منذ ساعات

الملف الصحفي

(المساييل)

جريدة الاقتصادية الاربعـاء 02 ربيـع الثانـى 1426 هـ 11 مايو 2005 العدد 4230

(المساييل)

يوسف الفراج
المساييل جمع: مسيل، وهو مجرى الماء، فالأرض التي تنحدر منها المياه إلى المزارع، أو الأودية تسمى (مسيلة)، وهذه الأراضي لها أحكام فقهية خاصة بها، فهل هي مملوكة لأصحاب المزارع المستفيدين من الماء، أم أنها لا تملَّك؟ وهل يجوز لأحد غيرهم أن يقوم بتملكها بإحياء، أو إقطاع (المنح)؟ وموجب هذا الحديث: هو أنها سبب من أسباب الخلافات والدعاوى، وذلك لأن الأمر فيها مشكل ومحتمل.
وهناك فتوى مشهورة للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة ورئيس القضاة في وقته في هذا الموضوع، وقد جاء فيها أن المساييل على نوعين:
الأول: ما كان فيه عمل لصاحب الملك، كأن يحفر الأرض لحفظ الماء ومن ثم يجريه إلى أملاكه، فهذا النوع يملك بالإحياء لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحيا أرضاً ميتة فهي له)، وتأسيساً على أن مفهوم الإحياء يرجع فيه إلى عرف الناس ومرادهم.
الثاني: ما ليس فيه عمل لصاحب الملك وإنما هناك جبل ينحدر سيله بطبعه إلى جهة ملكه، فيسقي زرعه، فهنا لا يجوز لصاحب الملك تملك المسيلة، وإنما له حق الاختصاص لقوله صلى الله عليه وسلم (من سبق إلى ما لم يسبق إليه المسلم فهو أحق به)، وهذا تفصيل جامع للمسألة، انظر الفتاوى له (8/ 233).
وحق الاختصاص الذي أشار إليه الشيخ هو حق وسط بين الملك وعدمه، يعطي للشخص سلطة معينة على الأرض تجيز له الاستفادة منها من غير تملكها.
ومن أحكام هذه الأراضي (المساييل) أنه لا يجوز لأحد أن يتملكها كما لا يجوز إقطاعها، وذلك لما فيه من الضرر على أصحاب الأملاك المستفيدين منها، وليس الأمر محصوراً في المساييل، بل قرر الفقهاء قاعدة عامة في ذلك ترفع الضرر عن الناس، وتحقق الحقوق لأهلها، جاء في الشرح الكبير: (كل ما تعلق بمصالح العامر: من طرقه، ومسيل مائه، ومطرح قمامته، وملقى ترابه فإنه لا يجوز إحياؤها بغير خلاف في المذهب، وكذلك ما تعلق بمصالح القرية: كفنائها، ومرعى ماشيتها، ومحتطبها، وطرقها، ومسيل مائها، لا يملك بالإحياء، لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم (وما أورده الفقهاء إنما هي أمثلة حسب زملائهم، وعلى هذا فالعبرة بالقاعدة وهي: أن كل ما تعلق بصالح البلد، وأهله فيجب أن يحفظ لهم، ولا يجوز لأحد أن يتسلط عليه ويختص به من سائر الناس، وهذه عدالة ظاهرة).
وبخصوص المساييل فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم (1323) في 15/11/1392هـ مستنداً إلى ما وضعته الهيئة القضائية العليا من ضوابط وهي:
1 - ثبوت حق الاختصاص بالارتفاق بالمساييل، ولولي الأمر منع أصحاب الأملاك من إحيائها إلا بإذنه.
2 - عدم جواز التصرف فيها بما يحرم الأملاك من ماء السيل أو يقلله، وإذا اقتضت المصلحة العامة تصرف الدولة في شيء منها فعليها تعويض أصحاب الاختصاص عما فاتهم وذلك بتقدير الملك مع حقه من الارتفاق بمسيله، وتقديره محروماً من ماء السيل، والفرق بينهما هو التعويض المستحق.

قاضٍ في وزارة العدل