منذ ساعات

الملف الصحفي

التنظيمات الجديدة جاءت لإنهاء الاختلافات

جريدة الوطن الأثنين 1426-02-25 هـ الموافق 2005-04-04 م العدد 1648 السنة الخامسة

وصفوها بأنها ستسهل معاملات المواطن القضائية
رؤساء محاكم ومستشارون ومحامون:التنظيمات الجديدة جاءت لإنهاء الاختلافات
ومنع التداخل في المهام رجال الأعمال يطالبون بالمشاركة في وضع اللوائح والأنظمة للمحاكم التجارية التخصص يعطي القاضي فرصة التعامل مع القضية بتمعن وإصدار أحكام دقيقة

جدة: مصطفى الفقيه،عاصم الغامدي، معيض الحسيني
عبر عدد من القضاة والمستشارين القضائيين والمحامين ورجال الأعمال عن ارتياحهم لصدور الأوامر الملكية القاضية بالتنظيمات المستحدثة والجديدة بالمحاكم المتخصصة وانعكاساتها الإيجابية التي وصفوها بأنها جاءت في حينها، وأصبح بإمكان القاضي المتخصص أن يكون على دراية حسب كل قضية مطروحة بعد أن يتم تحديده بعمالية أو تجارية أو أحوال شخصية، وأوضحوا خلال أحاديثهم لـ الوطن أن التخصص مطلوب في كل أنحاء العالم كون القاضي من بني آدم وله طاقة وقدرات محددة ويجب أن يتفرغ حسب اختصاصه لتظهر مقدرته في النظر بالقضية وهو متوقد الرأي والحس .
في البداية أوضح رئيس المحاكم الجزئية في محافظة جدة الشيخ عبدالله العثيم أن التنظيمات القضائية الجديدة أعادت هيكلة عدد من اللجان كانت في السابق وتم استحداثها بمحاكم خاصة كالمحاكم العمالية والتجارية، مشيرا إلى أن ما حدث لمسمى محاكم التمييز هو تحوير لأن محاكم الاستئناف هي محاكم التمييز، التي تلغى كمسمى وندعو الله جلت قدرته أن ينفع الناس به .
وبيّن المحامي أسامة يماني أن هذه التنظيمات لها انعكاسات إيجابية حيث إنها تطبيق فعلي للقواعد العامة التي تحدد ولاية كل جهة قضائية، وهذه التنظيمات ما هي إلا تأكيد لمبادئ وقواعد واجبة التطبيق ويجري بها العمل لدى كل الجهات القضائية سواء في السعودية أو خارجها، مبينا أن الالتزام القضائي بها هو إثراء لمبدأ حيادية القضاء وموضوعيته، ولا يعني أن هناك جهات معينة لا تختص بنوع من القضايا عن أخرى، وأن يكون ذلك يشكل نوعا من التشكيك في القدرات وإنما يذهب المسؤولون في التقسيم الاختصاصي وجعل المحاكم المتخصصة في قضاي أخرى مماثلة، ويرى أن الشروط الواجب توفرها في قضاة المحاكم المتخصصة في المجال يعطي القاضي أبعادا كبيرة وجوانب إيجابية حسب كل قضية .
وأشار المستشار القانوني علي العقلا إلى أن التنظيمات الجديدة تأتي في صالح الفرد لضمان حقه في التقاضي الذي أكده النظام الأساسي في الحكم، وهي أيضا توحيد للإجراءات وقطع للخلاف ومنع للتداخل في الصلاحيات، وكانت مطلبا للجميع حتى تكون جميع الجهات القضائية والإدارية المعنية بالقضاء تحت مظلة واحدة لكي تتلافى الأخطاء السابقة عندما كانت هناك محاكم ابتدائية وعمالية، وقال أتوقع أن الحاجة ملحة الآن لاستقطاب محامين كون السوق القضائي السعودي يحتاج إلى 10 آلاف محام للفترة المقبلة، أضف إلى ذلك أننا بحاجة إلى قضاة متمرسين من خريجي الأنظمة ولا يقتصر القضاة على خريجي الشريعة فقط، لأن التنظيمات الجديدة تأخذ الآن بالمواد والأنظمة القانونية إضافة إلى اعتمادها في الأصل على الشريعة الإسلامية وإن شاء الله تكون فاتحة خير لأن التخصيص ما دخل في شيء إل زانه، وأوضح أن أهم الشروط الواجب توفرها في قضاة المحاكم المتخصصة تطوير القدرات من خلال الدورات المتخصصة في مجال العمل حسب تخصص كل محكمة من المحاكم المستحدثة مع الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذه المجالات بما يتناسب وتنظيماتن .
واعتبر أن انعكاسات هذه القرارات إيجابية وتصب في مصلحة المواطن بعد التخصص الذي سيساعد القاضي على النظر بتمرس في القضية المطروحة، ويسهل عليه دراسته والبت فيها وإنهاءها على الوجه المطلوب وعدم تعثر القضايا في المحاكم ما يسهل معاملات المواطن في المجال القضائي .
من جهته قال المستشار القانوني الدكتور باسم عالم القرارات الجديدة التي صدرت مهمة جدا بالنسبة للمجتمع وإن لم تؤت أكله اليوم أو لم يلاحظ الناس أثرها فهي من منطلق آثارها المستقبلية ستكون عظيمة جدا، ووجود محكمة استئناف يعني درجة إضافية من التقاضي وسوف نصبح كأي دولة أخرى لن درجتان من التقاضي رئيستان، وبذلك سيضطر القاضي في المحكمة الابتدائية أن يمعن النظر في أحكامه ومسبباتها لأن هذه الأحكام ستكون محل نقد ونظر في الاستئناف، وللمعلومية يجب التفريق هنا بين التمييز سابقا والاستئناف حاليا، إذ إن التمييز مجرد التدقيق في الأحكام ومراجعتها دون الحق في التقاضي والترافع، لكن الاستئناف هو الحق في التقاضي أمام هذه المحكمة الجديدة والقاضي له الحق في النظر فيما يستجد من أدلة وحقائق في القضية، إضافة إلى مراجعة التطبيق القانوني والمسببات القضائية للحكم، كما أن لأطراف القضية الحق في التواجد والترافع عند التقاضي في محكمة الاستئناف وهو أمر سوف يلزم القضاة في المحكمة الابتدائية أن يكونوا أكثر دقة في أحكامهم وأكثر وضوحا في مسبباتها ومسببات اختيار الدليل، وفي الترجيح بين الأدلة والقبول بالحقائق والمعطيات أو رفضها، كما أن هذا النظام عندما يكون نظاما متكامل ومتشعبا وأكثر تفصيلا فإنه سوف يحتم على القطاع الخاص والمجتمع أن يتعامل مع المنظمة القضائية بشكل أكثر مهنية ما يعني اللجوء إلى أصحاب الكفاءات من المحامين القادرين والمؤهلين للتعامل مع هذه المنظومة، كما أن إنشاء المحاكم المتخصصة كالتجارية والعمالية تعتبر مهمة جدا لأنها تجعل من القاضي مختصا في نوعية القضاي وتؤهله لتكوين الخبرة التراكمية في نوع معين من القضايا ما يسهل عليه فهم الحالات المقدمة أمامه والحكم فيها ونحن ننتظر اليوم التفاصيل التنفيذية لهذه القرارات .
وقال رئيس دائرة الرقابة على السجون وتنفيذ الأحكام في محافظة جدة المستشار غازي الصبان إن هذه القرارات تشكل نقلة نوعية في تاريخ القضاء حيث أصبحت هناك عقب صدور هذه القرارات محكمة عليا شبيهة بمحاكم النقد المعمول بها في كافة الدول، وسيكون مجلس القضاء الأعلى حسب ما هو مفهوم داخل إطار المحكمة العليا ومن شأن هذه القرارات تسهيل وتيسير التقاضي على أصحاب القضايا من المواطنين والمقيمين، وولاة الأمر حرصوا كل الحرص على إنشاء هذه المحكمة العليا التي ستكون موحدة لجميع الإجراءات .
أما أبرز نقطة فهي إيجاد محاكم استئناف في جميع مناطق المملكة سيكون حكمها باتا ونهائيا ويمكن في حال الاعتراض عليه الرفع للمحكمة العليا، بالإضافة إلى إنشاء محاكم للعمال ومحاكم تجارية، كما تم تغيير مسمى محكمة الضمان والأنكحة لتصبح محاكم الأحوال الشخصية التي تشمل كافة القضايا الخاصة والقضايا الأسرية وقضاي الأحوال الشخصية والنفقة والحضانة والزواج والطلاق، أما المحاكم العمالية فإنه متخصصة في جميع ما ينشأ من قضايا عمالية سواء المطالبات المالية أو غيرها التي كانت في السابق تزحم أروقة المحاكم لكثرتها ما سيعود بالنفع على المواطنين من أصحاب القضايا الأخرى من حيث سرعة الإنجاز، بالإضافة إلى المحاكم الخاصة بالحوادث المرورية والتجارية، من هنا يأتي التخفيف على القضاء وهي منظومة كان الكل يتطلع إليه .
رجال الأعمال أكدوا بدورهم أن قرار إنشاء محاكم تجارية وعمالية جاء في وقته بعد أن أصبح الوسط الاقتصادي بمختلف مجالاته بحاجة إلى متخصصين للنظر في المشكلات التي يعانيها في ظل التقدم التقني والنشاط الكبير للحركة الاقتصادية .
وأشاروا إلى أنهم طالبوا أكثر من مرة بضرورة تأسيس محاكم متخصصة للحاجة إليها لعدم وجود قضاء متخصص لديه إلمام كامل بالقضايا التجارية والعمالية التي تطورت مراحلها وتشعبت فروعها، وطالبوا بضرورة إشراكهم في وضع اللوائح التنفيذية التي ستصدر لتلك المحاكم لدرايتهم الكاملة باحتياجات الوسط الاقتصادي وكذلك الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال .
وعبروا عن تخوفهم من عدم الاستفادة من المحاكم التجارية والعمالية إذا بقيت تعطل القضايا التي تصلها، مشيرين إلى أن وجودها سيساهم في حل العديد من المشكلات التي كان يتم البت فيها سابقا غير أنها لا تجد التفعيل .
وقال مدير عام مؤسسة العكيلي للتجارة والخدمات محمد عبد الله العكيلي لقد كنا نطالب من خلال الغرف التجارية بضرورة إنشاء محاكم تجارية متخصصة تستطيع البت في الكثير من القضايا المستجدة على الوسط الاقتصادي، وفي مقدمتها الشيكات المرتجعة التي لا يوجد جهة مخولة بالبت فيها غير وزارة التجارة، ورغم أنها كانت تصدر قرارات ضد أصحابها إلا أنها لا تفعل، ووجود محاكم تجارية سيساهم في الإسراع في إنهاء القضايا التجارية التي كانت تأخذ وقت طويلا في المحاكم الشرعية لعدم تخصص القضاة فيه.وأكد أن وجود المحاكم التجارية والعمالية لا يكفي بحد ذاته فالمطلوب وضع لوائح وأنظمة على كفاءة عالية تجعل تلك المحاكم تقوم بدورها الذي أنشئت من أجله وبغير تلك اللوائح سيكون وجودها غير مهم والاستغناء عنها أفضل .
وطالب العكيلي بمشاركة رجال الأعمال من خلال الغرف التجارية في بعض بنود اللائحة التنظيمية للمحاكم التجارية والعمالية ليتم التوصل إلى رؤية واسعة وشاملة تساعد على تحقيق أهداف تلك المحاكم، وكذلك الاستفادة من تجارب الدول الأخرى لأن هذه المحاكم ليست غريبة على معظم دول العالم .
وأضاف أن المشكلات العمالية تشعبت وأصبحت معقدة جدا وتحتاج إلى متخصصين للنظر فيها وليس مجرد لجنة فرعية لذلك يجب أن تكون اللائحة التنفيذية لهذه المحاكم أيضا على قدر كبير من الدقة والتبصر بالواقع لحماية رب العمل والعامل .
وأشار ماجد عبدالمجيد بترجي إلى أن المسالة تعود إلى أخلاقيات التجار أنفسهم أكثر من تأسيس محاكم تجارية وعمالية متخصصة، فمعظم دول العالم لديها مثل هذه المحاكم ورغم ذلك لا تزال المشكلات التجارية فيها تمثل نسبة كبيرة، ما يعني عدم مساهمتها في تقليل المشكلات التجارية رغم أنظمتها القوية، وفي المقابل فإن تأسيس هذه المحاكم يأتي بهدف التخصيص وهذ سيساهم كثيرا في تسريع البت في القضايا لأنها ستكون لدى متخصصين على دراية تامة بالنظم التجارية المحلية والعالمية .
ورفض مشاركة رجال الأعمال في وضع اللوائح التنظيمية لهذه المحاكم معللا ذلك بأنهم ربما يسعون إلى النظر في مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة، وقال يمكن الاستفادة في هذه النقطة من المتخصصين في البنوك المحلية لأنهم الأكثر معرفة بوسائل الغش والاختلاس التي يتبعها بعض التجار، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في مجال المحاكم التجارية والعمالية عند وضع اللوائح التنظيمية لها، وطالب بترجي أن تكون الخدمات المقدمة في هذه المحاكم على قدر كبير من الرقي وأن تنظر للتجار ورجال الأعمال كشركاء لها وليس كمتهمين .
ويقول رئيس مجموعة ناقور الدولية علي ناقور إن وجود محاكم تجارية متخصصة سيجعل القضاة أكثر تعمقا وتبحرا في تخصصاتهم بعكس وجود قضاة عموميين، وهذ يساعدهم على البت فيها بتعمق أكبر وفي وقت أسرع مما لو كانت عند قضاة عموميين .
وأضاف أننا منذ زمن ننادي بوجود محاكم تجارية متخصصة لأنها ستساعد على فهم القضايا بعمق أكبر والبت فيها في وقت أسرع، بالإضافة إلى أن التطور التقني ساهم في تطور أساليب الاتفاقيات التجارية، فهناك مثلا صفقات تتم عن طريق الفاكس والإنترنت والمحاكم الحالية لا يمكنها البت فيها لأنها غير متخصصة في التجارة وأساليب الاتفاقيات الجديدة، وهذا ينطبق أيضا على القضايا العمالية التي ما زالت تخضع حتى الآن إلى لجنة فرعية تتبع وزير العمل وتمتلك صلاحيات محدودة جدا تجعلها ل تؤدي واجباتها وهي توفيقية بين العامل ورب العمل أكثر منها محكمة للبت في القضاي .
وطالب ناقور بإشراك رجال الأعمال في وضع اللوائح التنظيمية للمحاكم التجارية والعمالية لأن أخذ آرائهم سيساهم في إظهار خلفيات اللجنة التي ستضع تلك اللوائح بحكم معرفتهم بأحوال السوق اليومية، وكذلك الاستفادة من تجارب الدول الأخرى بأن نأخذ منها ما يتناسب مع مجتمعنا وشريعتن الإسلامية