منذ ساعات

الملف الصحفي

معوقات تطبيق نظام التأمين الصحي التعاوني والحلول

جريدة الاقتصادية السبت 1425-12-18هـ الموافق 2005-01-29م العدد 4128

معوقات تطبيق نظام التأمين الصحي التعاوني والحلول

طلعت زكي حافظ
المخرج الوحيد من مأزق تأخر تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني بالشكل المطلوب وبالسرعة المنشودة، يتطلب فتح سوق التأمين للمنافسة العالمية لشركات عملاقة مشهود لها بالقدرة المالية والخبرة الفنية الطويلة في مجال تقديم خدمات التأمين الصحي.
من بين أبرز التحديات التنموية التي تواجهها الحكومة السعودية في الحاضر وفي المستقبل، التعامل مع النمو المطرد والطلب المتزايد على خدمات الرعاية الصحية، نتيجة للزيادة المطردة في عدد السكان من جهة، وما يصاحب هذه الزيادة من ارتفاع كبير في مستوى الوعي لدى المواطنين، والتغير في نمط الأمراض من جهة أخرى. مشكلة الطلب المتنامي على خدمات الرعاية الصحية في السعودية، قابلها ارتفاع مماثل في المتطلبات المالية اللازمة للتوسع في إنشاء المرافق الصحية، بما في ذلك إعداد الكوادر الصحية الوطنية المؤهلة للتعامل مع هذا التوسع، الأمر الذي فرض الحاجة إلى الاستغلال الأمثل للموارد الصحية المتاحة لخدمة هذا الطلب المتنامي على خدمات الرعاية الصحية. تنبها من الحكومة السعودية لأهمية التعامل مع الطلب المتنامي على خدمات الرعاية الصحية في المملكة، وما يتبع ذلك من الحاجة للتوسع في حجم النفقات الصحية وحجم الاعتمادات المالية المطلوبة لتمويل ذلك التوسع، اتبعت الحكومة العديد من الخطوات التنظيمية والإدارية، التي من شأنها أن تساعد على توفير الأموال اللازمة لمواجهة التوسع المطلوب في خدمات الرعاية الصحية التي تقدم للمواطنين وللمقيمين على حد سواء، التي لعل من بين أبرزها وأهمها، إقرار تطبيق نظام التأمين الصحي التعاوني في المملكة، بموجب المرسوم الملكي رقم م/10 الصادر في الأول من جمادى الأولى 1420هـ، والذي تضمنت مادته الأولى، ضمان توفير الرعاية الصحية لجميع المقيمين غير السعوديين في المملكة، مع إمكانية تعميم هذه التجربة علي المواطنين السعوديين في المستقبل، ويرجع سبب اعتماد أسلوب التدرج في التطبيق، نتيجة لحداثة النظام من جهة، وبهدف إعطاء الفرصة والوقت الكافي للقطاع الخاص من جهة أخرى لتأسيس شركات تأمين تعاوني مؤهلة للقيام بأعباء الضمان الصحي التعاوني في البلاد. وتأتي إجازة هيئة كبار العلماء في المملكة، للتأمين الصحي التعاوني، مساندة لتطبيق النظام، باعتبار أن هذا النوع من التأمين يعد من بين عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والاشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث، عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، حيث إن جماعة التأمين لا يستهدفون تجارة ولا ربحا من أموال غيرهم، وإنما يقصدون توزيع الأخطار فيما بينهم والتعاون على تحمل الضرر. امتداد لجهود الدولة الرامية إلى تفعيل تطبيق نظام التأمين التعاوني في البلاد بالسرعة المطلوبة، أنشأت الحكومة مجلسا للضمان الصحي التعاوني، كهيئة حكومية مستقلة، للإشراف على تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني في السعودية، تقع تحت تخصصاته وتندرج تحت مسؤولياته، إعداد مشروع اللائحة التنفيذية للنظام، إضافة إلى إصدار القرارات اللازمة لتنظيم ممارسة أعمال التأمين في السوق السعودية، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، تحديد مراحل التطبيق، وتحديد أفراد الأسرة المشمولين بالضمان وكيفية ونسبة مساهمة كل من المستفيد وصاحب العمل في قيمة الاشتراك في الضمان الصحي التعاوني، بالإضافة إلي تأهيل شركات التأمين التعاوني للعمل في مجال التأمين الصحي التعاوني، واعتماد المرافق الصحية المؤهلة لتقديم خدمات الضمان الصحي التعاوني، وتحديد المقابل المالي لتأهيل شركات التأمين للعمل في مجال التأمين الصحي التعاوني. على الرغم من جهود الدولة الحثيثة وحرصها الشديد على تطبيق نظام التأمين الصحي التعاوني وفق اللوائح التي صدرت عن مجلس النظام، إلا أن هذه الجهود اعترضتها العديد من الصعوبات والتحديات والمعوقات، التي حالت دون التطبيق وفقما هو مخطط ومرسوم له على الأقل من حيث الالتزام بالجدول الزمني المحدد لذلك، التي لعل من بين أبرزها وأهمها، وفقما ورد في حوار صحافي أجرته ''الاقتصادية'' في عددها 4046 مع الدكتور راشد الحميد أمين عام مجلس الضمان الصحي التعاوني، عدم نظامية معظم شركات التأمين العاملة في السوق السعودية، إضافة إلي غياب الرقابة في مجال التأمين، مؤكدا في هذا الخصوص، أن عدم تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني حتى الآن يعود لعدم وضوح الرؤية بشكل كامل حول التعامل مع التحديات التي تحيط بتطبيق النظام، وأيضا التي تحيط بسوق التأمين السعودية، موضحا في هذا الخصوص، أن هناك دراسات تجري حاليا لوضع الخطط الوقائية اللازمة لتلافي تلك الصعوبات والعوائق ومحاولة ولادة النظام في ظروف صالحة لتطبيقه على أفضل وجه. ضعف البنية التحتية التشريعية والتنفيذية لسوق التأمين السعودية في رأيي من بين أبرز المعوقات التي واجهت تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني في البلاد، إضافة إلي محدودية عدد شركات التأمين المسجلة فيه، حيث لا يزال سوق التأمين في المملكة صغيرة ومتواضعة جدا من حيث الحجم، ولعل ما يؤكد على صحة ذلك أن جميع الشركات المسجلة في السوق تعمل بشكل غير نظامي ما عدا شركة واحدة، الأمر الذي عرقل بشكل كبير الخطوات المرتبطة بتفعيل تطبيق النظام بالشكل المأمول والمنشود. باعتقادي أن المخرج الوحيد من مأزق تأخر تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني بالشكل المطلوب وبالسرعة المنشودة، يتطلب فتح سوق التأمين للمنافسة العالمية لشركات عملاقة مشهود لها بالقدرة المالية والخبرة الفنية الطويلة في مجال تقديم خدمات التأمين الصحي، ولا سيما وأن مثل هذا التوجه يتفق تماما مع متطلبات انضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية، وفق اتفاقية تحرير الخدمات التي تندرج تحتها خدمات التأمين كأحد أفرعها الرئيسية، والتي تعرف باتفاقية (الجاتس). في رأيي أيضا أن التسريع في تطبيق نظام التأمين الصحي التعاوني، يتطلب رفع مستوى الوعي التأميني داخل المجتمع السعودي، لكون التأمين بشكل عام والتأمين الصحي بشكل خاص، يعتبر نشاطا جديدا وحديثا بالنسبة للمملكة، كما أنه لا تزال تشوبه وتحيط به بعض المورثات الاجتماعية والتحفظات الدينية، حول أهميته وضرورة الحاجة إليه، في ظل إطار تركيبة اجتماعية للمجتمع السعودي بنيت في الأساس على مبدأ التكافل والتعاون والترابط الاجتماعي القوي. آخرا وليس أخيرا، باعتقادي أن التسريع من خطوات تطبيق التأمين الصحي التعاوني في البلاد، يتطلب سرعة إعداد الكوادر والكفاءات الفنية والإدارية الوطنية القادرة على ممارسة أعمال التأمين بمفهومه الحديث المتطور.خلاصة القول، إن النهضة الحضارية الشاملة، التي تعيشها المملكة العربية السعودية، بالذات على المستوى الصحي، ووجود عدد كبير من العمالة الأجنبية في السعودية، إضافة إلي ارتفاع معدل النمو السكاني وارتفاع مستوى وتكاليف الخدمات الصحية ونمو الطلب عليها عاما عن عام في البلاد، كل هذه الأمور مجتمعة وغيرها، فرضت الحاجة إلى استحداث نظام للضمان الصحي التعاوني في المملكة، يساعد إلى حد ما على المساهمة في ارتفاع تكاليف خدمات الرعاية الصحية، وتخفيف العبء المالي بقدر الإمكان عن خزانة الدولة بسبب قلة الموارد المتاحة والحاجة إلي ترشيد الإنفاق، ولكن وعلى الرغم من استحداث ذلك النظام منذ فترة طويلة من الزمن، وإقرار لوائحه التنفيذية، إلا أن تفعيل تطبيقه بالشكل الذي يرقي إلى التطلعات ويحقق طموحات الدولة والمواطن على حد سواء، لم يتحقق حتى يومنا هذا، نتيجة للعديد من الصعوبات والمعوقات والتحديات التي اعترضت طريق التنفيذ، الأمر حدا بوزارة الصحة السعودية، أن تضع سرعة تنفيذ النظام، ضمن أولويات استراتيجياتها ومهامها ومسؤولياتها الصحية، والذي بدوره من وجهة نظري سيساعد على تفعيل التطبيق بالسرعة المطلوبة والدقة المنشودة، الأمر الذي سيعود بالنفع الصحي والاقتصادي الكبير على جميع أفراد المجتمع السعودي بما في ذلك الأجانب، والله من وراء القصد.

النظام الصحي
التأمين الصحي الإلزامي على المواطنين بعد 3 سنوات
تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني على المواطنين السعوديين العاملين لدى الشركات والمؤسسات الخاصة
التأمين الصحي ليس إلزامياً على المواطنين و7 شركات مؤهلة
التأمين الصحي إلزامي على المقيمين والسعوديين العاملين بالقطاع الخاص
تطبيق نظام التأمين الطبي على المقيمين مطلع العام الهجري
تأجيل تطبيق التأمين الإلزامي الطبي لغير السعوديين
وثيقة ضمان صحي موحدة تلزم القطاع الخاص بالتأمين الطبي على جميع العاملين الأجانب في السعودية