منذ ساعات

الملف الصحفي

الصناعة العقارية بين المحلية والدولية (والقوانين والأنظمة والتشريعات)

جريدة الاقتصادية السبت, 04 رجب 1427 هـ الموافق 29/07/2006 م - العدد 4674

الصناعة العقارية بين المحلية والدولية (والقوانين والأنظمة والتشريعات)

- م.عبد المنعم بن محمد نيازي مراد -
الجزء الأول
كي نستطيع أن نثمن قاعة وحزمة الأنظمة والقوانين والتشريعات العقارية المطلوبة لنمو صناعة العقار لا بد من تبني قاعدة معلوماتية عن مبادئ والأساليب العقارية وأن تكون تلك المعلومات دقيقة وعلى معلوماتية دقيقة وواسعة التفاصيل وأن نتابع القطاع العقاري ونتتبع تعاريف بنود موارده التخصصية وكيفية شموليته للمجالات التي تتجاوز أعمال الوساطة العقارية إلى التطوير والاستثمار العقاري وأعمال إدارة الأملاك العقارية والتشغيل والصيانة.
وهذه المجالات المتخصصة في القطاع العقاري تحرك أكثر من 100 صناعة في قطاعات إنتاجية أخرى، تبدأ من الاستشارات الهندسية والمالية والقانونية على أنواعها المتعددة ومروراً بصناعة البناء والتشييد ومواد البناء والمتعهدين الذين يشتركون جميعهم في صناعة التطوير العقاري.
لذلك فإن القطاع العقاري يعتبر من أكبر القطاعات الصناعية في العالم، والمحرك الفعلي للاقتصاد المحلي والوطني في كثير من البلدان، وتخفيض نسبة بطالة القوى العاملة في مختلف الصناعات الأخرى، وبالتالي فعندما يتخذ المستثمر العقاري القرار بتنفيذ مشروع عقاري ما، يكون قد أدار محرك القافلة التي سوف يقودها في مكان معين ولمدة زمنية معينة، ويستفيد معه العشرات بل المئات من الاستشارين والخبراء والمقاولين والعاملين في مختلف المجالات الإنتاجية في القطاعات الصناعية الأخرى، تبدأ بالوسيط العقاري الذي يجب أن يتمتع بدرجة عالية من الكفاءة والعلم والخبرة في عملية البحث عن العقار المناسب والمطابق للشروط والمواصفات الخاصة بالمستثمر وبجدوى المشروع لدعم اتخاذ القرار الاستثماري الصحيح.
المهنة العقارية
تتنوع مهن الأعمال العقارية على عدة مجالات في القطاع العقاري حيث يختار العاملون في هذا القطاع المهنة التي تتلاءم مع كفاءاتهم العلمية والعملية التي سوف تزيد من قدراتهم وطموحاتهم المستقبلية وبالتالي فإن المهنة العقارية تشمل أنواعا مختلفة من الأعمال الاحترافية في القطاع العقاري التي يتأثر بها كل أفراد المجتمع دون استثناء، فحاجة الفرد إلى مسكن ومدرسة ومستشفى ومكتب ومركز عمل وسوق تجاري ومبضع وفندق ومصنع على اختلاف مستوياتها تبدأ أولاً بالوسيط العقاري المحترف ولا تنتهي أبداً في دورة حياة الإنسان (من المهد إلى اللحد).
يمكن تعريف المهنة العقارية بأنها مهنة الفن والعلم مجتمعين لتشتمل على:
1. فن المحادثة والمناقشة والطرح والاقناع، وفن صناعة الصفقات وتنفيذها.
2. علم الأرقام على كافة مستوياتها العقارية والمالية، والإلمام والعلم الجيد باللوائح والتشريعات والقوانين التي تحكم وتؤطر التعاملات العقارية.
فالأرقام تتكلم وتخرج عن صمتها وعزلتها في القطاع العقاري وتجذب بقوتها وسحرها العملاء (مشترين أو بائعين) وجميع فرقاء وأطراف التعاملات العقارية، لذلك تعرف المهنة العقارية بأنها رحلة المال التي يعتمد فيها المستثمر العقاري على الوقت والخبرة التي يوفرهما له الوسيط العقاري المحترف ليربح فيها الطرفان.
ومن هذا المنطق، فإن أكثر ما يهم المستثمر العقاري الناجح هو التعامل مع وسيط عقاري محترف وناجح يقوده إلى العقار المناسب والمربح ويبعده عن أي عقار لا يتوافق مع توجه استثماراته ولا يلبي حاجته ولا يناسب تعاملاته المادية وغيرها. كما يهم الوسيط الناجح أيضاً كسب ثقة المستثمر وتوفير وقته وماله ليبني معه علاقات لا تنتهي بصفقة عقارية واحدة، بل أن يكون مخلصاً له على مدى الحياة العملية، وبالتالي لا تتوقف خدمة الوسيط العقاري المحترف على حل مشكلة آنية لعقار ما بل يسعى دائماً إلى المعرفة لتنمية قدراته العملية والعلمية من المصادر العقارية المختلفة.
المهنة العقارية دلالة أم احتراف؟
لم تعد المهنة العقارية هواية أو مهنة المتقاعدين في العالم العربي كما كان حالها في الماضي القريب مبنية على قواعد الدلالة (السمسرة) البدائية في كثير من الأسواق العقارية، وذلك لأن التطورات الحديثة والمتسارعة التي حولت عالم الأمس إلى قرية عالمية صغيرة وأثرت في مجالات وصناعات عديدة من بينها صناعة مواد البناء وبرامج القروض المالية التي قد تظهر معقدة للكثيرين وعالم التكنولوجيا الذي قرب المسافات وأزال الحواجز والمطالب الحياتية للفرد المتجددة في عالم اليوم وغيرها، لعبت جميعها دوراً مؤثراً في القطاع العقاري في كافة مجالاته الأربعة (الوساطة العقارية، الإدارة العقارية، الاستثمار العقاري، والتطوير العقاري)، ودفعت بالقطاع العقاري ليحول هذه التطورات ويوفرها ولشاغليها المساحات والأجواء الضرورية لمواكبتها.
ويمكن تحديد أهم الأسباب التي أثرت على القطاع العقاري في عصرنا اليوم والتي اقتحمت أسواقنا بدون استئذان بالتالي:
1. ثورة التكنولوجيا التي دخلت بيوتنا وعقولنا بشكل دائم.
2. حرية التبادل التجاري بين البلدان وسقوط الحدود الاقتصادية.
3. حرية التنقل والهجرات الأفقية بداعي العمل.
4. ازدياد متطلبات الإنسان والأسرة على كافة الأصعدة ( السكنية والتجارية والترفيهية...)
5. ارتفاع تكلفة المعيشة الطبيعية وتنوع عمل الفرد.
6. المنافسة الحرة في كافة المجالات.
وبالتالي دفعت هذه التطورات القطاع العقاري للذود عن هذه المتغيرات وإبداعاتها بتزويد السوق بالكوادر (عناصر بشرية محترفة) على درجة عالية من المعرفة والخبرة والسيطرة على هذه المتغيرات المستمرة.
وبما أن القطاع العقاري يعتبر من أكبر القطاعات الإنتاجية في حركة الاقتصاد المحلي في أي بلد ودولة، فإن المهنة العقارية تعتمد على مستوى العاملين فيها لإيجاد الاحتياجات العقارية لسوق ما، والذي يساعد على تنوع احتياجات السوق وتطورها هو تنوع مستويات العاملين فيه وتطورهم... إذن الظروف المهنية تغيرت في كافة القطاع والقطاعات الإنتاجية وخاصة القطاع العقاري الذي يأخذ نصيبه سريعاً في هذا التطور اليومي والقانوني والتكنولوجي والتحويل العمراني وبالتالي لا بد لمن يرغب في دخول إحدى هذه المجالات أن يدرك أنها ستأخذ الكثير من وقته وجهده ويمضي سنوات عديدة من عمره في الدراسات والترتيب للعمل في مجال معين جانياً لكسب مادي شريف يؤمن له ولعائلته حياة كريمة.
ومن هنا يجب على الراغب في اختيار مجال ما أن يتعامل معه كمهني محترف لا كهاو وذلك بالبحث عن مصادر المعلومات الضرورية واللازمة لصقل خبرته العقارية من خلال المعاهد والكتب والمعلومات المتوافرة على شبكة الإنترنت وعبر دورات علمية في المجال العقاري، علماً بأن المهنة العقارية بجانبها العلمي يوجد لها معاهد كثيرة ولأنها أكثر ما تعتمد على الخبرة العملية ثم على الفرد نفسه ليبحث عن المصادر العلمية والعملية وأن يكون لديه الرغبة الدائمة في تطوير مستواه العلمي والعملي.
القدرة على العمل في القطاع العقاري
بعد إلمام الشخص بحدود القطاع العقاري ومعرفة مجالاته الأساسية اللازمة وتقرير أي من هذه المجالات يتناسب مع رغباته وقدراته، وتنطلق طاقته للعمل فيها بشكل احترافي يجب عليه معرفة الأسس الخاصة التي تتطلبها أي من هذه المجالات التي تشترك جميعها في ثلاثة مبادئ أساسية تنحصر في الآتي: (شبكة اتصالات، العلم المطلوب، التكنولوجيا وتأثيرها على المجال) وبالتالي تتبلور الخبرة العقارية من خلال اكتسابه هذه الأسس من أي مصادر متاحة في السوق العقارية من دراسة أكاديمية أو الدورات المهنية أو المبادرات الذاتية لتنمية الشخصية العقارية في المجال الذي حدده.
مميزات الشخصية العقارية
تتنوع شخصية المحترف العقاري بحسب المجالات العقارية المختلفة وبالتالي تحديد أربعة أنواع من الشخصيات العقارية:
1. شخصية الوسيط العقاري الذي يتمتع بصفات مميزة أهمها الكثير والكثير من الصبر والتفاني في خدمة الآخرين.
2. شخصية المدير العقاري بعقل تفصيلي لإدارة العقارات وذاكرة قوية جداً.
3. شخصية المستثمر العقاري المحيط والملم بأسس المخاطر ومستوياتها واتخاذ القرارات المناسبة.
4. شخصية المطور العقاري بالتنظيم الدقيق لتسهيل الأمور المستعصية وحل وتفكيك المشاكل.
وعندما يدرك الشخص ميوله الذاتية وقدراته الشخصية والعملية وطموحاته المستقبلية يمكن أن يقرر المجال الذي سيخوض غماره لأن العمل في المجال العقاري بشكل عام ليس عملاً وظيفياً روتينياً، بدوام معين وراتب محدد، بل إن المحترف العقاري هو الذي يحدد دوام عمله ودخله الشهري والسنوي ومستواه المعيشي الذي يرغب في تحقيقه.
إن المهنة العقارية قد تظهر سهلة، لكنها ممتـنـعة على كثير من الناس لاختلاف شخصياتهم، وككل المهن الحرة هي رحلة في معترك الحياة التي أصبحت حالياً معركة لا بد لها من أساليبها - السلمية طبعاً - التي تعتمد على الخطط الذكية والقدرة على اتخاذ القرار المناسب واقتناص (اللحظة المناسبة) والرؤية السليمة للسوق العقاري.
إن أهمية معرفة الوسيط العقاري لشخصيته الذاتية تساعده في اختيار المجال العقاري كي يضع نفسه على الطريق الصحيح منذ البداية ولا يضيع وقته في مجال ما يكتشف بعد مدة أنه لا يتناسب وطموحاته ويكون قد خسر وقتاً ومالاً وخبرة.
أنواع العقارات: يمكن أن تحدد أنواع العقارات في مجالات القطاع العقاري المختلفة بخمسة أنواع أساسية:
1. العقارات السكنية : كمساكن والشقق والفلل السكنية.
2. العقارات التجارية: كالمكاتب والأسواق والمتاجر والفنادق وشقق التأجير ومواقف السيارات وما شابها التي تدر دخلاً شهرياً أو سنوياً .
3. العقارات الصناعية : كالمخازن والمصانع والمحطات الصناعية ما شابهها.
4. العقارات الخاصة : كالمستشفيات والمدراس والجامعات والمطارات وما شابهها من المرافق.
5. العقارات الزراعية : الأراضي والمنشآت الزراعية المختلفة.

آثار قوانين إيجار الأماكن على الاستثمار العقاري