منذ ساعات

الملف الصحفي

وعي المواطنين ... هل يوقف مزاد المساهمات المالية؟

جريدة الاقتصادية الثلاثاء 26 صفر 1426هـ - 5 إبريل 2005م – العدد 4194

وعي المواطنين ... هل يوقف مزاد المساهمات المالية؟

عندما يكون هناك ترخيص نظامي لفتح مساهمة مالية، فإن الأمر يتوقف على مدى التزام صاحب المساهمة ومصداقيته في الوفاء بالتزاماته، ولكن عندما تكون المساهمة مجردة من أي غطاء قانوني، فإن الأمر لا يتوقف على مدى الالتزام بل مدى مشروعية جمع تلك الأموال تحت اسم مساهمة مالية لأي غرض كان. لقد أصبح من المألوف في السوق المحلية أن تجد من يعلن من خلال موظفيه ومكتبه أن لديه مشروعا استثماريا مغريا وبأرباح محددة تقريبيا، داعيا الجمهور من الناس إلى المساهمة لديه في مشروعه الاستثماري. ورغم اعتراف القائمين على تلك المساهمات بأن أوضاعهم القانونية غير سليمة من حيث الترخيص بممارسة النشاط، ورغم مصارحتهم العملاء بذلك إلا أن حجم الأموال التي يتم تسليمها والعدد الكبير للمساهمين، يعكس أن هناك اندفاعا من المواطنين نحو تلك المساهمات غير النظامية. ولعل السبب في وجود تلك المسامات وجود فائض في السيولة النقدية من ناحية، وضعف العوائد على صناديق الاستثمار والودائع في البنوك، وانعدام الربحية على ملكية الأسهم في الشركات المساهمة السعودية إلا ما ندر. كما أن من عوامل هذه الظاهرة الخطيرة عدم وجود عنصر الردع القانوني والإجرائي لمواجهة الاحتيال عن طريق المساهمات المالية، والتي أصبحت أفضل الطرق نحو حصد أموال الجمهور من المواطنين تحت إغراء الربح السريع والمجدي. إن الدور الملقى على عاتق الأجهزة الأمنية يتطلب التحرك السريع والفوري نحو كل من يقوم بجمع مساهمات مالية دون ترخيص، لأن ذلك مؤشر على وجود مخطط زمني تصحبه حملة إعلانية وتسويقية تستهدف الاحتيال على الأفراد. ولأن للمواطن دورا كبيرا في مساعدة أولئك المحتالين في إتمام عملية الاحتيال، بحيث يمكن القول إن المواطن، وإن كان ضحية، إلا أنه في الوقت نفسه يساهم في إتمام وإنجاز هذه الجريمة المالية. ومن هنا فإن وعي المواطن يجب أن يكون العامل الرئيسي في وقف هذه الظاهرة التي تكررت بشكل متماثل، حتى أصبح من المستغرب عدم الاستفادة من تجارب الآخرين الذين خسروا في تلك المساهمات وقادتهم تلك العلاقات الاستثمارية إلى شكاوى أمام الجهات الأمنية بدعوى وقوعهم ضحية الاحتيال، رغم ذلك التساؤل الذي تطرحه الجهات الأمنية عن دور المواطن غير المسؤول في تشجيع المحتالين بسبب عدم وعيه وتقديره للموقف من حيث خطورة ما يقدم عليه من تسليم أمواله إلى أشخاص غير مرخص لهم. إن من أسباب تزايد ظاهرة جمع الأموال تحت غطاء المساهمات ذلك الدور المهم والرئيس الذي يقوم به بعض المسوقين ممن يخدمون فكرة المستثمر أو المشغل لتلك الأموال، ولأنهم مستفيدون بما يحصلون عليه من عمولات مالية لقاء التسويق، فإنه لا يهمهم ما يمكن أن ينتج عن توظيف تلك الأموال لدى شخص غير مرخص له أو ليس لديه المقدرة على الوفاء بالحد الأدنى، وهو المحافظة على الأقل على الرساميل المسلمة إليه. إن تحمل المسؤولية يجعل من جميع الأطراف محل سؤال لو فتح ضدهم تحقيق جنائي، إذاً لا يشفع للوسيط أنه مجرد حلقة وصل بين طرفين ما دامت تلك العلاقة ليس لها غطاء قانوني. إن التوجيهات قد صدرت أخيرا بأن أصحاب الحقوق عليهم التقدم بطلباتهم إلى القضاء المختص لإثبات حقوقهم أولا بأحكام قضائية ضد مَن تم تسليمهم الأموال لتشغيلها سواء كانوا مشغلين لتلك الأموال، أو مجرد وسطاء في تشغيلها. ولعل تزايد الشكاوى من المساهمين أصبح يفرض عدم الاستماع إلى من فرط في أمواله طوعا واختيارا وهو بكامل إرادته الشرعية، فمسؤولية الجهات الأمنية ليست في حماية المفرط والمهمل، بل إن ذلك دور القضاء الذي لن يكون من اليسير إقناعه بعقود توظيف الأموال لأمور قانونية وشرعية في الوقت نفسه.



نظام الشركات