منذ ساعات

الملف الصحفي

المتهم بريء حتى تثبت إدانته ... وله حقوق

جريدة الاقتصادية، العدد 4083 - الأربعاء 3/ 11/ 1425هـ،

المتهم بريء حتى تثبت إدانته ... وله حقوق

د. إبراهيم بن عيسى العيسى
aleissa@lawyer.com
ما جاء في نظام الإجراءات الجزائية السعودي من قواعد إجرائية لم يكن تنظيماً جديداً في كل ما ورد في نصوصه، بل كان موجوداً في شكل تعليمات متناثرة وغير مترابطة يعمل ببعضها ولا يعمل بالبعض الآخر.
محامٍ
الأصل في الإنسان البراءة وحسن النية، ولا يمكن القول بعكس ذلك لأي شخص ما لم يثبت بالدليل القاطع خروجه وتجاوزه هذا المبدأ الإنساني، ولذا فإن القاعدة القانونية التي تقضي بأن (المتهم بريء حتى تثبت إدانته) مأخوذة من مبدأ أن (الأصل في الإنسان البراءة) وهذا هو الأساس الراسخ الواجب الأخذ والتقيد به والعمل بمقتضاه.
واتصالاً بما سبق نشره في هذه الصحيفة في مقالي بتاريخ 11/ 10/ 1425هـ الموافق 23/ 11/ 2004 حول ضرورة إيجاد محاكم متخصصة لمحاكمة المتهمين دون تأخير، لأن ذلك من أهم حقوق المتهم والواجب احترامها وحمايتها، وبخصوص تأييدي ما ورد في مقال الدكتور نايف محمد السلطان بعنوان (حق المتهم في محاكمة عادلة دون تأخير) المنشورة في هذه الصحيفة بتاريخ 28/ 9/ 1425هـ الموافق 11/ 10/ 2004، فقد أشرت إلى مُؤلَّف الزميل الفاضل (حقوق المتهم في نظام الإجراءات الجزائية السعودي) الذي أُهدي لي منذ فترة، وبعد قراءته أعجبت بهذا الجهد الجيد وقدرته حق التقدير، وأقل ما يمكن عمله وفاءً وتشجيعاً أن أكتب عنه مقالاً أبرز أهمية الكتاب الذي صدر حديثاً، وهو أول كتاب أقرأه يتضمن حقوق المتهم وفقاً لما نص عليه في نظام الإجراءات الجزائية السعودي الذي صدر بالمرسوم الملكي رقم م/ 39 وتاريخ 2/ 8/ 1422هـ وعمل به بعد مضي 180 يوماً من تاريخ نشره في جريدة (أم القرى) الذي تم في 17/ 8/ 1422هـ، وهذا يعني أن العمل به قد بدأ بتاريخ 17/ 2/ 1423هـ أي بعد ستة أشهر من تاريخ نشره رغم عدم صدور اللائحة التنفيذية حتى تاريخه.
وما جاء في نظام الإجراءات الجزائية السعودي من قواعد إجرائية لم يكن تنظيماً جديداً في كل ما ورد بنصوصه بل كان موجوداً في شكل تعليمات متناثرة وغير مترابطة يُعمل ببعضها ولا يُعمل بالبعض الآخر، ولقد وُفِقت السلطة التنظيمية بسن هذا النظام الموحد للإجراءات الجزائية بناءً على توجيهات ولي الأمر تمشياً مع ما هو مطبق في الدول المتحضرة والمتقدمة وبشكل منظم مترابط في نصوص واضحة، وهو جانب تنظيمي من الإصلاح الذي تنتهجه الدولة - وفقها الله - لاستكماله بالتطوير والتحديث وفق سياسات متتابعة سواء بسن أنظمة جديدة أو تعديل أنظمة موجودة تحتاج إلى التحديث والتطوير، والكتاب الذي سوف نوجز الحديث عنه يقع في 235 صفحة استهله المؤلف بمقدمة أشار فيها إلى الاهتمام بحقوق المتهم في مراحل الدعوى الجزائية من منطلق المبدأ الأساسي الذي أشرت إليه آنفاً، وما تضمنه النظام الأساسي للحكم في حرصه على تقرير الحقوق والمبادئ الأساسية للإنسان، وأهمية الموضوع وسبب اختياره والجهود السابقة والصعوبات التي واجهت الباحث ومنهج بحثه، ثم كتب تمهيداً عن تكريم الإسلام الإنسان باستخلافه في الأرض، وخلقه في أحسن تقويم والتسامي بالنفس الإنسانية وتسخير الكون لخدمة الإنسان وختم التمهيد بموجز عن حقوق الإنسان في الإسلام.
ثم بدأ في الفصل الأول بتعريف المتهم وشروط الاتهام وأقسام المتهمين، ومبدأ أن الأصل براءة المتهم وذلك في مباحث أربعة فيها تفصيل مفيد للقارئ والمطلع سواء من أصحاب الاختصاص أو حتى القارئ العادي الذي لديه الرغبة في المعرفة.
وفي الفصل الثاني تكلم عن إجراءات التحقيق مع المتهم باعتبارها مرحلة مهمة، فتكلم عن الاستدلال موضحاً واجبات رجال الضبط الجنائي من حيث قبول البلاغات والشكاوى عن الجرائم وإجراءات الاستدلال وتحرير المحضر الخاص بالاستدلال، ثم بعد ذلك القبض على المتهم مبيناً الحالات التي يجوز فيها القبض على المتهم وفق نصوص الإجراءات الجزائية ومدة القبض وضماناته، والفرق بينه وبين الاستيقاف، موضحاً القبض غير المشروع وإجراءات التفتيش الصحيحة وفق النظام سواء المساكن ودخولها بعد الإذن، كما أن هناك حالات استثنائية وطارئة لتفتيش المسكن في حالة التلبس، وكل ما يتصل بذلك من ضمانات حددها النظام، كذلك الحال بالنسبة لتفتيش الأشخاص، موضحاً ضوابط تفتيش النساء، وأن التفتيش بطريقة غير نظامية يعد انتهاكاً لحرمة المسكن، وهذا كله دونه في أربعة مباحث، وهي معلومات أساسية قيمة لا بد لكل ذي اختصاص معرفتها.
وفي الفصل الثالث في مباحث عديدة تحدث عن حقوق المتهم العديدة والمتنوعة والتي تمثل الأساس للنظام والكتاب الذي أتكلم عنه، ومن الحقوق الأساسية احترام حياة المتهم الخاصة، وسلامة جسمه، وضرورة تحقيق قضاء عادل له أو عليه، وحقه في الاستعانة بمحامٍ، وحقه في مناقشة شهود الإثبات والطعن فيهم، وحقه في الرجوع عن إقراره إذا كان قد انتزع منه بالإكراه والقوة أو بأية وسيلة من هذه الوسائل، كذلك حقه في الطعن في الحكم الصادر ضده بالوسائل المحددة في نظام الإجراءات الجزائية، والحق في التعويض عند ثبوت براءته عن كل ضرر أصابه سواء كان مادياً أو أدبياً وفق ما تقضي به المادة (210) من نظام الإجراءات الجزائية وما قضى به الأمر السامي رقم 1407/ م وتاريخ 26/ 12/ 1420هـ وأخيراً حق المتهم في عدم محاكمته عن الفعل الواحد أكثر من مرة، ثم أتى الباحث في نهاية الكتاب بختامة وضح فيها أهمية حقوق المتهم والغاية من هذا البحث وبعض الجوانب المهمة التي رأى ضرورة التأكيد عليها في الخاتمة كإبراز لأهميتها وعلى القارئ أن يرجع إلى التفاصيل الكثيرة في المؤلف، ولما رأيته من أهمية حقوق المتهم وما تضمنه نظام الإجراءات الجزائية وإيضاحها في هذا الكتاب جعلني أهمتم بكتابة هذا المقال القصير حتى يكون القارئ على بينة ومعرفة عنه إذا ما أراد أن يقرأه أو يقتنيه وبالذات من ذوي الاختصاص، وشكراً للمؤلف على جهده العلمي ونأمل المزيد من البحوث المفيدة منه ومن غيره من الباحثين، والله الموفق والمعين، آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

نظام الإجراءات الجزائية
ندوة لشرح نظام الإجراءات الجزائية
نظام الإجراءات الجزائية في محاضرة بالدمام
وزارة العدل تستعد لتطبيق نظام الإجراءات الجزائية
هيئة التحقيق تبدأ العمل بنظام الإجراءات الجزائية الجديد