منذ ساعات

الملف الصحفي

المحاكم السعودية في عهد نظامها الجديد

جريدة الوطن الأحد 29 ربيع الأول 1429هـ الموافق 6 أبريل 2008م العدد (2746) السنة الثامنة

المحاكم السعودية في عهد نظامها الجديد

عبدالله صادق دحلان
يعتبر القضاء صمام الأمان لإرساء العدل والثقة في الحكم ويعتبر تاريخ القضاء في بلادنا تاريخاً مشرفاً مهما قيل عن بعض المحاكم وبعض القضاة. إلا أن الحقيقة التي ينبغي تأكيدها أن القضاء في بلادنا يحظى باستقلالية تامة ولا قيود عليه ويحظى بثقة القيادة السعودية. ويسجل للملك عبدالله بن عبدالعزيز ولمجلس الشورى السعودي في دورته الحالية شهادة تقدير واعتزاز لدورهم في إصدار نظام القضاء الجديد وهو امتداد للماضي وتطوير للحاضر بما يتواكب واحتياجات البلاد والمواطنين وتطور التعاملات بجميع أنواعها الجنائية والتجارية والبنكية والأسرية والأمنية والسياسية وغيرها مع الالتزام بالشريعة الإسلامية كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام . ومن يتتبع تطور أداء المحاكم في المملكة العربية السعودية يلحظ أن هناك نموذجاً متفرداً عن بقية المحاكم في المملكة ولم يكن هذا التفرد نتيجة عمارة حديثة أو أثاثات جديدة وإنما هي مجموعة متكاملة من العناصر أظهرت هذا النموذج الذي أتيحت لي الفرصة أن أطلع عليه خلال زيارتي برفقة معالي أخي فضيلة الدكتور صالح بن حميد رئيس مجلس الشورى صاحب المبادرات الإيجابية في قبول دعوات الأجهزة الحكومية مع صحبة مجموعة من زملائه أعضاء المجلس، وكان ضمن هذه الزيارة صفوة من رجال الأعمال يتقدمهم رئيس الغرفة التجارية الصناعية بجدة الأستاذ صالح التركي والذي عرف عنه بعده الاجتماعي في العمل الخاص .
لقد أتاحت لي هذه الزيارة التعرف على نموذج مشرف من المحاكم وهي المحكمة العامة بجدة والتي يرأسها أحد أنبل القضاة علماً وخلقاً وأدباً وسمواً في التعامل أخي فضيلة الدكتور راشد بن محمد بن هزاع ويعاونه مجموعة من القضاة الأفاضل والذين كانوا في استقبال رئيس وأعضاء مجلس الشورى ويتقدمهم فضيلة القاضي صاحب الخلق الكريم الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن العثيم وفضيلة الدكتور الشيخ محمد مرداد ومجموعة من القضاة الأفاضل. وفي زيارة متخصصة اطلعنا على المستوى الرفيع من التنظيم في جميع المعاملات ابتداءً من تقديم الشكاوى حتى تسجيل الأحكام. وحقيقة لو لم أر بنفسي هذا المستوى فلن أصدق ما أكتبه اليوم، حيث ما زلت أتذكر العصر العتيق للمحاكم السعودية، والتي عانى منها المواطنون في القديم، ليس من الأحكام ولكن من وقت الإجراءات الإدارية حتى يصدر الحكم, هذا بالإضافة إلى مستوى المباني القديمة والمتهالكة وغير المتطورة والمؤجرة، وذلك نتيجة أسباب عديدة كان على رأسها توفر الإمكانات المادية والبشرية مما أحبط العاملين في المحاكم ووضع الحمل المضاعف من القضايا على عدد محدود من القضاة، وحيث أوضح العديد من الدراسات البحثية والتي كان آخرها الدراسة التي أعدتها غرفة الرياض في منتدى الرياض الاقتصادي والتي أوضحت أن النسبة بين عدد القضاة والقضايا تعتبر أكبر نسبة للقضايا وأقل نسبة للقضاة، وأن العبء على القضاة يعتبر أكبر عبئاً في العالم العربي، ومن هنا كان التأخير في البت في القضايا، لأن الإسراع في البت قد يفقد الدقة والحكمة في الحكم. ولعلاج هذه المشكلة طُرح العديد من الحلول كان لمجلس الشورى دور في تفعيلها بالنقاش والحوار والتوصية، ومن هذه الحلول مضاعفة عدد القضاة عن طريق استقطاب خريجي كليات الشريعة من جميع الجامعات السعودية وتأهيلهم عن طريق المعهد العالي للقضاة. وتحسين مستويات كادر القضاة لاستقطاب أعداد متميزة علماً وفقهاً وعدلاً كما طالب المجلس وطالبت شخصياً في العديد من المناسبات بضرورة تخصيص ميزانيات خاصة لتطوير مباني المحاكم الشرعية وبناء مبان خاصة لها والاستغناء عن المؤجر، وتخصيص ميزانيات كبيرة لتطوير تقنية العمل في المحاكم السعودية، وتوفير الإمكانات البشرية الإدارية المتخصصة والمدربة بدون حدود وبما يكفي إنجاز هذا العمل العظيم والمتعاظم سنوياً من حيث العدد والنوع من القضايا . وهي مناسبة في مقالتي اليوم لأشيد بدور وزارة العدل في السنوات الأخيرة حيث بذلت جهود جبارة في تحسين صورة مباني المحاكم العامة في المدن الرئيسية وأكبر مثال على ذلك مباني المحاكم في الرياض وفي جدة وإن كانت تحت الإنشاء، إلا أنه أتيحت لنا الفرصة خلال زيارتنا الأسبوع الماضي للاطلاع على النموذج المعماري والفني الجديد للمحكمة العامة في جدة والذي يليق بمستوى المحكمة العامة بجدة، كما اطلعنا على الإمكانات التقنية والفنية التي ستوفر في المبنى الجديد والقاعات المخصصة لأصحاب القضايا ومن أهمها تخصيص دور متكامل للمرأة وتسهيل إجراءاتها ومعاملاتها وخدمتها.
إن زيارتنا للمحكمة العامة في جدة أتاحت لنا فرصة التعرف على التعاون الكبير بين مؤسسات المجتمع المدني والمحاكم العامة والمتمثل في التعاون بين الغرفة التجارية والمحكمة العامة من خلال لجنة المحامين التي يرأسها أخي و زميلي المحامي الدكتور ماجد محمد قاروب حيث اطلعت على نموذج مشرف بين العلاقة في العمل الشريف لمهنة المحاماة والعمل الشرعي العادل في مهنة القضاء . لقد أتيحت لنا الفرصة لزيارة بعض قاعات المحكمة لنرى ونطلع على سير بعض جلسات المحكمة والتي كان يرأس إحداها فضيلة القاضي حمد الرزين، والأخرى يرأسها فضيلة الشيخ حمد الخضيري ورأيت المستوى المتطور لقاعات المحكمة والأسلوب الحضاري في الحوار والتقنية الحديثة في تسجيل المحضر آلياً ويظهر على شاشة التلفزيون البلازما ليرى المدعي والمدعى عليه والحضور في الجلسة المحضر الذي سُجلت فيه إجابات المدعي والمدعى عليه وحكم القاضي . وهو أسلوب عصري فيه شفافية عالية نحن بحاجة لها . ثم اطلعنا على مشروع الوقف الخيري ودور المحكمة في تشجيع الميسورين من المواطنين والورثة لوقف بعض أملاكهم أو نسب منها لصالح الجمعيات الخيرية وهي مبادرة إنسانية خيرية يشكر القائمون عليها. وفي نهاية الزيارة اطلعت على الأماكن المخصصة للسجناء والقاعات الخاصة بالمحامين، واطلعت على برنامج التعاون بين رجال الأعمال بجدة بالتنسيق مع رئيس غرفة جدة ونائبه الأستاذ مازن بترجي والخاص بتقديم دعم مالي لأسر السجناء الذين لا عائل لهم حيث وصل إجمالي المساهمات في العام الماضي إلى حوالي ثمانية ملايين ريال وهي جهود تشكر عليها المحكمة أولاً ورجال الأعمال الذين يؤمنون بأهمية البعد الإنساني في العمل.
انتهت الزيارة وخرجت منبهراً بما رأيته من تطور ومعجباً بالإنجاز الكبير الذي قام به فضيلة الدكتور راشد بن محمد بن هزاع رئيس المحكمة العامة بجدة وزملاؤه من القضاة والمسؤولين ولن أنسى شخصية المبدع صاحب الخلق العظيم الذي كان وراء زيارتنا للمحكمة العامة بجدة وكان وما زال يعتبر المخطط للفكر الإداري المتطور للمحاكم من موقعه وهو أخي فضيلة الدكتور عبدالله اليحيى وكيل وزارة العدل والذي يعتبر تواجده في هذا الموقع مفخرة للمحاكم السعودية . راجياً من الله أن يستمر التطوير لبقية محاكم المملكة وقراها. متمنياً على قيادتنا الحكيمة سرعة تنفيذ النظام للمحاكم السعودية وتفعيله على أرض الواقع والعمل على مضاعفة أعداد القضاء المتخصصين وتأمين جميع الإمكانات المالية لتطوير المحاكم والاستغناء عن المباني المؤجرة، حيث إن المحاكم الشرعية هي الأهم والأولى بالتطوير وتخصيص الميزانيات اللازمة لها لأنها المرجعية الأولى للحكم الشرعي للمواطنين والمقيمين والتي نفتخر بقضائها ونعتز ونثق بأحكامها.

*كاتب اقتصادي سعودي

نظام القضاء
تطوير مرافق القضاء.. المحكمة الجزائية نموذجا
التطوير الإداري لمرافق القضاء
مشروع الملك عبدالله لتطوير ولاية القضاء
تطوير مرفق القضاء .. وتحديات التنفيذ
مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء بنية وبيئة
تطوير أنظمة القضاء بدأ منذ أمد وتكرس واشتد على يد الملك عبدالله
رجال الأعمال : نظاما القضاء وديوان المظالم نقلة نوعية في مناخ التقاضي الاستثماري
سمو ولي العهد: إعلان المليك تقديم 7 مليارات لدعم مرافق القضاء ... انعكاس لاهتمام الدولة بهذا المرفق
مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء يرصد 7 مليارات لإحداث نقلة تطويرية شاملة للقضاء
رئيس اللجنة الوطنية للمحامين يشكر خادم الحرمين وولي العهد على تشكيل نظام القضاء ودعمه ب 7 مليارات ريال