منذ ساعات

الملف الصحفي

تعويض إصابات العمل بالتأمينات

جريدة الجزيرة الثلاثاء 1426-04-30هـ الموافق 2005-06-07م العدد11940

أكثر من 500 ألف إصابة يتعرَّض لها العاملون في المملكة سنوياً
تعويض إصابات العمل بالتأمينات .. تنظيم إداري يعتمد على حرمان المُصاب بطريقة غير مباشرة

* الدمام - ظافر الدوسري:
تُعتبر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية نعمة من نعم هذا الوطن المعطاء إذ ترسم لوحة مشرقة من التكافل والتعاون يعكسه المجتمع لأبنائه في رعايتهم وذويهم، تقديراً لخدمتهم لمجتمعهم، سواء كانوا من العاملين في القطاع الخاص أو العام (بند الأجور) ليوفر لهم ولأُسرهم حياة كريمة بعد تركهم العمل بسبب التقاعد أو العجز أو الوفاة وكذلك العناية الطبية للمصابين بإصابات عمل أو أمراض مهنية والتعويضات اللازمة عند حدوث عجز مهني أو وفاة.. فيتعرَّض العديد من العاملين في المصانع وكذلك في الصناعة الزراعية إلى كثير من الإصابات الخطيرة البعض منها يسبّب العاهات المستديمة أو الوفاة.
فقد بيَّنت إحصائية منظمة الصحة العالمية أن ما يقارب المليون وعشر المليون شخص يموتون كل عام بسبب الإصابات أو الأمراض المهنية كما بينت أن ما يقارب 160 مليون حالة تسجل سنوياً كإصابة عمل مهني على مستوى العالم.
وفي المملكة سجلت الإحصائيات (504040 حالة إصابة عمل) في سنة واحدة ومن المحتمل أن ينتهي بعض هذه الحالات إلى الوفاة أو العجز.
وحيث إن المؤسسة قدَّمت وما زالت تقدم عطاءها، كان لزاماً علينا أن نبيِّن ذلك عرفاناً بهذا الدور العظيم الذي أسهمت به في خدمة المجتمع، وحتى يتكامل هذا الجهد لا بد لنا من إلقاء الضوء أيضاً على السلبيات والمصاعب التي يعاني منها المشتركون في خدمات المؤسسة آملين أن نحقق معاً الهدف في تكامل الخدمات واستيفائها كافة متطلبات العملاء وحاجاتهم وآمالهم.
وتُعتبر لائحة نظام المؤسسة الخاصة بقواعد وإجراءات تطبيق فرع الأخطار المهنية، هي الأكثر جدلاً لدى المشتركين.
(الجزيرة) قامت بزيارة بعض المصابين في المستشفيات والبعض تشافوا من إصاباتهم وحالات متعددة مختلفة لتضع يدها على كثرة الإصابات العملية والمعاناة وإليكم النتيجة:
شكاوى المصابين
* علي الشمري (عامل كيماويات) تحدث عن معاناته قائلاً: إنه كان يستعد لإعداد محلول كيميائي وفوجئ حينما فتح الخزان بأن خرجت عليه كمية كبيرة من البخار فاصطدمت بوجهه ويديه التي حدثت فيها حروق خطيرة نقلت على إثرها للمستشفى وسجلت لي اصابة عمل، وبعد أن تم العلاج وبعد مرور 6 أشهر طلبتني اللجنة الطبية لتحديد نسبة الاصابة التي يُبنى عليها التقدير المالي والتعويض للاصابة ففوجئت بأنهم قالوا بان الأصابة التي تعرضت لها لم تكن خطيرة إلى درجة كبيرة ولا تستحق عليها سوى تعويض مالي بسيط قدره خمسمائة ريال فكيف يمكن للجنة أن تحدد نسبة الاصابة وتعويضها بعد مرور ستة أشهر.
- أما المصاب (ف. بالوعل) فقد تعرَّض لحادث سقوط من أعلى تربينة كان يعمل ضمن فريق الصيانة وأصيب بإصابات بليغة أدت إلى العقم حسب ما قرره أطباء في مستشفى المانع، وبعد مرور أربعة اشهر راجعت اللجنة الطبية قرروا اعادة الفحص الطبي وقالوا لم يكن هناك علامة لمرض العقم وانما اصابة في مكان (الخصية) وتم تعويضي بمبلغ زهيد لا يساوي فقدان الشخص والموظف فرصة أن ينجب أولاداً فسافرت للخارج وعالجت على حسابي وكلفني ذلك أكثر من 30.000 ريال بينما اعطتني التأمينات قرابة 3000 ريال فقط.
- بدر المنصور - سائق رافعة فقال تعرضت لسقوط من أعلى الرافعة ودخلت في حالة غيبوبة عميقة أصبت بإصابات بالغة في العمود الفقري والرأس وتم نقلي للمستشفى واصبحت حالتي من الحالات الميؤوس في علاجها نتيجة الاصابة بشلل رباعي ولم يتم تعويضي إلا بعد مرور معاملتي بعدد من اللجان التي للأسف تهمش وتقلل من اصابة الموظف وفي النهاية لا يُعطى حقه ولا أجر الاصابة التي تعرض لها، ففي هذه المدة من ينقذ أسرتي ويصرف عليها بسبب تعدد اللجان والقرارات لاعتماد راتب العجز المهني؟ من الذي كان السبب في هذا الحادث؟ أليس هو عدم اتباع المنشأة أمور السلامة وتقيدها بها؟
إن كثيراً من الاجراءات تُعقِّد الأمور وليست في صالح الموظف فأتمنى من التأمينات ان تنظر لعملية التعويض عن الاصابة وصرف راتب العجز المهني في أقرب وقت لأن الشخص بحاجة ماسة له ولأسرته.
- سعيد البراق يقول: كنت أعمل بإحدى شركات صناعة البلاستيك لأكثر من 25 عاماً أصبت أثناء الخدمة بانزلاق غضروفي نتيجة حادث خلال العمل ولم تحتسب اصابة عمل مما أدى إلى عدم صرف أي تعويض.. أحلت أنا ومجموعة من زملائي للمعاش المبكر وحصلنا على مبلغ متواضع عن كل عام خدمة واحصل على معاش لا يكفي متطلبات الحياة الضرورية فأين العدل والانصاف في دفع مستحقات اصابة العمل؟
- صالح الهزيم من الفنيين الميكانيكيين له عشرون سنة خبرة قال وبحرقة: إن كثيراً من الاصابات المهنية تكون غالباً بسبب عدم توعية المنشأة موظفيها لأمور السلامة وعدم إعطائهم دورات تدريبية التي يجب أن تُعطى قبل ان يتسلم أي مهمة وظيفية فنية.
وأما الجزء الآخر فيقع السبب على الموظف نفسه حينما يرى بعض أمور السلامة غير متوفرة عليه ألا يقوم بتأدية العمل، لكن هناك خوفاً من الموظف حينما يرفض القيام بالعمل بأن يكون في القائمة السوداء عند رئيسه وبالنسبة لي فأقولها وبحرقة إنني لم أتلق اية دورة تدريبية في أمور السلامة خلال العشرين عاماً التي مضت بحجة نقص الموظفين وضغط العمل فهذا حاصل في كثير من المنشآت ولولا خوفي على وظيفتي لذكرت لكم موقع عملي ولكن بإمكان التأمينات وشركات التأمين والسلامة التأكد من كل منشأة هل قامت بإعطاء دورات تدريبية لموظفيها في أمور السلامة؟.. فالنتيجة ستكون مفاجأة صدقوني صدقوني أن نسبة الموظفين بالمنشأة التي أعمل بها لا يتجاوز الذين يعرفون أمور السلامة سوى50% في نظري بسبب السياسة التي تتبعها المنشأة التي أعمل بها.
- العامل إبراهيم يعمل بأحد المصانع، تعرض أثناء تأديته لمهام عمله لحادث سقوط من على رافعة برجية على ارتفاع 18 قدماً ودخل في حالة غيبوبة عميقة وأصيب بإصابات بالغة في العامود الفقري والرأس وتم نقله للمستشفى الذي شخَّص حالته بانقلاع عظمي للفقرة الخامسة والسادسة وتجمع دموي داخل الدماغ.. وأصبح يعاني شللاً رباعياً وغيبوبة سباتية لا يعلم متى يفيق منها.. وإبراهيم فاقد للوعي من أكثر من أربع سنوات.
- ويرى حمد العنزي مسؤول السلامة الصناعية في شركة أن المسؤولية مشتركة بين المنشأة والعامل فالمنشأة الصناعية أو غيرها يجب أن توفِّر المستوى المطلوب من السلامة الصناعية والوقاية المهنية من الإصابات.
اللجنة المحايدة تُعقد ولا تلتزم
- سالم أحمد البحري- متخصص في القانون شاركنا مشكوراً فيقول: تتلخص معاناة المشتركين في بطء تنفيذ الاجراءات المتعلقة بالتعويض الذي يحصل عليه المشترك إثر تلقيه إصابة مهنية، إذ إن المؤسسة لا تلتزم باعطاء المشتركين تعويضاتهم وقت حاجاتهم لها، بل إن العملية تتأخر كثيراً جداً، بسبب المراجعات المتكررة، مما يجعل المشترك ييأس من هذا التعويض، وفي أحسن الحالات عند متابعة المراجعات تعقد لجنة محايدة لتقدير الاصابة وللكشف عن مدى حاجة المشترك للتعويض، في مرحلة متأخرة جداً يكون المشترك فيها قد تحمَّل ودبَّر تكاليف العلاج على حسابه الخاص أو عن طريق الاقتراض، وبما أن اللجنة تأخرت كثيراً جداً، فإن المشترك المصاب قد عالج نفسه وعوفي جزئياً من الاصابة، لذا يكون كشف اللجنة غير حقيقي وغير صادق 100%.
كما أن المشتركين المصابين بإصابات خطرة، لا يمكنهم انتظار وقت انعقاد اللجنة ومراجعتها حتى يتم الكشف عن اصابتهم وتقدير المبلغ اللازم!! الاصابة لا تنتظر اللجنة!! الاصابة تأتي مفاجأة وتتطلب تفاعلاً سريعاً من المؤسسة بما يتماشى مع حالة المصاب وحاجته المادية للعلاج!! بل تتطلب أبعد من هذا!! تتطلب تقديرا حقيقيا وصادقا لتكاليف العلاج وفق التطور والارتفاع المادي في العلاج وتكلفة المستشفيات!!
وانعقاد اللجنة في وقت متأخر، يعد تحصيل حاصل!! وحين يقر مبلغ التعويض- اذا ثبت استحقاقه - يكون غير مجدٍ! ولا يعطي نتيجة لأنه أتى متأخراً، إضافة إلى أنه لا يقيس حاجة المشترك الحقيقية للعلاج! فظروف الكشف عن الاصابة تختلف في درجتها من وقت الاصابة، إلى شهرين أو ثلاثة عندما يكون المصاب يتلقى العلاج على حسابه الخاص.
تصحيح العملية ليس صعباً
وأردف يقول: تصحيح العملية ليس صعباً! بل يتطلَّب تسريع الإجراءات بما يتناسب مع الموقف!! لا يحق للمؤسسة حجر أموال المشتركين عنهم وقت حاجتهم لها، وتسليمهم إياها بعد عناء طويل!! على حساب إجراءات وتعقيدات ليس لها داع!! ما ذنب العائلة اذا توفي ربها، وتوقف الدخل الشهري عنها لمدة شهرين أو ثلاثة وربما أكثر؟ هل تلجأ للاقتراض وسؤال الناس، وما لهم محجوز في خزائن المؤسسة؟
ألا تعي المؤسسة الأضرار الناجمة عن هذا التأخير والبطء الكبير في التعامل؟ لماذا لا نعي فلسفة الوقت وأهميته!! خصوصاً في ظروف كهذه!!
ما جدوى عمل المؤسسة ما دام المشترك لا يشعر فائدتها ودعمها له وقت حاجته؟ السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه، لماذا تلزم المؤسسة صاحب العمل بدفع غرامة عن تأخره في تسديد الاشتراكات بينما لا يوجد قانون يوجب المؤسسة بدفع تعويضات عن كل يوم تأخير في حق المشترك؟ لماذا يهضم حق المشترك؟ خصوصاً وهو في وضع حرج وحالة صعبة يتطلَّب فيها تعاوناً وتفاعلاً أكبر.. !! لماذا ترى المؤسسة هذا الكمال فيها!! ولا ترى حقوق المشتركين وواجباتهم نحوهم؟ هل تكون العملية بتلك السهولة عند استلام مستحقاتهم من رواتب المشتركين! وتكون بتلك الصعوبة والتعقيد عند تسليمهم مستحقاتهم؟ أين العدل في ذلك كله؟
خاتمة
المتضررون من المراجعين، ليسوا عشرة ولا عشرين!! حتى نعلل شكواهم بظروف خاصة!! أوراقهم ناقصة مثلاً!!! لكن أن يكونوا أكثر من ذلك بكثير! فهو أمر لا يقبله العقل ولا المنطق، هذا التنامي في شكاوى المراجعين ينم عن وجود أزمة تستلزم علاجاً سريعاً وفعالاً من قِبل المسؤولين في المؤسسة، العلاج لا يتأتى بإنكار الواقع ورفض المشكلة، وادعاء الكمال، بل ان قبول الشكاوى ومساعدة العاملين المصابين وتفهم حاجاتهم والوصول إلى تطلعاتهم، والتعاون معهم بما يخدمهم لهو الدليل الواضح على نجاح المؤسسة، هذا الصرح العظيم في تحقيق أهدافها حتى يتوج هذا الجهد ويؤتي ثماره على أكمل وجه ويعود بالخير والنفع على هذا الوطن الغالي.
** الجدير بالذكر أن المؤسسة قد قامت مؤخراً بتكليف موظفين للعمل بمكاتب العمل في عدد من المحافظات التي لا يوجد للمؤسسة مكاتب بها، وذلك بهدف تقديم الخدمات الأولية لهم وتكوين مراكز اتصال بين مكاتبها وبين عملائها من اصحاب العمل والمشتركين والمستفيدين، وقد بدأت المؤسسة هذا المشروع في ثماني محافظات حسب الأولوية، حيث تمثِّل المواقع الأبعد عن مكاتبها والأكثر احتياجاً، ويقدم هؤلاء الموظفون المرتبطون آلياً بنظام المعلومات بالمؤسسة عدداً من الخدمات للمراجعين يتم تزويد اصحاب العمل (المنتظمين) بالشهادات المطلوبة منهم نظاماً للحصول على خدمات الأجهزة الحكومية في عدة حالات من بينها بلاغات إصابات العمل بالإضافة لإمكانية حصولهم على بيانات عن المسجلين بالنظام من العاملين لديهم، وبخصوص المستفيدين من متقاعدين أو ورثة أو مصابين بإصابات عمل فيتم تقديم طلبات الحصول على هذه الخدمات وتلقي الإقرارات السنوية من المستفيدين وطلبات ضم مدد الاشتراك بين نظام التأمينات ونظامي التقاعد المدني والعسكري، وفيما يتعلَّق بالمشتركين على رأس العمل فيمكنهم الحصول على بيانات عن مدد اشتراكهم وأجورهم المسجلة لدى المؤسسة، كما يتولى الموظفون بشكل عام الاجابة على الاستفسارات وتزويد المراجعين بالمعلومات الارشادية والتوعوية عن نظام التأمينات الاجتماعية.
ويُعتبر هذا مجهوداً جباراً لتحقيق قدْر كبير في الاستفادة من هذه المؤسسات وتيسير تقديم خدماتها وتجنيب الجميع عناء السفر والانتقال إلى مكاتب المؤسسة، وهذه الخدمة تأتي متوازية مع التسهيلات الآلية التي أتاحتها المؤسسة مؤخراً من خلال إمكانية التواصل الآلي مع عملائها عبر النظام الجديد للمعلومات لديها، ويأتي هذا تأكيداً من المؤسسة على تقديم الخدمات لعملائها بأفضل الصور، والعمل على تحقيق رضاهم عن تلك الخدمات.

نظام التأمينات الإجتماعية