منذ ساعات

الملف الصحفي

سوق المال السعودية والتنظيم الرقابي من قبل هيئة السوق المالية (2.1)

جريدة الاقتصادية، العدد 4109 - الاثنين 29/ 11/ 1425هـ،

سوق المال السعودية والتنظيم الرقابي من قبل هيئة السوق المالية (2.1)

د. إبراهيم بن عيسى العيسى
aleissa@lawyer.com
صدور اللوائح التنفيذية سيكفل تنظيم سوق المال السعودية، ويعد من الخطوات الجادة للإصلاح والتنظيم للقضاء على التصرفات والممارسات التي تنطوي على التلاعب والتحايل والتضليل ولو بشكل تدريجي كأن يقلل منها في البداية حتى الوصول إلى القضاء عليها كلية بالرقابة أولاً وبالوعي والإدراك.
محامٍ ومستشار قانوني
في يوم الجمعة 21/ 10/ 1425هـ، الموافق 3/ 12/ 2004، نشرت هذه الصحيفة لوائح هيئة السوق المالية في ست صفحات، وهي ثلاث لوائح: لائحة سلوكيات السوق، لائحة طرح الأوراق المالية، وقواعد التسجيل والإدراج، واللائحتان الثانية والثالثة معهما ملاحق توضيحية ونظرًا لأهمية تنظيم سوق المال السعودية، وإشراف هيئة السوق المالية على هذا التنظيم من خلال تطبيق هذه اللوائح وضرورة العمل بمقتضاها وعدم مخالفتها، فإن هذا سيحقق نتائج طيبة في إيجاد سوق مالية منظمة مستقرة نسبيًا، بسبب حمايتها من أية سلوكيات غير مشروعة، سواء بالتحايل أو التلاعب أو التضليل الذي يؤدي إلى الإضرار ببعض صغار المستثمرين، بل وبعض المستثمرين الكبار الذين تدار محافظهم الاستثمارية من قبل وسطاء قد يخونون الأمانة بتواطؤ مع بعض المضاربين المتلاعبين الذين لهم صولات وجولات في سوق المال السعودية غير المنظمة.
وقد حصلت بعض القضايا التي عرفنا منها بعض جوانب التلاعب من المضاربين، الذين يستغلون تدني الرقابة أو انعدامها لتحقيق إثراء على حساب الغير من خلال مضاربات غير صحيحة تؤدي إلى رفع أسعار أسهم شركات ليس لها عوائد استثمارية تبرر ارتفاع الأسعار بما يزيد على السعر الحقيقي، ونظرًا لسرية القضايا فإنني لا أريد أن أورد أمثلة لبعض ما حصل ويحصل، وأعتقد أن المستثمرين في الأسهم يعرفون الكثير عن ذلك لمتابعتهم للممارسات العملية في السوق.
ولا شك أن صدور اللوائح التنفيذية سيكفل تنظيم سوق المال السعودية، ويعد من الخطوات الجادة للإصلاح والتنظيم للقضاء على التصرفات والممارسات التي تنطوي على التلاعب والتحايل والتضليل ولو بشكل تدريجي، كان يقلل منها في البداية حتى الوصول إلى القضاء عليها كلية بالرقابة أولاً وبالوعي والإدراك، إن كل مخالفة تحصل لقواعد اللوائح في التعاملات ستكون مرصودة، وبالتالي وقفها واتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية صغار المستثمرين والمستثمرين الكبار حسني النية من التلاعب والتضليل الذي قد يلحق بهم خسائر موجعة، بل قد تؤدي إلى خسارة كل رأسمال المستثمر.
والذي نأمله ونرجوه أن يتحقق التطبيق الدقيق والحازم الجاد للقواعد النظامية حتى تتوافر البيئة الاستثمارية المتزنة التي يكون التعامل فيها بمستوى من الواقعية والكسب الحقيقي، وفق ممارسات نظيفة بعيدة عن التلاعب والتضليل.
إن اللائحة الأولى اهتمت بسلوكيات السوق في منع التلاعب بالسوق، وإيضاح التصرفات أو الممارسات التي تُعد تلاعبًا أو تضليلاً، وبيان مفاهيم الإفصاح والتداول بناءً على معلومات داخلية، والأهم هو حظر التصريح ببيانات غير صحيحة، فإن حصلت مخالفة لذلك الحظر فإنه يُعد من قبيل التلاعب والتضليل، ولذا وضعت نصوص واضحة تبين التصرف الذي يتخذ في حال تلاعب العملاء أو حصول تداول بناءً على معلومات داخلية، وفي ذلك تفصيل في النصوص المنظمة لكل ما ذكر آنفًا.
ولعلني أورد ما تضمنته بعض المواد التي تؤكد على منع التلاعب في السوق إذ قضت المادة الثانية الفقرة ( أ ) على أنه (يحظر على أي شخص القيام أو المشاركة في تصرفات أو ممارسات تنطوي على تلاعب أو تضليل فيما يتعلق بأمر أو صفقة على ورقة مالية إذا كان ذلك الشخص يعلم بطبيعة ذلك التصرف أو الممارسة أو إذا توافرت أسس منطقية تتيح له أن يعلم بطبيعة ذلك التصرف أو الممارسة).
فالنص في بدايته أورد الحظر والمنع القاطع على كل شخص القيام أو المشاركة في تصرفات أو ممارسات تنطوي على تلاعب أو تضليل يتعلق بأمر أو صفقة على ورقة مالية ويا ليت النص اكتفى بالحظر والمنع دون إيراد باقي سياق النص، إذ إن التلاعب والتضليل ينطوي على حالة إجرامية سواء كانت جنحة أو مخالفة، وما كان ينبغي تلمس تقديم مسوغات الاعتذار في النص بألا يكون يعلم بطبيعة التصرف أو الممارسة ولم تتوافر أسس منطقية تتيح له العلم بطبيعة التصرف أو الممارسة، إذ كل متهم باقتراف التصرف أو المشاركة فيه سينكر العلم أو توافر معلومات لديه بطبيعة التصرف والممارسة التي تنطوي على التلاعب والتضليل، فإذا أنكر ذلك فلا بد له أن يقدم إثباتًا ودليلاً على عدم علمه، ومن هو الذي أوقع به أو دفعه إلى هذا التصرف أو المشاركة، فإن لم يستطع ذلك فلا شك أنه المذنب الحقيقي بصفته الذي اقترف التصرف أو الممارسة المنطوية على التلاعب والتضليل أو حتى مجرد المشاركة فيها مع الفاعل الأصلي.
فالسياق الذي ورد في النص يضعفه، إذ المفروض إيراد الحظر فقط كما جاء في نص الفقرة (ب) التالية له عندما قضت بأن (يحظر على أي شخص القيام بشكل مباشر أو غير مباشر بإدخال أمر أو تنفيذ صفقة على ورقة مالية بهدف تكوين أي مما يلي:
1 - انطباع كاذب أو تضليل بوجود نشاط تداول في الورقة المالية أو اهتمام بشرائها أو بيعها.
2 - سعر مصطنع لطلب أو عرض أو تداول الورقة المالية أو أي ورقة مالية ذات علاقة).
فإذا أورد الحظر أو المنع ثم حصلت مخالفة له فإن جهة الاختصاص هي التي تحقق مع الشخص المخالف، وعليه أن يبدي كل ما لديه من دفوع، ويقدم كل ما يملك من أدلة لنفي علمه بالتلاعب أو التضليل الحاصل وكيف كان ضحية أو وسيلة للتنفيذ تلك هي الأمور التي تتكشف من خلال التحقيق الجيد الدقيق.
والمتعامل في السوق المالية لا بد أن يكون على معرفة ودراية بكل أصول التعاملات النزيهة الصحية البعيدة عن التلاعب والتضليل، وأن يكون عارفًا بها من خلال الممارسات العملية ومن مراجعة ودراسة الأنظمة والتعليمات الخاصة بذلك.
ومثل ذلك ما نجده في المادة الثالثة من لائحة سلوكيات السوق، عندما أوردت في النص ما يُعد من التصرفات والممارسات التي تشكل تلاعبًا وتضليلاً، كإجراء صفقة تداول وهمية أو تنفيذ تداول على ورقة مالية لا تنطوي على تغيير في الملكية الحقيقة لها، كذلك إدخال أمر أو أوامر بشراء ورقة مالية مع العلم المسبق أنه تم أو سيتم إدخال أمر أو أوامر مشابهة ومقاربة من حيث الحجم والتوقيت والسعر لبيع تلك الورقة، وغير ذلك من الحالات التي نص عليها في فقرات النص وهي واضحة لما تنطوي عليه من تصرفات يمكن وصفها بالتلاعب والتضليل، بل بالاحتيال الموجب للمؤاخذة على هذه المخالفات باعتبارها من الجرائم (جناية وجنحة ومخالفة) فالفعل يكيف بأنه جريمة وإن كان مخالفة يوجب العقوبة المناسبة الرادعة والزاجرة لعدم العودة لارتكابها من الشخص نفسه أو غيره.
وللحديث بقية.

تدخل هيئة السوق المالية أمر مطلوب ولابد من استمراره
هيئة السوق المالية السعودية تدشن موقعها على الانترنت
هيئة السوق المالية تناقش اللوائح التنفيذية لتنظيم سوق الإصدار الأولي وأعمال الوساطة
أمر ملكي: تشكيل مجلس هيئة السوق المالية