جريدة الرياض - الثلاثاء 15 جمادي الآخرة 1443هـ  - 18 يناير 2022


منذ ساعات

جريدة الرياض

الملف الصحفي

مملكة الإنسانية تستكمل نظام كبار السن

جريدة الرياض - الثلاثاء 15 جمادي الآخرة 1443هـ - 18 يناير 2022

أكد لـ"الرياض" عدد من الحقوقيين على أن صدور نظام حقوق كبير السن تأكيد على مبدأ مملكة الإنسانية والحرص على الإنسان السعودي في مختلف مراحل حياته العمرية، وأن هذا التوجه يندرج ضمن مسيرة الإصلاحات القانونية وجهود المملكة نحو استكمال المنظومة التشريعية وأن جميع قضايا المجتمع تنال الأولوية.
وقال د. هادي اليامي -عضو مجلس الشورى رئيس لجنة حقوق الانسان-: إنه وبوتيرة متسارعة تتواصل مسيرة الإصلاحات القانونية وجهود الدولة نحو استكمال المنظومة التشريعية، والتي قطعت شوطاً بعيداً، وأحدث خطوة في هذا الصدد هي ما أعلنه مجلس الوزراء بالموافقة على نظام حقوق كبير السن ورعايته، بما يؤكد مرة أخرى اهتمام الدولة بكافة شرائح المجتمع، وأن التحديثات لا تركز فقط على مجرد القوانين ذات الطابع الاقتصادي، بل إن القوانين التي تتعلق بقضايا المجتمع تنال الأولوية، وذلك لإيجاد مجتمع سليم ومعافى يكون أفراده قادرين على تشكيل الإضافة المطلوبة، ومن ثم الانطلاق نحو تحقيق الأهداف العليا.
يهدف إلى نشر التوعية والتثقيف بالحقوق.. ويمنع التجاوزات
توعية وتثقيف
وأوضح د. اليامي أن النظام الذي صدر تمت مناقشته في مجلس الشورى والتصويت عليه بعد إجراء حوار تفاعلي إيجابي بين مجلسي الوزراء والشورى للخروج بأفضل صيغة لإجازته، وهو يعد إضافة مقدرة لمنظومة القوانين السعودية، لأنه يتعلق بفئة غالية على نفوسنا جميعاً، وهي أحوج ما تكون إلى الرعاية والاهتمام، حيث جاء مؤكداً على حق كبير السن في العيش مع أسرته التي تقوم على حمايته، ورعايته، وتشبع احتياجاته، وتحافظ على صحته الجسمية والنفسية والاجتماعية، ليس فقط من قبل الأسرة والعائلة، بل أيضاً من جانب الجهات الرسمية المختصة مثل دور الإيواء وغيرها، ولا يخفى علينا أن حقوق كبار السن تعني تمكينهم من الحقوق الأساسية التي كفلها لهم القانون، فكونهم بلغوا سناً متقدمة فإن ذلك لا يعني انتهاء دورهم في الحياة، ومن ثم إهمالهم وتجاهل احتياجاتهم، مشيراً إلى أن النظام يهدف إلى نشر التوعية والتثقيف المجتمعي ببيان حقوق كبار السن؛ لأجل احترامهم وتوقيرهم، وتوفير معلومات إحصائية موثقة عن كبار السن؛ للاستفادة منها في إجراء الدراسات والبحوث ذات العلاقة بهم، والمساعدة في وضع الخطط والبرامج.
مصدر دخل
ولفت د. اليامي إلى حرص المملكة على صون وحماية كبار السن، وضمنت ذلك في قوانينها منذ فترة طويلة، واتخذت التدابير الفعالة لحماية حقوقهم، والتي تشمل الرعاية بجميع أنواعها الصحية والنفسية والاجتماعية، والحصول على ما يكفي من الغذاء والمأوى، وتوفير مصدر دخل لهم، وتمكينهم من الاستفادة من جميع الموارد المتاحة، وضمان الأمن والكرامة والتقدير والمعاملة الحسنة، لذلك فإن القانون الجديد لا يعني بأي حال من الأحوال أن المملكة كانت تهمل كبار السن، لكنها خطوة في إطار المزيد من التجويد والتحديث ومسايرة الاحتياجات التي تتعدد في هذا العصر والذي تغيرت فيه الأولويات، لذلك يتم التركيز على ضمان وجود خمسة مبادئ رئيسة هي الاستقلالية، والمشاركة، والرعاية، وتحقيق الذات، والكرامة، لافتاً إلى أن المنظومة القانونية في المملكة تشهد تطوراً متواصلاً وتسابق العصر لأجل الإيفاء بكافة الاحتياجات، وما شهدناه في هذا العصر الزاهر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وعضيده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- كفيل بأن يجعل المملكة
في طليعة الدول التي تتبع المؤسسية والحاكمية، وتقدم في كل يوم إضافة جديدة، وتنعكس إيجاباً على حماية حقوق الإنسان.
حفظ الحقوق
وقدّم خالد الفاخري -عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان- الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده -حفظهما الله- على موافقتهم على نظام حماية كبار السن ورعايتهم وهو ما يجسد حرص القيادة على هذه الفئة وتوفير الحياة الكريمة لهم في مجتمع يدعم حقوق الجميع ورعاية دولة لجميع مواطنيها، معتبراً هذا النظام ضمن منظومة الأنظمة الإنسانية التي أصدرتها المملكة وأنه سيساهم في الحفاظ على حقوق كبار السن وتمكينهم من حقوقهم، ودليل على تلمس المملكة لاحتياجات الأفراد فيها بما يكفل لهم من عدم تعرضهم للتجاوزات، مضيفاً أن كثيراً من القصص كانت شاهداً على ما تعرضوا له من الضغوطات، خاصةً من ذويهم، وذلك عندما ضعفت قدرتهم وأصبحوا غير قادرين على تحديد مصيرهم، وتم استغلال هذه الثغرة للتخلي عنهم وعن متابعتهم صحياً والصرف المالي عليهم، مؤكداً على أن النظام لم يغفل فئة عن فئة بل شملت هذه التشريعات جميع أفراد المجتمع كبارهم وصغارهم نسائهم ورجالهم، وبالتالي يمكن وصفها بسلسلة التشريعات التي سيكون أثرها كبير على أرض الواقع لكبار السن وسيساهم في تمكينهم لحقوقهم بشكل أكبر والقضاء على التجاوزات في التعامل معهم والتي قد تعيقهم عن ممارسة حقوقهم.
منع التجاوزات
وذكر الفاخري أنه لا يجب أن تفرض الأمور على كبار السن بالقوة، فكبير السن له الحق في تحديد مصيره، والأنظمة في المملكة حرصت على التأكيد على ذلك، وهو في جميع مراحل حياته يحتاج للدعم الصحي والنفسي والمعيشي، مضيفاً أن النظام سيساهم في الحد من تخلي البعض عن مسؤولياتهم ووضع كبير السن سواء أب أو أخ أو أم وأخت في دور الرعاية وتركهم يواجهون مصيرهم بدون وجود بيئة أسرية يشعر فيها بالحب والحنان؛ لأن مثل هذا التخلي يخلق له أضراراً نفسية قد تتفاقم معه حالته العامة، ولكن هذا النظام سيمنع دخوله لهذه الأماكن إلاّ من خلال أمرين موافقته الشخصية، أو أن يكون شخصاً فاقداً للأهلية وعاجزاً عن تحديد مصيره لقصور ذهني وغيره، ونكون وقتها أمام حكم قضائي، وفي بعض الحالات قد تكون المسألة مترتبة على خلافات في محيط الأسرة وبسببها يتم ترك كبير السن يواجه مصيره المجهول، لافتاً إلى أننا لو نظرنا الى الأنظمة التشريعية في المملكة وما صدر من هذا النظام المختص لكبار السن وشؤونهم، أو حتى نظام الحماية من الإيذاء، والذي صدر ليحد من تزايد أعداد القصص الحزينة أبطالها أبناء وبنات تخلوا عن مسؤوليات آبائهم وأمهاتهم، والذي يعتبر نوعاً من الإيذاء وهم ملزمون وفق الأنظمة وما تنص عليه الشريعة الإسلامية عن متابعة أمورهم ومراعاتهم وتوفير احتياجاتهم، بل والأكثر من ذلك أنهم مسؤولون عن الصرف عليهم عندما يكونون في مرحلة عجز، ولكن البعض -مع الأسف- يحاول أن يتنصل من مسؤوليته وبفضل من الله نحن في دولة تراعى حقوق الجميع ووضعت مثل هذه التشريعات للقضاء على التجاوزات التي قد يستغلها الأفراد لإيقاع الضرر بكبار السن.
نظام مهم
ووصفت سميرة الغامدي -رئيس مجلس إدارة جمعية حماية الأسرة- هذا النظام بأنه من أهم الأنظمة المتعلقة بحقوق كبار السن والذين تعرضوا في وقت سابق للإيذاء والعنف الأسري وذلك نتيجة لوضعهم الصحي واستغلالهم في حال فقدوا بعض القدرات، وهذا النظام جاء لحمايتهم وحماية حقوقهم، ونتذكر أنه في عام 1434هـ صدر نظام الحماية من الإيذاء وكان من ضمن الفئات المستهدفة كبار السن وطبقت الشروط على المخالفين للنظام وبتنا كل يوم نتابع التنظيمات والتعديلات والتي تضمن للجميع الحماية بمن فيهم كبار السن، مضيفةً أنه مع مرور الوقت نكتشف السلوكيات الخاطئة والسلبية التي تمارس مع كبار السن وتضيع حقوقهم وتسيء لهم، وكبير السن من الجنسين لهم حقوق واجبة النفاذ وعليهم واجبات قد تتأثر نظراً لحالتهم الصحية، لذلك تأتي مسؤولية الدولة لتنظم الأنظمة ومسؤوليتنا كمجتمع أن نرفع الوعي بأهمية كبير السن ورعايته، مبينةً أن بعض الأسر تقوم بتصرفات غريبة تجاه كبار السن سواء أمهات أو آباء، فيضعوهم في دور الرعاية في أبشع صور للجحود، متنصلين من مسؤولياتهم متناسين بأنهم سيكونون مكانهم يوماً ما، والموضوع برمته قبل أن يكون نظاماً هو أخلاقيات وموروث اجتماعي وثقافة اجتماعية وتقاليد وأعراف، لذلك يجب أن نراعي كبار السن مهما كانت درجة القرابة، مشيرةً إلى أن بعض الأسر تقوم بإيداع كبير السن في دار الإيواء لأنهم مضطرون لذلك؛ بسبب ظروفهم الصعبة وصعوبة الحالة التي تحتاج إلى رعاية ممتدة طويلة الأجل، لكن يجب في هذه الحالة ألاّ ينقطع السؤال عن كبير السن من أقاربه؛ لأنه يكون في أمس الحاجة للاهتمام من ذويه خاصةً في مثل هذه الحالة.
وشرحت نقطة في القرار الصادر والذي تشير إلى إمكانية إيداع كبير السن بالدار وفق حكم قضائي، من خلال عرض الحالة على لجنة طبية شرعية في المستشفيات النفسية، وفي حالة تم التأكد بأن كبير السن فاقد للأهلية ويتطلب وجود وصي عليه يدير شؤونه الحياتية والمالية وخاصة وأن البعض لديهم ثروات فيتم نقل الوصاية منه إلى الوصي، مع العلم بأن هذا الإجراء يتم وفق إجراءات مشددة حتى لا يتم استغلاله.
إضافة كبيرة
وتحدث ماجد قاروب -رئيس مبادرة تكامل للمعونة القضائية- قائلاً: إن صدور هذا النظام تأكيد على مبدأ مملكة الإنسانية، وأن الحرص على الإنسان السعودي في جميع مراحله بما يتفق وقيم ومبدأ وأخلاقيات الشريعة الإسلامية التي تراعى الإنسان من لحظة ميلاده وحتى وفاته، وهذه المرحلة العمرية لكبار السن والشيخوخة تخص الاهتمام لكل من خدم أسرته لسنوات طويلة ووصل إلى مرحلة العجز التي تتطلب من الدولة ومؤسساتها المعنية الاهتمام بهم ورعايتهم، وفق ظروفهم الاجتماعية والمالية والاقتصادية، باعتبار أن من حقهم على المجتمع الاهتمام بهم ورعايتهم في جميع النواحي، وبطبيعة الحال فهذا النظام يتحدث عن إنشاء مراكز إيواء ورعاية خاصة بهم وأن دخولها يتطلب الموافقة الشخصية أو قرار المحكمة المختصة، وهذا سيقضي على كل أنواع العقوق والنكران من قبل بعض الأبناء تجاه والديهم مثل وضعهم بدار الإيواء لإبعادهم عن الحياة الاجتماعية، مضيفاً: "نتيجة لتحسن المناخ الصحي العام ارتفعت فيه الأعمار لمن هم فوق الـ70 عام وبعضهم يتعرض لأمراض الشيخوخة كالخرف والزهايمر والضعف البدني، وهذا يتطلب رعاية خاصة لها أسس اجتماعية وصحية وطبية وشرعية وقضائية من خلال الحق في التوكيل وإدارة الأموال واتخاذ القرارات، وأمور كثيرة تتشابك فيما بينها"، مؤكداً على أن صدور هذا التنظيم فيه إضافة كبيرة إنسانية وأخلاقية وقانونية لتأمين المستقبل الأجمل لكبار السن.

جدة - منى الحيدري

مرسوم ملكي رقم (م/ 47) وتاريخ 3/ 6/ 1443هـ بالموافقة على نظام حقوق كبير السن ورعايته
قرار مجلس الوزراء رقم 19 تاريخ 21/1/1424 هـ بإنشاء لجنة وطنية لكبار السن في المملكة تتولى وضع الخطط والمشروعات الوقائية والبرامج الرعائية الهادفة إلى تلبية متطلبات المسنين
ضوابط قبول كبار السن

أخبار مشابهة..