منذ ساعات

الملف الصحفي

مسميات ولغة الأوراق التجارية بين أحكام النظام والقرارات القضائية (3-4)

جريدة الاقتصادية الخميس 25 ربيع الآخر 1426هـ - 2 يونيو 2005م – العدد 4252

مسميات ولغة الأوراق التجارية بين أحكام النظام والقرارات القضائية (3-4)

خالد أحمد عثمان
قد يطلق أصحاب العلاقة على الورقة التجارية اسما لا يتفق مع صفتها الحقيقية طبقا للبيانات المدونة فيها كأن تسمى (كمبيالة) وهي في الواقع (سند لأمر). والعبرة في هذه الحالة ليست بالمسمى الذي أطلقه أصحاب العلاقة على الورقة وإنما بالمسمى الصحيح الذي يتفق مع البيانات المدونة في الورقة. وهذا ما أكدته اللجنة القانونية في وزارة التجارة في حيثيات قرارها رقم 53 لسنة 1404هـ بشأن التظلم الذي قدمه المدعى عليه ضد قرار لجنة الأوراق التجارية في جدة رقم 854/1403هـ وتاريخ 13/11/1403هـ، حيث قالت اللجنة القانونية ما يلي:
(وحيث إن هذه اللجنة تلاحظ بداءة أن الصكوك موضوع الدعوى وإن كانت قد تضمنت كلمة كمبيالة في أكثر من موضع، إلا أنها ليست كذلك لعدم توافر بيانات الكمبيالة فيها، ولا تعدو أن تكون سندات لأمر توافرت لها بيانات السند لأمر والتي أهمها تعهد المحرر بدفع مبلغ معين لأمر الجهة المستفيدة في تاريخ معين. ومن ثم فإن لجنة الأوراق التجارية في جدة قد جانبت النظام، عندما أسبغت على هذه الصكوك صقة الكمبيالة مسايرة وصف المدعى، إذ يجب على اللجنة أن تضفي على الصك التكييف القانوني السليم دون النظر إلى الأوصاف التي يخلعها الخصوم على هذه الصكوك.
وحيث إنه وإن كان الأمر كما تقدم إلا أنه لما كانت لجنة الأوراق التجارية تختص بنظر منازعات السندات لأمر، كما تختص بنظر الكمبيالات لذا فإن العيب الذي اعتور قرار اللجنة المذكورة لا يؤثر على النتيجة التي انتهت إليها ذلك أن المتظلم لم يطعن على هذه الصكوك بأي مطعن، ولم ينكر صحة مديونيته وإنما قد أثار دفعا يتعلق بالعلاقة الأصلية التي بينه وبين الشركة البائعة، وطالما لم يقض بفسخ أو إبطال هذه العلاقة من الجهة المختصة فإن الصكوك التي حررت تنفيذا للالتزام المترتب على العلاقة الأصلية تكون مستحقة الوفاء). وانتهت اللجنة القانونية إلى رفض تظلم المدعى عليه وتأييد قرار لجنة الأوراق التجارية.
ومن ناحية أخرى، فإنه إذا كان نظام الأوراق التجارية لم يشترط أن تكتب الورقة التجارية بلغة معينة، فإن التساؤل يثور حول مدى صحة الورقة التجارية إذا حررت بعض بياناتها الإلزامية - خلاف مسماها - بلغة غير اللغة الأصلية التي كتبت بها الورقة التجارية؟
لقد أثير هذا الموضوع في قضية تعتبر من أطرف القضايا التي طرحت أمام مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية في جدة، وتتعلق بمطالبة المدعي إلزام المدعى عليه بدفع قيمة سبعة سندات حررها المدعى عليه لأمر أحد البنوك المحلية، حيث ظهرها البنك لأمر المدعي. ولقد أثار محامي المدعى عليه بشأنها دفوعا شكلية متعددة للطعن في صحتها كأوراق تجارية وتبعا المطالبة برد دعوى المدعي لانعدام الاختصاص، ومن تلك الدفوع أنه بالرغم من أن السندات محررة باللغة العربية إلا أن تواريخ السندات والمبالغ المذكورة بها قد كتبت بأرقام غير عربية، الأمر الذي يعدم وجود هذه البيانات ويجعل من ثم السندات خالية من تواريخ الإنشاء ومبالغ قيمتها، وتبعا لذلك تكون هذه السندات قد فقدت أهم البيانات الإلزامية المنصوص عليها في المادة 87 من نظام الأوراق التجارية، واستند محامي المدعى عليه في هذا الدفع إلى القرار الثالث الذي أصدره مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في سنة 1403هـ، القاضي بالتأكيد على مضمون القرار الصادر من مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية والمتضمن عدم جواز تغيير رسم الأرقام العربية المستعملة حاليا برسم الأرقام الأوروبية المستعملة في العالم الغربي. وأضاف محامي المدعى عليه إلى ذلك أن اسم المدين قد كتب في بعض السندات بحروف لاتينية، مما يفقد هذه السندات وحدة اللغة ويجعلها قد كتبت بلغة مزدوجة، وهذا يتنافى مع مفهوم الفقرة (أ) من المادة 87 المشار إليها التي تفيد أن تكون للسند لغة واحدة.
ولقد رد محامي المدعي على هذا الدفع بالقول إن النظام سمح صراحة باستعمال اللغة أو ازدواجية اللغة التي يتوافق عليها أطراف السند، بدلالة أن المشرع استعمل عبارة (باللغة التي كتب بها) في كل من المادتين 1 و87 تاركا الحرية للأطراف باستعمال اللغة التي يتفقون عليها، وأن استناد المدعى عليه إلى القرار الصادر عن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في سنة 1403هـ، في غير محله لأنه عبارة عن بحث أدبي ولا يمت إلى القانون بصلة. ولقد أجاب محامي المدعى عليه على هذا الرد بما يلي:
1- لا شك أن النظام قد سمح للأطراف أن يختاروا اللغة التي يحررون بها الورقة التجارية، ولكن أوجب أن تكون جميع بيانات الورقة التجارية قد حررت باللغة التي صيغت بها الورقة التجارية بدلالة المواد (1، 87، 91) من نظام الأوراق التجارية، بحيث إذا حررت الورقة التجارية باللغة العربية فيجب أن تكون جميع بيانات هذه الورقة مكتوبة بالحروف والأرقام العربية، أما أن تكون بعض البيانات بحروف وأرقام عربية، والبعض الآخر بحروف وأرقام غير عربية، فإن الورقة التجارية تفقد عندئذ وحدة اللغة وتصبح غير ذات معنى وتفقد بالتالي صفتها كورقة تجارية محررة في الشكل القانوني المطلوب نظاما. ويبدو أن المدعي قد خلط بين ازدواج لغة الورقة التجارية، بمعنى أن تكتب الورقة بلغتين كاللغة العربية والإنجليزية معا بحيث تكون جميع البيانات المطلوبة نظاما محررة باللغة العربية وكذلك محررة جميع هذه البيانات باللغة الإنجليزية، وهذا أمر لا غبار عليه، وبين ازدواج لغة السند بمعنى أن تكون بعض البيانات الإلزامية محررة بحروف وأرقام معينة، وأن يكون البعض الآخر من البيانات محررا بحروف وأرقام لغة أخرى، كما هو حادث في الأوراق محل الدعوى، فهذا الأمر غير جائز نظاما ويفقد بيانات الورقة وحدة اللغة وتبعا صفتها كورقة تجارية.
2- إن القرار الصادر من مجلس المجمع الفقهي الإسلامي القاضي بعدم جواز استعمال الأرقام الأوروبية بدلا من الأرقام العربية الحالية، ليس بحثا أدبيا وغير ذي صلة بالقانون، كما يزعم المدعي، وإنما هو قرار مبني على أساس فقهي شرعي، وأن من المناسب في هذا الصدد ذكر الحقائق التالية:
أ- إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي ليس مجلسا لمجمع اللغة العربية وآدابها وإنما هو كما يبدو واضحا من اسمه، مجمعا فقهيا إسلاميا يبدي الرأي والفتوى في جميع المسائل التي تهم المسلمين من وجهة الشريعة الإسلامية الغراء.
ب- إن القرار المذكور، كما يبدو من قراءته، ما هو إلا تأكيد لمضمون القرار الصادر من مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بشأن هذا الموضوع. ونظام هيئة كبار العلماء الصادر بالمرسوم الملكي رقم أ/137 وتاريخ 8/7/1391هـ ينص في مادته الثانية بأن هذه الهيئة تتكون من عدد من كبار المختصين في الشريعة الإسلامية، كما ينص في مادته الثالثة بأن تتولى الهيئة إبداء الرأي فيما يحال إليها من ولي الأمر من أجل بحثه وتكوين الرأي المستند إلى الأدلة الشرعية فيه، وكذلك التوصية في القضايا الدينية المتعلقة بتقرير أحكام عامة ليسترشد بها ولي الأمر وذلك بناء على بحوث يجري تهيئتها وإعدادها طبقا لما نص في هذا النظام واللائحة المرافقة له.
وانتهى محامي المدعى عليه إلى تأكيد تمسكه بدفوعه الشكلية والمطالبة بتطبيق قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي سالف الذكر ورفض دفوع المدعي ورد الدعوى لعدم الاختصاص.

نظام الأوراق التجارية
نظام سير العمل بهيئة كبار العلماء
لجنة بـالتجارة للفصل في قضايا الكمبيالات
وزارة العدل توقف البت في قضايا الكمبيالات
ارتفاع في حجم القضايا المتعلقة بالشيكات المرتجعة والسندات والكمبيالات