر على توريد مبلغ 110 ريالات يومي. أي أن ما يسمى تجاوزا ''شركة ليموزين'' لا يعدو في الواقع كونه شخص حصل على ترخيص بعدد من سيارات الليموزين، قام بموجبه بشراء سيارات بالتقسيط، سلمها لعمالة تشغلها بالتستر لحسابها الخاص، يسدد أقساطها من الأتاوة التي يفرضها على تلك العمالة، ويحتفظ بالباقي كأرباح. ثم يأتينا من ينوح على استثمارات بمليارات الريالات ستهدر وتتسبب في خسائر فادحة للوطن إن نحن طبقنا قرار السعودة، رغم أن كل ما في الأمر تصريح وسيارات مستهلكة مملوكة جزئيا أو كليا للعمالة الأجنبية التي تشغله.
وتقدر استثمارات السعوديين في الخارج بما يزيد على 800 مليار دولار، وتعتبر التدفقات النقدية السعودية إلى دبي خلال العامين الماضيين واحدا من أهم مصادر تمويل نهضتها الهائلة، إلا أن ذلك لا يثير الاهتمام نفسه الذي يثيره تهديد أجوف يطلقه بعض باعة الذهب بالانتقال إلى دبي إن أجبروا على السعودة. ونجد من يتباكى عليهم، لعدم إدراكنا أن إغلاق بعض المحلات أو انتقالها للخارج أمر مطلوب وبإلحاح إن كان لسعودة أسواق الذهب أن تنجح.
لذا فعدم استيعابنا التغييرات الهيكلية الجذرية المطلوبة في النشاط المستهدف نتيجة لتطبيق قرار سعودته، يمثل واحداً من أهم عوائق نجاح جهود سعودة القطاع الخاص. حيث نعتقد أن وضعاً قائماً في قطاع مستهدف للسعودة يجب أن يستمر كما هو دون تغيير، وأن التغيير الوحيد المطلوب هو فقط استبدال بالعمالة الأجنبية عمالة سعودية، وفيما عدا ذلك يبقى كل شيء على ما هو عليه. وفي حال وجود حاجة لحدوث تغيير هيكلي أساسي في النشاط لكي تنجح سعودته، فإنا نتراجع مباشرة عن تنفيذ القرار، ونخلص إلى عدم جاهزية هذا النشاط للسعودة ونظل ندور في حلقة مفرغة دون تقدم، بينما قد يملك القرار كل مقومات النجاح إلا أن تطبيقه سيحدث تغييراً هيكلياً لم ندركه ولم نستوعبه.
وفي هذا السياق فإن قرار سعودة الليموزين لا يعني مجرد قيام شركات الليموزين باستبدال بالسائق الأجنبي آخر سعوديا وفيما عدا ذلك يبقى كل شيء آخر على وضعه السابق، بما في ذلك أسلوب العمل وطبيعة العلاقة مع السائق وساعات العمل اليومية وعدد الشركات المقدمة للخدمة، وعلينا أن ندرك أن السعودة يجب أن تكون لخدمة النقل الخاص وليس لشركات الليموزين، فهي بوضعها الحالي غير قابلة للسعودة مطلق.
ونشاط النقل الخاص في الواقع هو من بين أكثر الأنشطة الخدمية امتلاكا لفرصة نجاح سعودته، إلا أنه سيترتب على ذلك تغيير هيكلي جذري في أسلوب تقديم الخدمة بما في ذلك إمكانية خروج ما يسمى بشركات الليموزين من السوق بشكل كامل، وتصبح الخدمة مقدمة من قبل مواطنين يعملون لحسابهم الخاص، تماما كما كان عليه الحال قبل الترخيص لتلك الشركات. وهو خيار مناسب جدا في الوقت الحالي باعتبار أن الحاجة التي استدعت الترخيص لتلك الشركات والسماح لها باستقدام عمالة أجنبية لتقديم خدمة النقل الخاص قد انتفت تماماً بوجود مواطنين في أمس الحاجة للحصول على تلك الوظائف. أو أن تندمج شركات النقل الخاص الحالية في شركة واحدة فقط تتيح لها اقتصاديات الحجم الكبير القدرة على توظيف السائق السعودي وفق ظروف عمل مقبولة بأجر مناسب وبساعات عمل محددة. مع كل ما سيترتب على ذلك من تغيير في أسلوب تقديم الخدمة بما في ذلك ألا يكون هناك سيارات نقل خاص تجوب شوارع مدننا ليل نهار تبحث عن راكب، ويصبح تقديم الخدمة بشكل مماثل للدول الأخرى بما في ذلك طلب الحصول على الخدمة من خلال اتصال هاتفي.
وعلينا أن نقيس على ذلك كافة التغييرات الهيكلية المطلوبة في قطاعات اقتصادنا الأخرى نتيجة سعودتها، وألا نفترض مطلقا أن وضعاً قائماً سيبقى على حاله في ظل السعودة. فسعودة الأسواق التجارية - على سبيل المثال - ممكنة بشرط ألا نصدم عندما نكتشف استحالة استمرار وجود عشرات البقالات في شارع واحد وأن معظمها سيختفي لترتفع ربحية من يتبقى منها في السوق لتصبح أقدر على توظيف العمالة السعودية برواتب مجزية مقبولة. أو أن نصاب بالإحباط عندما نرى استحالة استمرار فوضى ساعات عمل منشآت القطاع الخاص التي تمتد أحيانا إلى 16 ساعة يوميا، وأن هناك ضرورة ملحة لتقليص ساعات العمل اليومية لمختلف الأنشطة كل بحسب طبيعته أسوة بما هو قائم في معظم دول العالم. لا أن نعتبر أيا من ذلك مؤشرا واضحا ودليلا قاطعا على عدم إمكانية سعودة هذا النشاط أو ذاك ونؤجل تنفيذ قرارات السعودة مرة تلو الأخرى.

 "العمل" تتراجع عن السعودة الكاملة لقطاع الأجرة
1200 سعودي يرفعون مذكرة إلى الجهات العليا ضد قرار تمديد «سعودة» الأجرة العامة
بدء العد التنازلي لتنفيذ قرار سعودة الأجرة العامة في محرم المقبل
الأمير نايف يوجه أمراء المناطق والوزراء بتفعيل قرار سعودة نشاط سيارات الأجرة العامة
الأمير نايف يوجه بتفعيل قرارات سعودة نشاط سيارات الأجرة العامة

ملاك شركات في جدة يبحثون اليوم سعودة سائقي الأجرة
ملاك السيارات الأجرة يتخوفون من خسائر ضخمة نتيجة تطبيق قرار السعودة

وقف تجديد بطاقات سائقي الليموزين الأجانب في محرم
الشروط التعجيزية وراء تعثر سعودة الليموزين
معوقات سعودة قطاع (الليموزين) في بلادنا والحلول
سعودة الليموزين بالملاك السائقين
ملاك الليموزين يطالبون بنظام عقد موحد للتعاقد مع السائق السعودي
سيارات الأجرة الخاصة ( الليموزين )