منذ ساعات

الملف الصحفي

قائمة المحكمين وبعض المفاهيم التحكيمية

جريدة الاقتصادية،العدد 3986 - الخميس 24 رجب 1425هـ،

قائمة المحكمين وبعض المفاهيم التحكيمية
تساؤلات حول إصرار الشركات الأجنبية اللجوء إلى التحكيم الدولي عند نشوء نزاع

بدايةً أشير إلى قائمة المحكمين التي صدرت من وزارة العدل برقم 6/ 69171/ 25 وتاريخ 21/ 6/ 1425هـ، وقد تشرفت أن أكون أحدهم فأشكر لوزارة العدل هذا الجهد المنظم، متعيناً لجميع المحكمين التوفيق والسداد.
ولعل من المناسب الإشادة هنا بالخطوات المتميزة التي عملتها الوزارة في مجالات متعددة، ولا شك أن الطريق طويل وينبغي حث الخطى لتوحيد نظامنا القضائي وفقاً لما ورد في النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي الكريم رقم 1/ 90 وتاريخ 27/ 8/ 1412هـ، حيث جاء في المادة (49) منه مع مراعاة ما ورد في المادة (53) من هذا النظام، تختص المحاكم في الفصل في جميع المنازعات والجرائم.
فلدينا العديد من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي يحتاج إلى أن تعاد إلى دائرة القضاء، فمتطلبات الوقت ومتغيرات الحال تتطلبان من الوزارة المضي قدماً في هذا الاتجاه، وهناك بعض التساؤلات التي توقعنا أننا تجاوزناها كانت تتضمن اللوائح التنفيذية أحكاماً ليست موجودة في النظام وهذا تجاوز من السلطة التنفيذية أو الوزارة المعنية لأعمال السلطة التشريعية، وهذا يعكس مدى حاجة الجهات التنفيذية لمتخصصين في الفقه النظامي.
وعوِد على موضوعنا حول قائمة المحكمين فلدي بعض الخواطر التحكيمية أردت الإشارة إليها في هذه المناسبة، وهي:
( أ ) نوعية المراجعة أو الرقابة القضائية على قرارات التحكيم، هل هي شكلية أم موضوعية؟
(ب) هل درجة المراجعة القضائية نهائية أم ماذا؟
(ج) الفلسفة التشريعية في تحديد أجور التحكيم.
(د) عدم المبالغة في أجور التحكيم.
(هـ) المحكم محكم وليس محامياً.
ونعرض لهذه النقاط باختصار شديد:
( أ ) نوعية المراجعة أو الرقابة القضائية على قرارات التحكيم هل هي شكلية أم موضوعية؟ وقد سبق مناقشة ذلك في مقالات سابقة فلا داعي لذكر الآراء التي وردت حول الموضوع في الفقه السعودي، فبتأمل المادة التاسعة والمادة (19) والمادة (20) من نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 46 وتاريخ 12/ 7/ 1403هـ، يتجه البعض إلى القول إنه لا يحق للجهة المختصة الامتناع عن تنفيذ قرار التحكيم إذا كان موافقاً لأحكام الشرعية الإسلامية ودون الالتفات إلى أي اعتراض آخر لم يرد النص صراحة عليه في النظام، ويخلصون في ذلك إلى القول إن المراجعة أو الرقابة القضائية يجب أن تبقى في هذا النطاق ولا تتجاوزه إلى ما سواه، ولكن مع وجود تباين في الآراء نجد أن الواقع العملي يتضح منه أن الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع إذا قبلت الاعتراض على قرار التحكيم تنظر الدعوى من جديد، مما يمكن القول معه إن الاعتراض في قانون التحكيم السعودي أقرب ما يكون إلى الاستئناف أي بعبارة أخرى درجة أخرى من درجات التقاضي وهذا لا يتفق مع فكرة وجود التحكيم وهي السرعة والسرية في حل المنازعات.
(ب) ما أشير إليه في الفقرة ( أ ) أعلاه يثور معه التساؤل التالي:
هل هذه الدرجة من درجات التقاضي هي درجة ثانية ونهائية أم ماذا؟
من خلال اطلاعي على الاعتراض ضد قرارات التحكيم في ظل نظامنا الحالي 1403هـ، نجد أن هناك توسعاً لا مبرر له فعلى سبيل المثال، يمكن الاعتراض ضده قرار التحكيم إذا كان النزاع تجارياً أمام الدائرة التجارية المختصة في ديوان المظالم، ثم أيضاً يمكن الاعتراض ضد حكم الدائرة أمام دائرة التدقيق في الديوان وبذلك أصبح اللجوء إلى القضاء ابتداء أفضل من التحكيم لأن اللجوء إلى القضاء يجعل طرفي القضية أمام درجتين من درجات التقاضي ليصبح القرار نهائياً، أما التحكيم بوضعه الحالي فأصبح ثلاث درجات الأولى، أمام الحكم أو هيئة التحكيم الثانية، أمام الدائرة التجارية الثالثة، أمام دائرة التدقيق وفي هذا تعطيل للهدف من اللجوء إلى التحكيم وهو عنصر السرعة في إنهاء المنازعات التجارية، ولذا فإن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر تحديداً.
إن حسم مثل هذه الأمور له علاقة وثيقة الصلة بالاستثمار وتنميته وسبل جذب الاستثمارات الأجنبية، وسبق أن أجبت عن تساؤل عن السبب وراء إصرار وحرص الشركات الأجنبية على وضع بند في عقودها يتيح لها عند نشوه نزاع اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي من خلال مراكز تحكيم دولية، مثل غرفة التجارة الدولية في باريس ICC أو محكمة لندن للتحكيم الدولي LCIA (انظر مجلة تجارة الرياض) - العدد 490 تموز (يوليو) 2003/ ص 39).
(ج) عدم المبالغة في أجور التحكيم:
في الحقيقة لكي ندعم وجود التحكيم كوسيلة لفض المنازعات إلى جانب القضاء ينبغي أن نحول دون العوائق التي قد تعيق مسيرته ونموه، ومن ذلك عدم المبالغة في أجوره، فإذا وجد أطراف النزاع في القضاء صعوبة من حيث التأخير وطول الإجراءات وعلانية الجلسات ونحو ذلك فلا يكون ارتفاع أجور التحكيم حائلاً ومانعاً لهم في اللجوء إليه.
إن المتأمل في كتب الفقه الإسلامي يجد عم تركيز الفقهاء، على جانب أجور التحكيم إذ يبدو أن معظم التحكيمات كان يقوم بها المحكم أو المحكمون طلباً للأجر والثواب من الله - سبحانه وتعالى إذ أن الإصلاح بين الناس وحل مشاكلهم من الأمور التي أخذت عليها الشريعة الإسلامية ورغبت فيها، علاوة على أن المنازعات في ذلك الوقت كان يغلب عليها البساطة والوضوح علاوة على صدق أطراف النزاع ورغبة كليهما في الحق.
ولكن المتأمل في تحكيمنا المعاصر يجد أن هناك مبالغة في أجور التحكيم في أحيان كثيرة وقد لاحظ ذلك الكثيرون فمثلاً M.Hunter يقول: (التحكيم ليس بالضرورة الطريقة الأرخص لحل المنازعات...)
Alan Redfern. Martin Hunter, and Marry Smith, Law and practice of international Arbitration, London, Sueet Mexwell, p.24
ويقول أيضاً Grace Xvier: إن الاعتقاد الشائع أن إجراءات التحكيم أقل تكلفة من المحكمة ليس دائماً صحيحاً Journal of international Arbitration, Kluwer law international, p.285
وهذه الملاحظات تداركها منذ زمن بعيد فقهاء الشريعة الإسلامية فنجد مثلاً الماوردي وهو أحد علماء المدرسة الشافعية يقول: (يجب ألا يكون المبلغ المأخوذ زائداً على أجرة المحكم في عمله فليس له أن يأخذ إلا قدر كفايته، أدب القاضي، ج2، ص (298).
ونخلص مما سبق أننا لكي نساهم في دعم التحكيم وتطوره لا بد لنا كمحكمين ألا نبالغ في أجوره.
(د) عناية قوانين التحكيم في تحديد أجور المحكمين
اعتنت قوانين التحكيم المختلفة بالنص على أجور المحكمين وكيفية احتسابها فمثلاً في نظام التحكيم السعودي نصت المادة (22) على تحديد أتعاب المحكمين باتفاق الخصوم ويودع ما لم يدفع منها خلال خمسة أيام من صدور القرار باعتماد وثيقة التحكيم لدى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع ويصرف خلال أسبوع من تاريخ صدور الأمر بتنفيذ الحكم، كما أوضحت المادة (23) أنه إذا لم يوجد اتفاق حول أتعاب المحكمين، وقام نزاع بشأنها تفصل فيه الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع ويكون حكمها في ذلك نهائياً، ومع ذلك جاء في اللائحة التنفيذية للنظام في المادة (46) أنه يجوز لكل من الخصوم أن يتظلم من أمر تقدير أتعاب المحكمين للجهة التي أصدرت الأمر وذلك خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالأمر ويكون قدرها في التظلم نهائياً.
وفي الأنظمة المقارنة لما سبقت إلى ذلك الإشارة هناك اهتمام بهذا الجانب، فعلى سبيل المثال المادة (24) من The ICIA Arbitration Rules وكذلك The LCC Arbitration Rules والمادتان (30) و(31) من لائحة تنظيم نفقات التحكيم في مركز التحكيم الخليجي وأيضاً المواد (46)، (47)، (48)، من قواعد التحكيم للغرف الإسلامية للتجارة والصناعة وغير ذلك.
ويظهر أن القوانين التي حددت أجور المحكمين وفق جداول ونسب معينة تقصد من ذلك وضع آلية لاستقرار هذه الأجور ليمضي التحكيم قدماً في أداء هذا الدور المهم في حل المنازعات والتخفيف عن القضاء.
ونخلص مما سبق أنه ينبغي عند تحديد أجور التحكيم مراعاة ما يلي:
1 - أن يكون الاتفاق بين المحكم أو المحكمين وأطراف القضية واضحاً بحيث يعين أجر التحكيم بشكل واضح.
2 - يمكن للمحكم وأطراف القضية الاتفاق على كيفية استحقاق المبلغ المقرر لأجور التحكيم.
3 - التقيد بما ورد في المادة (22) من نظام التحكيم من تحديد أتعاب المحكمين وإيداع ما لم يدفع منها خلال خمسة أيام من صدور القرار باعتماد وثيقة التحكيم لدى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع ليصرف خلال أسبوع من تاريخ صدور الأمر بتنفيذ الحكم.
4 - يستحسن بيان كيفية احتساب الأجر في حالة عدم إتمام المحكم بناءً على سبب خارج عن إرادته، وغير ذلك من التفصيلات اللازمة التي توضح الحقوق وتمنع نشوء النزاع.
(هـ) المحكم محكم وليس محامياً.
نقطة أخرى أريد الإشارة إليها بهذه المناسبة مناسبة صدور قائمة المحكمين الأولى من وزارة العدل وهي من أهم أخلاقيات المحكم، ألا وهي أن على المحكم أن يدرك أثناء عمله كمحكم أو عضو هيئة تحكيم أنه هنا محكم وليس محامياً، وإن كان ذلك في الواقع العملي يلتبس على كثير من المحكمين خاصة عندما يعين من قبل أحد الأطراف والمحكم الآخر من قبل الطرف الآخر فيظهر وكأنه محامٍ للطرف الذي عينه أمام رئيس هيئة التحكيم وفي هذا شطط في أداء المهمة وهي أمر دقيق يرتكز على الفصل في القضية حسب مقتضيات العدل والأمانة التي سيسأل المحكم عن حكمه يوم لا ينفع مال ولا بنون.
إنها مسألة حساسة تضطرب لدى المحكم أحياناً حساباته في كونه اختير من قبل أحد الأطراف فيعتقد لكي يختار مرة أخرى أن يقوم بدور المحامي له فليعلم المحكم أن أداء دورة كمحكم بأمانة وإخلاص هو نجاحه الذي يركز عليه تكرار اختياره.
أكرر شكري لوزارة العدل على ما قامت به من جهود، متمنياً لجميع المحكين دوام التوفيق والسداد، والله ولي التوفيق.

مستشار قانوني.


 
نظام التحكيم
أثر النظام العام على تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية
التحكيم في المنازعات البحرية
الأمير بندر سلمان: اهتمام سعودي بالتحكيم وإرساء قواعده
الوفد السعودي في المؤتمر الدولي للتحكيم في صنعاء يشارك بورقتي عمل
تجمع عربي للقضاة والمحكمين والأكاديميين لمناقشة مشروع عربي موحد للتحكيم التجاري
مركز التحكيم الخليجي يبدأ استقبال القضايا الدولية لدول المجلس
مؤتمر التحكيم الهندسي يدعو المحامين والقضاة والمهندسين إلى سرعة التسجيل
القضايا المتعلقة بالقانون الدولي للتحكيم (أونسيترال)
قانون التحكيم السعودي أقرب ما يكون إلى الاستئناف.. وهذا تعطيل للهدف