منذ ساعات

الملف الصحفي

انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية والضوابط التجارية

جريدة الرياض الاثنين 18 صفر 1426هـ - 28 مارس 2005م - العدد 13426

انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية والضوابط التجارية

د. عبد الوهاب بن سعيد القحطاني ٭
انضمام المملكة لعضوية منظمة التجارة العالمية خيار استراتيجي لا بديل له لأننا جزء من هذا العالم الذي أصبح قرية اقتصادية عالمية. وبالرغم من أن انضمام المملكة جاء متأخراً إلى حد كبير لأسباب عديدة أهمها السياسات التجارية التي تتبعها المملكة وما تبع الحادي عشر من سبتمبر 2001م من تبعات سياسية سلبية جعلت الدول الرئيسة في المنظمة تضع شروطأً أكثر تعقيداً للمفاوضات التجارية الثنائية مع المملكة .
ولقد طورت المملكة سياساتها التجارية إلى حد كبير لتتماشى مع الاتفاقيات والسياسات التجارية للمنظمة التي تهدف لدفع التجارة العالمية إلى الأمام. ويجب أن نكون متفائلين بما سيجلبه الانضمام من فرص ومخاطر للمملكة، ففرص التوسع لشركاتنا في الأسواق الخارجية ممكنة إذا كانت شركاتنا على درجة عالمية من التنافس بينما يصبح وضعها التنافسي ضعيفاً إذا كانت غير مستعدة لمواكبة المنافسة العالمية. أما المخاطر التي تواجه الشركات السعودية فإنها تنبع من ضعفها الذي يستغله المنافسون سواء في السوق السعودية أو الأسواق العالمية، لذلك يجب أن تطور نقاط الضعف لتقلل من تكلفة المخاطر عليها. بيئة الأعمال الإقليمية والدولية مليئة بالمخاطر ذات المصادر المتعددة مثل التغير في توجهات المنافسين، وتغيرات في السياسات الدولية، وتجدد في تكنولوجيا الإنتاج وغيره .
وسيكون رجال وسيدات الأعمال السعوديون من المستفيدين من انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، وبالأخص عندما يوجهون منتجاتهم وخدماتهم للأسواق العالمية من خلال سياسات تسويق فاعلة تضع حساسية ورضى الزبون في المقام الأول. وسيكون من بين المستفيدين والمتضررين من الانضمام للمنظمة الشركات العائلية بدرجات متفاوتة حسب قدراتها التنافسية، لذلك يجب أن تتبنى سياسات استراتيجية قوية تناسب قوة المنافسين . وسيكون للانضمام تبعات تؤثر على قطاع الأعمال السعودي، وعلى وجه الخصوص القطاعات الاقتصادية التي تحظى بدعم الحكومة المالي مثل القطاع الزراعي والقطاعات الصناعية التي توفر لها التمويل من خلال صناديق التنمية المختلفة في المملكة. ومن أبرز فوائد الانضمام للمنظمة ما يلي :
1- تطوير جودة السلع والخدمات بشكل خاص وأداء الاقتصاد السعودي بشكل عام نتيجة لضغوط المنافسة العالمية .
2- توفير السلع والخدمات للسعوديين بسعر تنافسي يناسب دخولهم .
3- تسوية وحل الخلافات والمنازعات التجارية بطريقة مهنية محترفة عن طريق المنظمة بطريقة تحفظ للسعوديين وشركائهم الاقتصاديين حقوقهم .
4- تحقيق العدالة للجميع في الأسواق العالمية من غير تحيز لدولة على حساب أخرى ما دامت عضواً في المنظمة .
5- تشجع المنظمة على النمو الاقتصادي العالمي، ناهيك عن الفرص التجارية على المستوى المحلي والإقليمي .
6- تساهم عضوية المنظمة في خفض مستوى المعيشة للفرد على المستوى العالمي .
7- يساعد الانضمام للمنظمة على تطوير أنظمة تجارية على مستوى عال من الشفافية .
8- الاستفادة من المعلومات التجارية التي تمتلكها المراكز والمنظمات الدولية مثل مركز التجارة الدولية بجنيف .
9- الاستفادة من الاستشارات القانونية التي توفرها المنظمة للدول الأعضاء .
10- الاستفادة من الاستشارات الفنية للمنظمة، حيث تقدمها للدول الأعضاء من خلال مركز التجارة العالمي بجنيف .
ومن أبرز التبعات السلبية والتحديات تلك التي قد يواجهها المزارعون السعوديون، حيث ستقوم الحكومة السعودية بتقليص الدعم والمعونات المالية وغيرها للمزارعين، بل ومعاملة المزارعين الأمريكيين معاملة المزارع السعودي، وكذلك الحد من الدعم الحكومي لصناديق التنمية وصناديق الاستثمارات، إضافة إلى إلغاء الرسوم الجمركية على ما يزيد عن 1500 سلعة صناعية وزراعية تصنع منافستها في المملكة من قبل شركات وطنية. هذه التوجهات الجديدة بلا شك ستؤثر في أداء القطاعات التجارية والصناعية والزراعية بالمملكة. وهذه بداية الغيث بالنسبة للمفاوضين الأمريكيين الذين يتمتعون بمهارات تفاوضية عالية تحقق لهم المكاسب على حساب الدول النامية التي تعد أسواقها واعدة للشركات الأجنبية. أما صناعة البتروكيماويات والغاز فإن الأمريكيين يضغطون بشكل قوي على السعوديين لإلغاء الميزة التفضيلية التي تتمتع بها الشركات البترولية والبتروكيماوية السعودية. وسيكون لذلك الأثر السلبي الكبير على الصناعات البتروكيماوية والتحويلية على المدى القصير، لكنها ستدفعها نحو المنافسة والتميز في المدى البعيد إن شاء الله. ويعزو الأمريكيون القوة التنافسية للشركات البتروكيماوية السعودية إلى حصولها على اللقيم « Catalysts» بسعر مدعوم يقل بكثير عن سعره في الأسواق العالمية، لذا يستندون إلى اتفاقيات منظمة التجارة العالمية في ما يخص إلغاء الدعم الحكومي في هذا الشأن .
وسيتيح الانضمام للمملكة تحسين أداء القطاعات الإنتاجية بعد الانضمام بخمس سنوات ، لكنني لا أعتقد أنها مدة كافية لإعداد البيت السعودي للمنافسة الشرسة، لذا يجب العمل الحثيث للتسريع في عملية الإصلاح الاقتصادي حتى لا نجد اقتصادنا أسير المنافسة العالمية التي اتاحتها المنظمة للشركات الأجنبية والشركات السعودية على حد سواء. وهناك أمر في غاية الأهمية، حيث ستصبح المناقصات الحكومية ضمن اطار اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، حيث تقوم الكثير من الدول الصناعية للعمل على جعلها مفتوحة للشركات الأجنبية من غير تمييز، لذلك ستفقد الشركات السعودية القوة للدخول فيه . ولا شك في أن المنظمة تشجع على الانفتاح الاقتصادي وتقليص الاحتكار التجاري من حيث المبدأ ما يعطي الشركات الصناعية الحق في اختيار الطريقة التي تنفذ بها إلى الأسواق العالمية، لكنني أشك في مبدأ تحقيق العدالة بين شركات أجنبية عملاقة وشركات وطنية رضيعة. وقد تختار الشركات الأجنبية العملاقة التسويق المباشر لمنتجاتها في الأسواق من غير وكلاء، وربما تتعاون مع الوكلاء الحاليين أو غيرهم لتوسيع حصصها في الأسواق العالمية، خاصة الأسواق الناشئة منها مثل أسواق الدول النامية كالمملكة وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي. ويرى المتخصصون في شؤون منظمة التجارة العالمية أن المملكة قد قامت بإصلاحات اقتصادية كثيرة كافية وواسعة للتوافق مع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية سواء الثنائية منها أو المتعددة الأطراف، لكنهم لم يبذلوا ما يجب بذله من وضع الضوابط التي تحمي اقتصادنا من الممارسات التجارية غير العادلة التي يمكن أن تقوم بها الشركات الأجنبية مثل الإغراق الذي يعد من أكثر الإشكاليات التي تواجه منظمة التجارة العالمية اليوم. وأرى أنه من الأهمية بمكان أن تقوم وزارة التجارة والجهات المعنية الأخرى بالعمل على وضع الضوابط التجارية لحماية المصالح الاقتصادية للمملكة من الممارسات التجارية التي تتنافى مع أسس واتفاقيات منظمة التجارة العالمية، ولن يكون هناك أحرص من الحكومة السعودية على مصالح المملكة الاقتصادية، لذا يجب تهيئة المملكة للانضمام بوضع الضوابط الفاعلة التي تحمينا من المنافسة العالمية غير العادلة. من هذا المنطلق فإنه يستوجب الأمر قيام التشريعات واللوائح والانظمة التي تساعد المملكة على حماية مصالحها الاقتصادية من الممارسات التجارية غير العادلة، خصوصاً أننا في المملكة نحتاج لقوانين صارمة تتعلق بالإغراق الذي يشكل عقبة كبيرة أمام اقتصاد الدول النامية والأقل نمواً. وأرى أنه سيكون للضوابط التجارية الأثر الكبير في حماية كل من الشركات السعودية والشركات الأجنبية المنافسة إذا كنا نسعى للتكامل الاقتصادي العالمي. فالكثير من الشركات العالمية تحاول استغلال الضوابط والانظمة في الدول النامية للحصول على حصص أكبر في اسواقه من خلال الممارسات غير العادلة. والضوابط التي أتحدث عنها هنا هي تلك التي ل تتنافى مع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، بل هي ضوابط تشجع على قيامها المنظمة وتستعين بها في تسوية النزاعات التجارية بين الدول الأعضاء .

 أستاذ الإدارة الإستراتيجية المساعد
بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

المملكة تقترب من الانضمام لمنظمة التجارة العالمية
المملكة في ظل الانضمام لمنظمة التجارة العالمية
الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية أفضل من البقاء خارجها
إبرام 15 اتفاقية ثنائية للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية خلال أشهر