جريدة الوطن - الأربعاء 28 جمادى الثاني 1442هـ - 10 فبراير 2021م


منذ ساعات

جريدة الوطن

الملف الصحفي

مشروع نظام العقوبات.. بدائل للسجن ومراعاة الظروف الخاصة للمتهمين

جريدة الوطن - الأربعاء 28 جمادى الثاني 1442هـ - 10 فبراير 2021م

تضمن تطوير منظومة التشريعات، الذي أعلن عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خفض تكاليف العقوبات السالبة للحرية بالعقوبات البديلة، كما يستهدف نظام العقوبات حماية حقوق الإنسان، والتأكيد أن الأصل هو براءة المتهم من الاتهام المنسوب إليه، والتأكيد على انحصار الجهات المخولة بإيقاع العقوبات في المحاكم دون غيرها، وتأكيد انحصار المساءلة الجنائية على شخص مرتكب الجريمة دون غيره، وهو ما يعرف بمبدأ شخصية العقوبة، مع تعزيز الحماية للأموال العامة، وإيجاب رفع الضرر عنها. جاء ذلك في حديث تليفزيوني لوزير العدل وليد الصمعاني في قناة «العربية».
وأضاف الصمعاني أنه من خلال منظومة هذه التشريعات وغيرها من الأسس، فإن المحاكم دورها ينحصر في تطبيق النص النظامي على الواقعة، وعند صدور هذه التشريعات، سيتمكن القضاة من التفرغ لعملهم الأساسي، لتطبيق هذه التشريعات إضافة إلى العناية بالجانب الواقعي.
ويستهدف التطوير أيضا مراعاة الآثار السلبية الناتجة عن عقوبة السجن، وإيجاد خيارات متعددة أمام القضاء، لتمكينه من مراعاة الظروف الشخصية المختلفة للمتهمين.
القانونيون ودخول مرفق القضاء
استقبل القانونيون إعلان تطوير تطوير منظومة التشريعات، بالتفاؤل بأن تكون تلك الأنظمة الباب الذي يتيح للقانونيين الدخول إلى مرفق القضاء، معتبرين أنهم الأقدر على التعامل مع النص النظامي وتطبيقه، بعيدا عن الاجتهادات الفردية وتباين الأحكام.
وشدد القانوني وعضو مجلس الشورى السابق الدكتور فهد العنزي، على أن صدور أنظمة نوعية في المجالات التي كانت ستعالجها مدونة الأحكام القضائية، هو أفضل بكثير نظرا لاختصاص هذه الأنظمة في المجالين المدني والجزائي، ولانسجامها مع مرجعياتها واتساقها مع المنهجية العلمية والتخصصية لصناعة التشريع. هذه الأنظمة علامة فارقة في مسيرة التقنين.
وأضاف: نظام الأحوال الشخصية، ونظام المعاملات المدنية، والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ونظام الإثبات، كلها مشروعات ستعزز من فرص دخول القانونيين مرفق القضاء، فالتعامل مع النص النظامي وتطبيقه هي مهمة أصيلة لأهل القانون، بعيدا عن الاجتهادات الفردية وتباين الأحكام.
نقلة تشريعية
اعتبر عضو هيئة المحامين علي بن منصور الشهري، تطوير منظومة التشريعات نقلة تشريعية تنظيمية تاريخية ننتظرها طويلا، وستتحقق بقدرة شباب وشابات القانون المميزين الطموحين للمستقبل.
من جهته، قال المحامي عبدالرحمن اللاحم: «التشريعات الأربعة التي أعلن عنها ولي العهد، هي العمود الفقري لأي منظومة تشريعية في العالم، دارت حولها صراعات طويلة منذ عقود».
قصة القضاء بالمملكة
قال المحامي نايف آل منسي: «لكي تعلم لماذا نقول عن تطوير منظومة التشريعات إنه قرار تاريخي، سأحكي لك قصة القضاء في المملكة: سادت لدى الجهاز القضائي فكرة أن الحكم بالشريعة يعني أن تكون المحاكم مطابقة تماما لما كان عليه المسلمون في القرون الأولى، وأن تطبيق أي مواد قانونية هو ضرب من الحكم بغير ما أنزل الله». وأضاف: «لأن نظام الدولة الحديثة اقتضى وجود مواد تنظيمية وقوانين لتنظيم شئون الدولة، كنظام الشركات التجارية ونظام العمل ونظام المرور، وأنظمة الأعمال المصرفية وغيرها، فقد تم إصدارها، وبعد صدورها ظل النظام القضائي يرفض التعامل معها، مما استدعى إنشاء ديوان المظالم لتطبيق أنظمة الدولة».
وزاد: «ظن القائمون على القضاء وقتها أن تطبيق القوانين يقتضي بالضرورة الحكم بغير ما أنزل الله، وهو اعتقاد خاطئ تماما، إذ يمكن تضمين الأحكام الشرعية داخل مواد قانونية، وفائدة ذلك هي الخروج من الخلافات الفقهية وتحديد رأي واحد في كل مسألة، لأنه ليس من المعقول أن يقضي كل قاض بحكم مختلف».
ولفت المحامي آل منسي إلى أنه تم تأسيس ديوان المظالم بالاستعانة بخبراء قانونيين من الدول المجاورة، وتأسس كجهاز منفصل عن وزارة العدل وعن «رئيس القضاة» مما جعله مهيّأ للتعاطي مع القوانين، وتبعا لذلك تم إسناد كل القضايا التي لها قانون مكتوب إلى ديوان المظالم، فصار ينظر إلى خليط من الاختصاصات المختلفة، ومن ذلك أن ديوان المظالم كان ينظر القضايا ضد أجهزة الدولة وقضايا الشركات التجارية، والقضايا الجنائية التي لها أحكام خاصة، كقضايا الرشوة والتزوير وانتحال صفة رجل الأمن، وتزييف النقود والاعتداء على المال العام وغيرها. وأضاف: «في مرحلة متأخرة بدأ النظام القضائي يستوعب فكرة القوانين، وصدر نظام للإجراءات الجزائية وتبعه نظام للمرافعات في المحاكم الشرعية، وصدر نظام لعقوبات جرائم المخدرات وغسل الأموال، وبدأت المحاكم الجزائية بقبول تطبيق العقوبات وفقا لهذه القوانين، مما أتاح المجال لاستيعاب الموضوع وقبوله، ثم توالى بعد ذلك إنشاء المحاكم المتخصصة كمحكمة التنفيذ والأحوال الشخصية، والمحاكم المرورية والتجارية والعمالية، ولا يزال العمل ساريا لإسناد كافة القضايا إلى جهاز القضاء التابع لوزارة العدل، والتخلص من اللجان شبه القضائية، التي أشرت إليها سابقا. ومع كل هذه الإصلاحات ظل القضاء يعاني من عدم وجود مرجعية ثابتة، يستطيع القضاة الرجوع إليها لتوحيد الأحكام.
تباين الأحكام
شدد آل منسي على أنه لا تزال مشكلة أنك قد تدخل على القاضي «أ» في قضية فيحكم فيها بحكم مغاير لما يحكم به القاضي «ب» مع أن موضوع القضية وملابساتها واحدة، فمن المعلوم أن محاكمنا تطبق أحكام الشريعة الإسلامية، إلا أن هذه الأحكام لا يكاد حكم منها يسلم من الخلاف الفقهي وتعدد الأقوال، وهو ما يستدعي من القاضي أن يجتهد في الترجيح بينها، وقد لا يملك القاضي آلة الاجتهاد وحتى لو ملكها، فإن القضاء بهذه الطريقة سيكون متضاربا ومتناقضا، مضيفا بأنه وفي ظل هذا التعدد في الآراء والاجتهادات لم يعد بإمكان الناس التنبؤ بما يمكن أن يحصلوا عليه من حقوقهم، لأنها تظل خاضعة لاجتهاد القاضي الفقهي، وهو ما يختلف من قاض لآخر، وهذه سلبية خطيرة لأن الناس لا تكون على علم مسبق بحقوقها، ولا تستطيع ترتيب حياتها وقراراتها استنادا على ذلك، كذلك فإن تعدد الأنظمة وتداخلها أوجد إرباكا كبيرا، لدى القضاة والمحامين ومحققي النيابة، واختلطت الكثير من الأحكام ببعضها وصار للاجتهاد والتأويل مداخل كثيرة، وكل ذلك أثّر سلبا على استقرار الأحكام، فضلا عن أن أكثر القضايا ليس لها قوانين واضحة، ويتم الرجوع فيها لكتب الفقه.
مراجعة التشريعات
اعتبر المستشار القانوني عبدالله قاسم العنزي أن النهضة الاقتصادية والتنمية المتسارعة في المملكة، تتطلب مرونة ومراجعة تشريعات الأنظمة وتعديلها، متى ما ظهرت الحاجة لذلك. وبين العنزي بأن العديد من القطاعات في مجالات الاقتصاد والصحة والرياضة والتعليم وغيرها، بحاجة لتشريعات تنظم كل ما من شأنه لخدمة المواطن.
الكمال والشمول
أوضحت المحامية والمحكم التجاري رباب أحمد المعبي، أن الشريعة الإسلامية تتميز بخاصيتي الكمال والشمول، وصلاحيتها للتطبيق والعمل بأحكامها في كل زمان ومكان، فما تنزل بالناس نازلة، ولا تحـدث حادثة إلا وبيان وحكمها في الشريعة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، ولقد بلغت الشريعة الإسلامية ذروة الكمال في المحافظة على حقوق الإنسان، وحماية الكرامة الإنسانية سواء كان الإنسان بريئا أو متهما، وحيث نصت المادة الأولى من نظام الأساسي للحكم أن «المملكة العربية السعودية، دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم».
والهدف من الأنظمة والتشريعات تسعى للنهوض بالوطن والمواطن، والتحديث والإصلاحات على الأنظمة والتشريعات أمر مهم لتحقيق التوافق مع التطوير الاجتماعي والمسار التنموي.
وأبانت أن التحديثات ستؤثر إيجاباً في النظام القضائي السعودي، حيث يعد نظاما متكاملا بعناصره، العقابي والإجرائي والتنفيذي، فالنظام القضائي يهدف إلي التوازن بين حماية المصلحة العامة وحماية الحقوق والحرية الفردية، ولأجل ذلك كانت الضرورة ملحة إلى النظر في التشريعات القضائية، والقواعد الإجرائية التي تهدف لتنظيم وتحقيق العدالة، وهذه المشاريع هي: نظام الأحوال الشخصية، ونظام المعاملات المدنية، والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ونظام الإثبات، وذلك تجاوبًا مع احتياجات أفراد المجتمع وتطلعاته.

الرياض : سليمان العنزي

أمر ملكي رقم أ/ 74 وتاريخ 3/ 3/ 1434هـ بشأن المجلس الأعلى للقضاء
مرسوم ملكي رقم م / 78 بتاريخ 19 / 9 / 1428هـ بالموافقة علي نظام القضاء
قرار الهيئة العامة للمحكمة العليا رقم (16/م) وتاريخ 30/ 2/ 1436هـ بشأن الرجوع عن الإقرار الموجب للعقوبة التعزيرية
تعميم معالي وزير العدل رقم 13/ ت/ 1864 بتاريخ 18/ 9/ 1422هـ بشأن ارتباط العقوبات التعزيرية بنوع سببها
تعميم وزارة العدل رقم 13/ت 5626/ وتاريخ 22/ 03/ 1436هـ بشأن قرار الهيئة العامة للمحكمة العليا رقم (16/م) وتاريخ 30/ 2/ 1436هـ بشأن الرجوع عن الإقرار الموجب للعقوبة التعزيرية

أخبار مشابهة..