منذ ساعات

الملف الصحفي

ضحايا المساهمات ... هل يحميهم القانون؟

جريدة الاقتصادية الأحد 15 ربيـع الأول 1426 هـ 24 ابريل 2005 العدد4213

ضحايا المساهمات ... هل يحميهم القانون؟

رغم المقولة الشهيرة إن القانون لا يحمي المغفلين، إلا أن الحقيقة أن القانون لا يحمي المحتالين بالدرجة الأولى، وإلا لقبلنا أن تكون بيئة العمل التجاري والاستثماري مصيدة يقيمها الأذكياء للأغبياء دون محاسبة لما يقوم به الأذكياء من نصب واحتيال ودعاية كاذبة أو مضللة. ولأن مبادئ التعامل تقوم أولا على الثقة قبل التعاقد، فإن من يتعامل مع مؤسسة أو شركة لا يمكن لومه لو وقع ضحية احتيال وتغرير مالي، خصوصا وهو ينطلق من أن تلك الشركة أو المؤسسة مصرح لها بالعمل ويفترض في القائمين عليها توافر الصدق والحقيقة فيما يقدمونه من معلومات أو ما يعرضونه من خدمات أو فيما يصرحون بالالتزام به من وعود.
ولأن الدعاية الإعلامية تقوم بدور التسويق للخدمات والمنتجات فإن وجود هذه الدعاية تحت مرأى ومسمع الجهات الرسمية يعطي المزيد من الثقة للتعاقد مع تلك المؤسسات والشركات، إذ لو كانت تعمل دون غطاء قانوني لما سمح لها بالاستمرار ولتم وقفها أو التحذير منها. ومن هذا المنطلق يبدو أن اللوم الذي يلقاه بعض المشتكين أو المدعين بالحق الخاص عندما يتقدمون بطلباتهم إلى الجهات التنفيذية والقضائية ولومهم لتضييعهم حقوقهم يبدو أنه في غير محله أحيانا.
وكما أن دور وزارة التجارة أن تصدر التراخيص القانونية للعاملين في الحقل التجاري، فإن دورها أيضا لا يقتصر على ذلك بل يتعداه إلى الرقابة على مدى التزام تلك الشركات والمؤسسات بممارسة نشاطها المرخص به فقط وحسبما هو محدد في السجل التجاري. وهذا الدور يمكن أن تقوم به جهات تفتيش تتعاون مع الوزارة بعقود تحدد المهام التفتيشية وآلية العمل وإعداد التقارير وتقديم الأدلة. وبلا شك فإن هذا العمل سيكون مأجورا ولكنه سيكون ذا مردود على مصداقية التعامل المالي في سوق أصبحت تعج بالمخالفات القانونية، التي يمكن تداركها ولكن بعد فوات الأوان وتعدد الضحايا وكثرة الخسائر، حتى يبدو للمراقب أن أي جهد يبذل ليس أكثر من مجرد حصر للخسائر وتحديد لقوائم الضحايا حتى يمكن معرفة نطاق المشكلة فقط دون حل عملي لما يمكن أن يتكرر من حالات مماثلة.
وإذا كان من البدهي أن وعي المواطن هو حجر الزاوية في تفادي تكرار حالات الاحتيال المالي الجماعي في المشاريع الوهمية فإن من الصدق مع الذات الاعتراف بأن شريحة من مجتمعنا تملك المال، بل شريحة كبيرة تحوز في الوقت الراهن سيولة نقدية هائلة ولكن يغلب على هذه الشريحة بساطة الفكرة وسرعة الاقتناع، وسهولة تصديق ما يقال حتى وإن بدا ضربا من الخيال، ومن هنا فإن حماية البسطاء أو العامة أمر ضروري بل ويرتبط به عدة عوامل أمنية خصوصا متى كان الاحتيال ينصب على الاستيلاء على السيولة النقدية وتسخيرها في المزيد من الدعاية وترويج الوهم وأحيانا بصرف مبالغ من الرساميل المتكدسة على أنها أرباح، فأي نصب واحتيال يفوق هذه الظاهرة الفريدة في حجمها واتساع نطاقها وخطورة نتائجها؟
ولعل من يتساءل عن أسباب النمو غير المقبول لظاهرة الاحتيال الجماعي في السوق المحلية، وعدم توقف هذا الاحتيال رغم النتائج غير السارة، ورغم التحذيرات الرسمية، ورغم ما يكتب في الصحف لا يجد إجابة شافية سوى أن قصور وعي المواطن، وحجم السيولة النقدية في السوق، وعدم وجود رقابة على نشاط الشركات والمؤسسات، عوامل أساسية ومتضافرة في الانتشار الهائل لمشاريع المساهمات. ولكن يجب ألا يكون من بين تلك العوامل القناعة بأن القانون لا يحمي المغفلين أو بالأصح المساهمين.

ضحايا المساهمات ... هل يحميهم القانون؟