منذ ساعات

الملف الصحفي

وزارة الصحة وشركات التبغ

جريدة الوطن - الخميس 29 ذو القعدة 1429هـ الموافق 27 نوفمبر 2008م العدد (2981) السنة التاسعة

وزارة الصحة وشركات التبغ (1/2)

محمد حسن علوان
هل القضية التي رفعتها وزارة الصحة ضد شركات التبغ تشكل مشروعاً جاداً لمكافحة التدخين في السعودية، أو مشروع (علاقات عامة) ضخماً لصالح وزارة الصحة؟ كمواطنين، نتمنى أن يسفر المشروع في كل الحالات عن نتيجة إيجابية تتمثل في مدخنين أقل في السعودية، ولكن هل هذا هو السبيل إلى ذلك؟ كيف يمكن أن تؤدي مقاضاة شركات التبغ إلى إقناع المدخن بسوء عادته تلك؟ التجارب العالمية تؤكد أن القضايا المرفوعة ضد شركات التبغ، بغض النظر عن مآلها، لم تسفر عن انخفاض ملموس في أعداد المدخنين. وتم طرح مبررات لبطلان هذه العلاقة، أولها أن هذه القضايا غالباً ما تفشل لأسباب قانونية مختلفة، سواءً كانت مرفوعة من قبل الحكومة أو من قبل أشخاص. وأيضاً لأن عدد المدخنين في المجتمع لا علاقة له بما يدور في أروقة المحاكم من صراعات ونزاعات. والذي يلتقط علبة دخانه المفضل من المتجر لا يفكر حينها في الموقف القانوني لشركات التبغ أمام المحكمة. إذن، لا بد أن المسؤولين في وزارة الصحة أو ممثليهم القانونيين قد اطلعوا على هذه النتائج المخيبة لمحاولات مقاضاة شركات التبغ في العالم، والتي تجعل من غير المنطقي تكرار التجربة على أساس أنها قد تنجح في السعودية. هذا يعني أن وزارة الصحة لا تهدف إلى مكافحة التدخين (عبر هذه الوسيلة على الأقل)، ولربما كانت لها مآرب أخرى من وراء هذه القضية ذات الزخم الإعلامي الرنان. الأهداف المطروحة على الطاولة لا تتجاوز اثنين: إما أنها محاولة لإيجاد دخل مجاني لوزارة الصحة من شركات التبغ، أو تحسين الصورة التاريخية المهترئة لوزارة الصحة في ذهن المواطن.
تاريخياً، تصارع الغرب مع التدخين في ميادين عديدة. وبعد عقود من التجربة، اتجهت جهود الغربيين إلى مكافحة التدخين في الميدان التشريعي بعد أن أعياهم الميدان القانوني. وفي الحقيقة أن النجاحات التشريعية في مجال مكافحة التدخين عوضت الكثير من الإخفاقات القانونية، وهو يشير إلى أن ما تفعله وزارة الصحة حالياً من مقاضاة (طويلة النفس) لشركات التبغ ليست مجدية (إذا كان الهدف منها مكافحة التدخين فعلاً!)، ويمكن تحصيل نتائج أفضل منها بتوجيه تلك الجهود نحو إيجاد تشريعات وأنظمة حكومية تسهم في تخفيض استهلاك التدخين، ومن تلك التشريعات المجربة في دول أخرى: رفع الضرائب على مبيعات السجائر، ومنع الإعلانات التجارية عن التدخين، ومنع التدخين في الأماكن العامة منعاً صارماً، ووضع صور منفرة على علب السجائر، وغيرها. لاحظوا أن كل ما سبق لم نره في السعودية حتى الآن، باستثناء منع التدخين في (بعض) الأماكن العامة دون رقابة مشددة ولا عقوبات واضحة، وكذلك منع الإعلانات التجارية حول التدخين، وهو ما أجمعت عليه أغلب دول العالم أساساً، ولم تعد تسمح به إلا دول قليلة، وفي نطاقات ضيقة.
السؤال هنا: لماذا تتنكّب وزارة الصحة الطريق الصعب المشكوك في جدواه، وتترك الطريق الأسهل والأجدى (وإن كان الأقل وهجاً على مستوى الإعلام)؟ ألم يكن من الأفضل أن توفر وزارة الصحة نفقات محاميها وطاقمها القانوني، وتسعى بدلاً من ذلك إلى استغلال حظوتها الوزارية داخل مجلس الوزارء لتمرير تشريعات صارمة ضد التدخين بالتعاون مع وزارات التجارة والداخلية؟ هل يُعقل أن وزارة الصحة التي تطالب شركات التبغ بعشرة مليارات ريال عاجزة عن إقناع وزارة التجارة، جارتها في المبنى، بإصدار قرار صغير بتعليق صورة منفرة على كل علب السجائر؟ أو إقناع وزارة المالية، جارتها في الشارع المقابل، برفع الضريبة المفروضة على استيراد التبغ؟ أو أن العائد الإعلامي لهذه الخطوة سيسجل لصالح وزارتي التجارة والمالية، وهو الأمر الذي لن يروق للمسؤولين في وزارة الصحة بطبيعة الحال؟
إجابات هذه الأسئلة تميل بنا أكثر إلى تغليب فرضيتين: الأولى هي فرضية الهدف الإعلامي وراء رفع القضية بعد عقود طويلة من الصمت، ومن حق وزارة الصحة تلميع صورتها الذي يبدو أنه مهمة صعبة جداً، ويتطلب إثارة قضايا كبرى كقضية شركات التبغ، وإبراز شركات التبغ على الواجهة الشعبية باعتبارها عدواً لم ينبر لمواجهته إلا وزارة الصحة. ولا أدري كم من الناس يعرف شركات التبغ العاملة في السعودية، ومن هم ملاكها، ومديروها، ومستثمروها. كل الأخبار الصحفية التي تناولت القضية حتى الآن ذكرت بوضوح أسماء المسؤولين في وزارة الصحة عن هذه القضية، وتصريحاتهم، وصورهم، ولكنها لم تذكر لنا اسماً واحداً من أسماء ملاك شركات التبغ أو ممثليهم!
إذا كان عدد المدخنين في السعودية يتجاوز ربع سكانها، وماركات الدخان المتداولة في السوق المحلي معدودة على الأصابع، فهذا يعني أن شركات التبغ السعودية هائلة الحجم، وتحقق أرباحاً تجعلها في طليعة شركات السوق المحلي، وركناً مهماً من أركان الاقتصاد. وملاك شركات بهذا الحجم لابد أن تكون أسماؤهم على كل لسان، وحضورهم جليّاً وطاغياً في الساحة المحلية، بما أنهم من بليونيرات الوطن، فمن هم يا ترى؟ ولماذا لم تفصح وزارة الصحة عن اسم شخص واحد منهم حتى نوجه أنظارنا إليه، ونسهم معاً بشكل شعبي في معاقبته اجتماعياً وإعلامياً مثلما تسعى وزارة الصحة إلى معاقبته قضائياً؟
الفرضية الأخرى تقول إن الهدف من القضية هو رفع الموارد المالية للوزارة بشكل مباشر، دون المرور عبر بوابة وزارة المالية. وبما أن وزارة الصحة ليست الجهة الحكومية المخولة بفرض الضرائب، فلم يبق أمامها إلا ممارسة حقها القانوني بمقاضاة شركات التبغ للحصول على تعويضات تصب بشكل مباشر في ميزانية وزارة الصحة، بما أنها تزعم أن مبلغ التعويض المطلوب يعكس ما أنفقته وزارة الصحة لعلاج ضحايا التدخين، هذا يعني أن مبلغ التعويض (في حال كسبت الوزارة قضيتها) يجب أن يُنفق حصرياً على ضحايا التدخين فقط، سواء دخل إلى وزارة المالية ثم خرج منها إلى وزارة الصحة مرة أخرى، أو قبضته الأخيرة مباشرة.
كلتا الفرضيتين يمكن تبريرهما في أجندات وزارية مختلفة، ولكن الواضح أن الموضوع برمته لا يمتّ لمكافحة التدخين بصلة، أو أن وزارة الصحة ضلّت الطريق إلى ذلك وهذا احتمال مستبعد. وإذا أصرت وزارة الصحة على أن هدفها الأول والأخير من هذه القضية هو مكافحة التدخين، وإنقاذ المواطنين من براثنه، فعليها أن تبرر تنكبها للطريق الذي أثبت فشله في تجارب الدول الأخرى، وهو المقاضاة، وتقصيرها في اتخاذ الإجراءات التي أثبتت جدواها في تجارب الدول الأخرى، وهو التشريعات والأنظمة المدروسة. وللمقالة بقية في الأسبوع القادم.

* كاتب سعودي

النظر في قضية الصحة ضد شركات التبغ اليوم
المانع: وضع صورة كبيرة وعبارات تحذير من أضرار التدخين على منتجات التبغ
الشورى يطالب بسرعة إصدار نظام مكافحة التدخين الموافق عليه من مجلس الوزراء
الشورى يطالب بسرعة إصدار نظام مكافحة التدخين الموافق عليه من مجلس الوزراء
المملكة تصادق رسمياً على الاتفاقية الخليجية لمكافحة التدخين قريباً
المانع يحذر المدخنين في القطاعات الصحية من تطبيق عقوبة الفصل
الأمير عبدالمجيد يوجه بمنع التدخين في أروقة الإدارات الحكومية
نظام مكافحة التدخين يهدف لحماية الصغار وغير المدخنين..واللائحة التنفيذية ستصدر خلال 6 أشهر
الإجراءات السعودية للمكافحة..أوامر سامية بمنع التدخين في مصالح الدولة
تنفيذية مجلس وزراء الصحة الخليجيين تجتمع اليوم لبحث خدمات نقل الدم والصحة المدرسية ومكافحة التدخين
تباين وجهات النظر الخليجية حول زيادة الرسوم الجمركية على التبغ ومشتقاته
"الاتحاد الجمركي" يناقش عمليات المقاصة إلكترونيا ورفع رسوم التبغ
لجنة الاتحاد الجمركي الخليجي تناقش اليوم مضاعفة الرسوم الجمركية على التبغ إلى 200%
خطة خليجية لمكافحة التبغ ورفع رسومه الجمركية 100 %
يجب الاستعجال في إصدار اللوائح القانونية وتشريعات مكافحة التبغ
تحديث 25 مواصفة قياسية خليجية جديدة لقطاع منتجات التبغ
مشروع في «الشورى» لفرض رسوم على منتجات التبغ
ضريبة خليجية مضافة على السيارات والإلكترونيات والتبغ
وزراء المالية الخليجيون يبحثون السبت فرض ضرائب مبيعات على التبغ
الشورى: أقر اتفاقية عالمية لمكافحة التبغ