منذ ساعات

الملف الصحفي

اقتصادنا الحر بين إغراق العمالة الأجنبية ... وحماية المنتج الوطني (2 من 2)

جريدة الاقتصادية الأحد 26 ذي الحجة 1425هـ - 6 فبراير 2005م – العدد 4136

اقتصادنا الحر بين إغراق العمالة الأجنبية ... وحماية المنتج الوطني (2 من 2)

د. عدنان بن عبد الله الشيحة
كيف السبيل للخروج من دائرة وجهتي نظر متناقضتين حول التكاليف والإنتاجية. فرجال الأعمال يرون أن عليهم خفض التكاليف وزيادة الإنتاجية حتى تتحقق لهم الربحية ويزعمون أن هذا يتحقق بتوظيف العمالة الأجنبية أما العمالة الوطنية فيجدون من الإجحاف نعتهم بقلة الإنتاجية .
تناولت في الأسبوع الماضي أهمية الحد من العمالة الأجنبية كجانب مهم وأساس في المسعى نحو توطين الوظائف. كما أكدت ضرورة استيعاب هذا التوجه وفهمه كمصلحة عامة ستؤدي ـ بإذن الله ـ إلى نمو الاقتصاد الوطني وتقويته ما سيعود على الجميع موظفين ورجال أعمال بالنفع العميم. بل إنه سيخلق ثقافة عمل تكون قاعدة ـ بإذن الله ـ للانطلاق نحو مساحات أرحب لصناعة وطنية حقيقية. هذا التصور المستقبلي لاقتصاد سعودي يعتمد بنسبة كبيرة على العمالة الوطنية يعتبره البعض إفراطا في التفاؤل أو أمنية من ضمن قائمة الأمنيات التي يرجو كل مواطن أن تتحقق أو أنه تصور لا يتوافق مع الواقع والمعطيات بما في ذلك من قصور وعوائق تنظيمية وإدارية، إلا أنه يبقى الخيار الاستراتجي الأهم الذي لا مناص منه. الخيار الذي يجب أن نتحمل تبعاته من زيادة التكاليف إلى ضعف الإنتاجية في المدى القصير من أجل أن نحصد نتائجه في المدى الطويل، يكون من أهمها خلق ثقافة حب العمل وخاصة الفني والمهني في المجتمع وتقليل معدل البطالة وبناء اقتصاد وطني مكتف لا يعتمد على الآخرين. لكن كيف السبيل للخروج من دائرة وجهتي نظر متناقضتين حول التكاليف والإنتاجية، فرجال الأعمال يرون أن عليهم خفض التكاليف وزيادة الإنتاجية حتى تتحقق لهم الربحية التي هي دافعهم الأول نحو الاستثمار. ويزعمون أن هذا يتحقق بتوظيف العمالة الأجنبية التي هي أعلى إنتاجية وأقل تكلفة، أما العمالة الوطنية فيجدون من الإجحاف نعتهم بقلة الإنتاجية دون أخذ أجورهم المتدنية بالحسبان فكأنما لسان حالهم يقول ''إنتاجيتي بمستوى أجري''. لكن مقارنة بسيطة بين العامل السعودي في شركة أرامكو السعودية أو إحدى شركات سابك أو الاتصالات أو شركة الكهرباء والذين يتقاضون مرتبات أعلى نسبة لزملائهم في الشركات والمصانع الخاصة تظهر أن هناك فرقا كبيرا في الإنتاجية والالتزام بالعمل لصالح الشركات الأولى. لا أعتقد أن أحدهم سينخرط في العمل في ''أرامكوا'' لمدة قصيرة ثم يستقيل ليبحث عن عمل أفضل! أو أن يتكاسل عن أداء عمله أو يقصر في أداء مهمة. لماذا؟ الإجابة ببساطة: إن (حقوق) كل من الشركة والعامل معروفة ودقيقة ومحفوظة وتطبق بكل عدالة ونزاهة ومهنية، فالتوصيف الوظيفي واضح والراتب وبدل السكن مجزيان والترقيات مرتبطة بالأداء وتقييم الأداء يعتمد على معايير فنية وإدارية إضافة إلى برامج التطوير والتدريب بل إن الاهتمام بالموظف يتعدى مكان العمل إلى تقديم الخدمات الصحية والترفيهية المتميزة لأسرة الموظف، والقائمة طويلة. أي أن هناك توافقا بين ما يقدم للعامل وما يطلب منه. إذا القضية تتلخص في إيجاد قوانين واضحة ودقيقة تتناول جميع الموضوعات لتضمن حقوق الطرفين وتؤدي في النتيجة إلى زيادة الكفاءة الإنتاجية وخفض التكلفة. أعتقد أن كثيرا من رجال الأعمال لا يمانعون رفع أجر العامل السعودي وإعطائه راتبا مجزيا بشرط أن تحفظ حقوقهم بالتزام العامل مدة العقد وشروط العمل. لذا اقترح أن يصاغ قانون يعطي وزارة العمل أو أي جهة حكومية أخرى بموجبه الحق في استقطاع جزء من مرتب العامل على أن يعطى له عند نهاية العقد، وبذلك نضمن أن يلتزم العامل الاستمرار في العمل وعدم التنقل من شركة لأخرى باحثا عن الأفضل. كما يفترض أن يشمل القانون توحيد الأجور حسب تصنيف موحد للمهن. أعلم أن مناقشة الأجور فيها محاذير قانونية دولية وتدخلنا في قضايا لا حصر لها. كنت أتمنى أن تكون جارتنا المكسيك ونفعل مثل ما تفعله الولايات المتحدة التي تتشدق بحقوق الإنسان في أن نسهل الدخول غير القانوني للبلاد وبالتالي نعطي العامل الأجنبي أجرا أقل من الحد الأدنى وظروف عمل صعبة تنقصها معايير السلامة والصحة دون أي التزام قانوني تجاهه بل إن العامل الأجنبي يكون تحت طائلة القانون ويمكن ترحيله متى ما استنفد الغرض من استخدامه وتحقق المطلوب. أخشى أن المعادلة مقلوبة عندنا فالعامل السعودي هو من لم يخدمه القانون من أجل العامل الأجنبي! فليس من العدل المساواة.

نظام مجلس القوى العاملة
نظام العمل والعمال

«التعليم الفني» يطلق اليوم حملة التوظيف لسوق العمل
اقتصادنا الحر بين إغراق للعمالة الأجنبية وحماية للمنتج الوطني! (1 ـ 2 )
المكاسب الاقتصادية من رفع تكاليف العمالة الأجنبية
التأقلم مع العمالة السعودية (2)(الفلترة!)