منذ ساعات

الملف الصحفي

قرار إلغاء شرط «الوكيل الشرعي» لسيدات الأعمال السعوديات

جريدة الشرق الاوسط الأربعاء 1425-08-01هـ الموافق 2004-09-15م العدد9423

غموض يلف تطبيق قرار إلغاء شرط «الوكيل الشرعي» لسيدات الأعمال السعوديات
فرع وزارة التجارة في جدة : «لا تعليق»

جدة : فيصل عباس وحليمة مظفر
تنفست الكثير من سيدات الأعمال السعوديات الصعداء في شهر أبريل (نيسان) الماضي، عقب صدور القرار الرسمي بإلغاء شرط وجود «وكالة وكفيل غارم» في حال التقدم لفتح مصلحة تجارية. وكان هذا الشرط من أبرز العوائق التي تواجهها سيدات الأعمال وتخشى من تطبيقها في ظل تناقل المجتمع النسائي لقصص «الاحتيال» و«الخسائر» الناتجة عن وجود كفيل مخول التصرف كما يشاء في أموال صاحبة العمل.
لكن حالة الارتياح هذه لم تدم طويلاً، فبحسب شهادات عدد من سيدات الأعمال فإن القرار، وعلى الرغم من مرور 5 أشهر على صدوره والإعلان عنه في وسائل الإعلام، لا يزال تطبيقه متعثرا في أكثر من دائرة رسمية. الدكتورة نادية باعشن، أستاذة إدارة الأعمال في جامعة الملك عبد العزيز، تقول «إن الكثير من السيدات السعوديات تقدمن بالفعل للحصول على سجل تجاري، لكنهن فوجئن بأنّ الموظفين في الجهات المختصة اشترطوا وجود وكيل شرعي لاتمام المعاملات». وتضيف باعشن أنّ هذه الحالات متفاوتة وتختلف من سيدة لأخرى، حيث واجهت السيدات تأويلات مختلفة من الموظفين الذين تحدث بعضهم عن وجود لائحة بالأعمال «المسموحة بلا تعيين وكيل»، ولائحة أخرى بـ«النشاطات المحظورة» إلا في حالة وجود وكيل شرعي. من جهة ثانية تؤكد سيدة الأعمال السعودية (ر. هـ) أنها واجهت شخصياً هذا التناقض بين ما ورد في القرار وتجربتها مع موظفي وزارة التجارة. وأوضحت السيدة التي طلبت عدم نشر اسمها كاملاً لـ«الشرق الأوسط« أنها توجهت في شهر مايو (أيار) الماضي (أي بعد شهر من صدور القرار) إلى فرع وزارة التجارة على طريق مكة المكرمة للتقدم بطلب فتح سجل تجاري. وتضيف أنّ الموظف المعني سألها عن نوع النشاط التجاري الذي تنوي تأسيسه، فأجابته بأنها تختار مجال خدمات التغذية «Catering» إلا أنّ الموظف بحسب شهادتها أجابها بأنّه «لا يمكن عمل المرأة في هذا المجال من دون وجود (رجل) وكيل». وعندما سألته عما أعلن عنه من إلغاء وزارة التجارة لشرط الوكيل، أوضحت أنّ الموظف.. أجابها «... ومن قال لك ذلك؟ ».
وتضيف أن الموظف عدّد لها القطاعات المسموح للمرأة العمل فيها من دون الحاجة إلى وكيل، وهي تشمل المشاغل وصالونات التجميل والمعاهد الخاصة بالنساء. على خط موازٍ، قال موظف في مكتب المدير العام لفرع وزارة التجارة لإحدى المستثمرات الراغبات في فتح مؤسسة عقارية إن هذا النشاط «ممنوع» للنساء. وعندما سألته حول «جواز» فتح محل (سوبر ماركت) أوضح أن ذلك ممكن شرط وجود وكيل شرعي، مضيفاً أنّ إلغاء شرط الوكيل يكون فقط في حال كان النشاط «نسائياً 100 في المائة». إلا أنّ المستثمرة نفسها حصلت على طمأنة أحد الموظفين في مكتب وزير التجارة الذي أبدى رغبة كبيرة في «دعم السعوديات المبدعات». وعلى الرغم من أن الموظف نفسه لم ينف أن بعض القطاعات لا تزال تشترط وجود وكيل شرعي لصعوبتها على المرأة، الا أنه وعد المستثمرة أن «يحل لها الأمر» في حال طلب منها تعيين وكيل، وذلك بعد أن زودها برقمه المباشر للمساعدة.
«الشرق الأوسط» حاولت الاتصال بفرع وزارة التجارة في جدة للتأكد من وجود لائحة «النشاطات المحظورة» هذه، أو معرفة ما إذا كانت الوزارة قد أجرت أي تعديل على القرار عقب صدوره، إلا أنّ نائب المدير العام (عطية الزهراني) اشترط الحصول على أسئلة خطية، وهو ما كان، وبالرغم من ذلك لم يتجاوب مع المحاولات المتكررة بالاتصال به لبيان الموقف الرسمي من هذه القضية. تعود الدكتورة نادية باعشن لتعتبر أنّ التناقض الحاصل هو نتيجة «اجتهادات بعض الموظفين» مضيفة أنّ «القرار الصادر عن مجلس الوزراء كان واضحاً ولم يضع أي استثناءات أو شروط». وتقول إنه من جملة القرارات الصادرة أيضاً إنشاء مكاتب أو أقسام خاصة بالنساء في كل دائرة حكومية قد تحتاج سيدة الأعمال مراجعتها، وتضيف أن ذلك «لم يتحقق كلياً حتى الآن» على الرغم من قرب انتهاء المهلة المحددة لتنفيذ القرار. وتوضح الدكتورة أنه حتى لو تأخر فتح اقسام مخصصة للنساء فإن ذلك «لا يبرر إبقاء شرط الوكيل الشرعي». وتشرح فكرتها بقولها إنّ «معظم رجال الأعمال لا يراجعون الدوائر الحكومية بأنفسهم» وإنما يعينون «معقبين» أو مديري أعمال للقيام بذلك. وتعتبر باعشن أنه بامكان السيدات فعل الأمر نفسه، خصوصاً أنهن ملزمات في جميع الأحوال بتعيين مدير لأعمالهن إلى جانب الوكيل الشرعي لكون الأخير غير مكلف بإدارة العمل على الرغم من تقاضيه لراتب شهري. أما أبرز الفروقات بين «الوكيل الشرعي» و«مدير الأعمال» فهي أن الأخير يعتبر موظفاً لدى سيدة الأعمال ينفذ قراراتها وتيصرف بموجب صلاحيات تحددها هي، فيما للأول الحق في معظم الأحيان بالتصرف بأعمال موكلته كما يشاء والتوقيع نيابة عنها وحتى بيع مصلحتها من دون أخذ موافقتها.



المرأة والأنظمة التجارية
 

الوكالة أمانة يتوجب احترامها والتقيد بمضمونها