منذ ساعات

الملف الصحفي

مطالعات في مشروع نظام العمل

 جريدة الاقتصادية  الجمعة 3 ذي الحجة 1425هـ - 15 يناير 2005 م – العدد 4113

مطالعات في مشروع نظام العمل ـ المطالعة الأولى

د. حسن عيسى الملا
 ميز (المشروع ) بين (الأجر الأساسي) و(الأجر الفعلي)، فاعتبر (الأجر الأساسي) هو (كل ما يعطى للعامل مقابل عمله بموجب عقد عمل مكتوب أو غير مكتوب، مهما كان نوع الأجر أو طريقة أدائه، مضافا إليه العلاوات الدورية) وعرف (الأجر الفعلي) بأنه (الأجر الأساسي مضافا إليه سائر الزيادات ).
أول ما يلحظه المحترفون على مشروع نظام العمل أنه ( مشروع مرحلة) فقد انشغلت كافة مواده تقريبا بهاجس ( السعودة) من التوظيف إلى التدريب إلى الحماية من الفصل التعسفي .
ولو أن (المشروع) اكتفى ببعض ما ورد في المادة الثالثة منه التي تنص على أن (العمل حق للمواطن لا يجوز لغيره ممارسته ) ، و(المواطنون متساوون في حق العمل) وتولت بعد ذلك اللوائح التنفيذية ذكر كل ما ورد في (المشروع) من نصوص تتعلق
بالسعودة وتشغيل الأجانب لكان أصوب من الناحية الفنية المهنية، فالمشروع بشكله الحالي تجاوز كونه (مشروع نظام العمل) إلى (مشروع نظام سعودة العمل ).
وثاني ما يلحظه المحترفون على (المشروع) أنه (مشروع الوجه الواحد)، فالعمل رابطة عقدية بين صاحب العمل والعامل، وبدون أي منهما لا تقوم المعادلة، وبتعبير آخر هما وجهان لعملة واحدة، تفقد قيمتها إن تلاشت أو حتى بهتت صورة الوجه الآخر .
قد تستطيع الدولة (سعودة ) الوظائف المتاحة بما لها من سلطة، فاض فيها وزير العمل في
لقائه الأخير بالاقتصاديين، من حيث رفع تكلفة العامل الأجنبي لتعادل تكلفة العامل السعودي، لكني على يقين من أن الدولة لن تستطيع حل مشكلة (البطالة) دون أصحاب الأعمال، لأن (السعودة ) مقرونة بعدد الوظائف المشغولة بالأجانب، بينما (البطالة) تزيد يوميا بسبب النمو السكاني الذي يتجاوز النمو الاقتصادي، والذي يزف إلى سوق العمل يوميا العشرات، مما يعني أننا لو سعودنا كل الوظائف المتاحة حاليا فلن نتمكن من تشغيل كل العاطلين عن العمل الذين يزيدون على معدل الوظائف المتاحة، ولا بد إذا من جزرة تقدم لأصحاب العمل للتوسع في جذب الاستثمار وجذب المترددين منهم للاستثمار لإيجاد وظائف جديدة تنمو باستمرار .
إن ( السعودة ) تكتيك مرحلي للتغلب على مشكلة، بينما (الاستثمار) استراتيجية تمنع حدوث المشكلة .
وثالث ما يلحظه المحترفون أن موافقة مجلس الشورى على (المشروع) تمت بالأغلبية، مما يعني أن الموافقة تمت بحيلة ديموقراطية، وأن هناك عددا من أعضاء مجلس الشورى اعترضوا عليه، أو في أحسن القول اعترضوا على بعض مواده، وحيث إنه خاضع لموافقة مجلس الوزراء قبل تتويجه بالمرسوم الملكي فإن مطالعته في هذه المرحلة لم تفقد جدواها بعد، فما نتائج هذه المطالعة:
1 ـ لا تعويض عن إصابات العمل للعامل ( بعض الوقت ):
تبني المشروع (العمل بعض الوقت) ذفءُّ ُّىٍم (م ـ 2ـ 12)، وعده أحد أنواع العمل، مثله مثل العمل الأصلي والعمل المؤقت والعمل العرضي والعمل الموسمي، وعرف المشروع (العمل بعض الوقت) بأنه ما يؤديه عامل غير متفرغ لدى صاحب عمل ولساعات عمل تقل عن نصف ساعات العمل اليومية المعتادة لدى المنشأة، سواء كان هذا العامل يؤدي ساعات عمله يوميا أو بعض أيام الأسبوع .
وهذه استجابة للواقع العملي، حيث أجازت بعض القرارات لفئات من الموظفين (لعمل بعض الوقت) في منشآت القطاع الخاص دون أن تنظم العلاقة بينهم وصاحب العمل .
إل أن ما يؤخذ على (المشروع) أنه في الوقت الذي أخضع فيه العامل (بعض الوقت) لأحكام (المشروع) في حدود ما يتعلق بالسلامة والصحة المهنية وإصابات العمل (م ـ 5ـ 8) لم يقرر له التعويض، الذي قرره للعمال العرضي والموسمي والمؤقت في المادة السادسة من المشروع .
2 ـ (الأجر الأساسي ) و(الأجر الفعلي ):
ميز (المشروع) بين (الأجر الأساسي) و(الأجر الفعلي)، فاعتبر ( الأجر الأساسي) هو (كل ما يعطى للعامل مقابل عمله بموجب عقد عمل مكتوب أو غير مكتوب، مهما كان نوع الأجر أو طريقة أدائه، مضافا إليه العلاوات الدورية) وعرف ( الأجر الفعلي) أنه (الأجر الأساسي مضافا إليه سائر الزيادات المستحقة الأخرى التي تتقرر للعامل مقابل جهد بذله في العمل، أو مخاطر يتعرض لها في أداء عمله، أو التي تتقرر للعامل لقاء العمل أو لائحة تنظيم العمل، ومن ذلك العمولة أو النسبة المئوية من المبيعات أو من الأرباح، والبدلات، ولزيادات مستوى المعيشة، والمنحة أو المكافأة والميزات العينية ).
وعلى الرغم من عدم وضوح التعريفين وتداخلهما بحيث يوحي تعريف ( الأجر الأساسي) وكأنه يشمل (الأجر الفعلي) لقوله إن (الأجر الأساسي) هو كل ما يعطى للعامل مقابل عمله بموجب عقد، مما يدخل فيه كل عناصر (الأجر الفعلي) لأنها تعطى مقابل عمل العامل وبسبب منه، مما يحتاج في نظري إلى إعادة النظر في الصياغة، إلا أن هذا (التمييز) له عوائد إيجابية فيما يتعلق باحتساب مكافأة نهاية الخدمة على أساس ( الأجر الأساسي)، التي سنتعرض لها تفصيلا فيما بعد .
3 ـ فئات جديدة من العمال حماها (المشروع)، أخرى أفرد لها لائحة :
توسع (المشروع) في أنواع العمال التي أخضعها للنظام، بحيث اشتملت على عمال المؤسسات الخيرية، والعمال في المنشآت الزراعية والرعوية التي تشغل عشرة عمال فأكثر، والعمال العاملين (بعض الوقت) في حدود معينة، واستثنى (المشروع) كما كان في النظام الحالي (خدم المنازل) إلا أنه قرر إفراد لائحة خاصة بهم، وأضاف إلى الاستثناءات العاملين غير السعوديين القادمين لأداء مهمة محددة ولمدة لا تزيد على
شهرين ، ولاعبي الأندية والاتحادات الرياضية ومدربيه .
4 ـ بطلان التنازل عن الحقوق أثناء سريان عقد العمل :
أدخل ( المشروع) تعديلات على المادة (6) من النظام الحالي، التي تعتبر باطلا كل شرط يتنازل العامل بموجبه عن أي حق مقرر له بموجب النظام، بحيث قيدت المادة الثامنة من ( المشروع) أن يكون ذلك التنازل تم أثناء سريان عقد العمل، ما يعني إمكانية التنازل عند انتهاء عقد العمل وتصفية الحقوق .
5 ـ جواز كتابة عقد العمل بغير اللغة العربية :
المادة (77) من النظام الحالي تشترط أن يكتب عقد العمل باللغة العربية، وفي تطور محمود، أجازت المادة التاسعة من (المشروع) لصاحب العمل أن يكتب عقد العمل بلغة أجنبية إلى جانب اللغة العربية، لكنها اعتبرت أن النص العربي هو المعتمد عند اختلاف النصوص أو تعارضها أو الاختلاف على تفسيره .
6 ـ شروط الاتفاق على تقويم آخر غير التقويم الهجري :
أجاز (المشروع) احتساب جميع المدد والمواعيد المنصوص عليها فيه بالتقويم الميلادي إذا نص في عقد العمل أو لائحته تنظيم العمل على ذلك. هذا الشرط لم يكن في النظام الحالي (م ـ 17) حيث تنص هذه المادة على ( التقويم الهجري) ما لم يتفق على خلافه على سبيل الإطلاق، ولم تقيد الاتفاق على خلافه بضرورة النص عليه في عقد العمل أو لائحة تنظيم العمل كما قرر ذلك ( المشروع ).
7 ـ تضامن صاحب العمل الأصلي ومقاوليه من الباطن في المساواة بين عمالهم في الحقوق:
هناك ظاهرة انتشرت في بعض القطاعات الاقتصادية وخاصة قطاع المقاولات، من بينها حصول المقاول على مشروع كبير بسبب من تصنيفه المهني، ثم يقوم بالتعاقد مع مقاولين آخرين كمقاولين من الباطن للقيام بالعمل كله أو جزء منه، بسبب أن تكلفة هؤلاء المقاولين أقل من تكلفته فيما يتعلق بالعمالة لما يمنحه من مميزات لعماله أعلى مما يمنحه المقاولون الآخرون من مميزات لعمالهم .
وللحد من هذه الظاهرة، نصت المادة الحادية عشرة فقرة (1) من (المشروع) على أنه (إذا عهد صاحب العمل لأي شخص طبيعي أو معنوي القيام بعمل من أعماله الأصلية أو جزء منها وجب على الأخير أن يعطي عماله كافة الحقوق والمزايا التي يعطيها صاحب العمل الأصلي لعماله، ويكونان مسؤولين عنها بالتضامن فيها بينهما ).
ومن هذه المادة نتبين مغزى التعريف الذي أورده (المشروع) لـ (العمل الأصلي) في الفقرة (8) من المادة الثانية من ( المشروع) حيث عرف (العمل الأصلي) بأنه بالنسبة للأفراد: هو موضوع نشاطهم المعتاد، وبالنسبة للمنشآت: هي الأعمال التي أنشئت المنشأة من أجل القيام بها والمنصوص عليه في عقد تأسيسها أو في عقد الامتياز إن كانت من شركات الامتياز أو في السجل التجاري ).
إن المسؤولية التضامنية التي فرضتها هذه المادة على صاحب العمل الأصلي، يجب أن تقرع لها الأجراس منبهة صاحب العمل الأصلي وخاصة شركات المقاولات إلى مسؤوليته تجاه عمال مقاوليه من الباطن إذا ما كانت حقوق ومميزات عمال مقاول الباطن تقل عما يمنحه من حقوق ومميزات لعماله .
وإلى اللقاء في المطالعة الثانية .

نظام الخدمة المدنية
نظام العمل والعمال