منذ ساعات

جريدة الرياض

الملف الصحفي

الموظف العام بالتجارة جريمة جنائية أم مخالفة تأديبية؟

جريدة الرياض - العدد (12912) الجمعة 5/ 9/ 1424 هـ

الموظف العام بالتجارة جريمة جنائية أم مخالفة تأديبية؟

أحمد عبد الرحمن الزكري

 يحظر المشرع السعودي على الموظف العام الاشتغال بالتجارة، وقد نص نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم 49 وتاريخ 10/ 7/ 1397 هـ في مادته (13) فقرة (1) (يجب على الموظف أن يمتنع عن الاشتغال بالتجارة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة)، كما نصت اللائحة التنفيذية لنظام الخدمة المدنية في مادته (13/ 1) على أنه (يحظر على أي موظف أن يزاول نشاطاً يؤدي إلى إكساب صفة التاجر كأن يباشر الشراء من أجل البيع على سبيل الاحتراف أو أن يكون مقاولاً متعهداً للتوريد أو دلالاً أو صرافاً أو وكيلاً بالعمولة).

لكن السؤال المطروح هل يعد اشتغال الموظف العام بالتجارة جريمة جنائية أم مخالفة تأديبية؟

البعض اعتبر اشتغال الموظف العام بالتجارة جريمة يعاقب عليها الشرع حيث ورد النص عليها كعقوبة في المرسوم الملكي رقم 43 في 29/ 11/ 1377 هـ في المادة الأولى: يعاقب بغرامة مالية لا تقل عن ألف ريال ولا تزيد عن عشرة آلاف ريال.

1 – الموظفون الرسميون الذين يشتغلون بالتجارة وكذلك الذين يشتغلون منهم بالمهن الحرة دون إذن نظامي.

فعقوبة الغرامة الواردة في المرسوم المذكور عقوبة مادية تمس الموظف في ماله الخاص مما يوحي بأنها عقوبة جنائية، بالإضافة إلى ذلك يدخل الفصل في مسألة اشتغال الموظف بالتجارة ضمن اختصاص ديوان المظالم (الدوائر الجزائية) في الفصل في الدعاوى الجزائية الموجهة ضد المتهمين بارتكاب الجرائم المنصوص عليها في المرسوم الملكي رقم 43 وتاريخ 29/ 1/ 1377 هـ.

واعتقد أن هذا الرأي قد جانبه الصواب للآتي:

1 – المرسوم الملكي المشار إليه سابقاً لم ينص على لفظ (الجريمة) أو بسبغ صفة التجريم على واقعة الاشتغال بالتجارة وإنما اكتفى فقط بتقرير العقوبة في المادة الأولى التي نصت عليها بقولها: (يعاقب بالغرامة الموظفون الرسميون الذين يشتغلون بالتجارة)، أما المادة الثانية من النظام المذكور التي تناولت الجرائم الماسة بالوظيفة العامة فقد نصت (يعاقب بالسجن.. أو بغرامة.. كل موظف ثبت ارتكابه لإحدى الجرائم الآتية..) والتجريم والعقاب يحكمه مبدأ الشرعية ومؤداه أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وما دام المشرع لم يكيف الفعل على أنه جريمة فلا يجوز اعتباره جريمة بل يعد من المخالفات التأديبية التي نصت عليها المادة 13 من نظام الخدمة المدنية.

أما القول أن عقوبة الغرامة مقررة فقط للجرائم الجنائية فهذا غير صحيح ولا يمكن التعويل عليه لأن نظام تأديب الموظفين الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 7 وتاريخ 1/ 2/ 1391 هـ نص في المادة 33 على عقوبة الموظف العام الذي انتهت خدمته قبل توقيع العقوبة التأديبية عليه وهي معاقبته بغرامة لا تزيد على ما يعادل ثلاثة أمثال صافي آخر راتب كان يتقاضاه.

2 – منطوق بعض أحكام ديوان المظالم يكيف هذا الفعل بأنه مخالفة تأديبية وليست جريمة جنائية وفي حالات أخرى يسكت عن تحديد وصف هذا الفعل حيث نص في حكم له.. (الحكم بإدانة.. لارتكابه المخالفة المنسوبة إليه من الاشتغال بالتجارة وتغريمه..

3 – تكييف هذا الفعل بأنه مخالفة تأديبية أقرب إلى طبيعة المخالفات الإدارية لأنه لا يمكن مقارنته بتصرفات أخرى تقع من الموظف أثناء أداء واجبات وظيفية والتي تشكل فعلاً إجرامياً طبقاً للنظام الجزائي مثل الرشوة أو التزوير في محرر رسمي أو اختلاس مال عام لأن تلك التصرفات تمثل خطورة على الوظيفة العامة من حيث الإضرار بها وتعطيل مصالح الناس وهي تفوق خطورة الاشتغال بالتجارة وتأثيرها على الوظيفة العامة.

4- أساس المخالفة التأديبية أن الموظف العام قد أخل بواجبات الوظيفة العامة التي يؤديها ويكون عرضة لعقوبة تأديبية، بعكس الجريمة الجنائية التي تقوم على أساس ارتكاب الشخص لفعل ضار بالمجتمع ويكون جزاؤه عقوبة جنائية توقع عليه زجراً له وردعاً لغيره، والمشرع السعودي عندما حظر على الموظف العام ممارسة التجارة يهدف من ذلك ضرورة تفرغ الموظف لأداء واجباته الوظيفية ولئلا تتعارض مصالحه الخاصة مع واجبات الوظيفة بعكس الجرائم الجنائية كالرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ والتي يهدف المشرع من تجريمها الحفاظ على الصالح العام وحماية حقوق الناس، وهذا ما يفسر أن المرسوم الملكي لم يتشدد في عقوبة الاشتغال بالتجارة وإنما اكتفى بتقرير عقوبة الغرامة دون السجن، أما الجرائم الجنائية فبالنظر إلى جسامة الفعل فإنه يقرر بالإضافة إلى الغرامة عقوبة السجن والتي يترتب على الإدانة فيها فصل الموظف كعقوبة تبعية وهو ما نصت عليه لائحة انتهاء الخدمة الصادرة بقرار من مجلس الخدمة رقم 1/ 813 وتاريخ 20/ 8/ 1423 هـ حيث نصت المادة الثانية عشرة.

1 – بفصل الموظف بقوة النظام ويعتبر الفصل لأسباب تأديبية في الحالات الآتية:

2 – إذا صدر عليه حكم من جهة قضائية مختصة مكتسب للصفة القطعية مصرح فيه بالإدانة والحكم بالعقوبة في الجرائم التالية (الرشوة – التزوير – الاختلاس – التهريب أو الترويج أو المتاجرة بالمخدرات أو المسكرات).

ولا يرتب على إدانة الموظف العام بالاشتغال بالتجارة فصله من الوظيفة كعقوبة تأديبية ولكن لا يمنع الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف من مساءلته تأديبياً وفقاً للمادة 32 من نظام تأديب الموظفين.

وهناك اتجاه آخر يرى أن اشتغال الموظف العام بالتجارة يعتبر في حد ذاته مخالفة وليست جريمة جنائية ما لم يكن مقترناً بفعل آخر كاستغلال نفوذه في تسهيل أعماله التجارية فإنه يعد في هذه الحالة جريمة جنائية وهو ما درج عليه ديوان المظالم في بعض أحكامه.

وبناءً على ما سبق فأنني أرى أن اشتغال الموظف العام بالتجارة تعد مخالفة تأديبية وليست جريمة جنائية وينعقد الاختصاص الأصيل في التحقيق والمسألة التأديبية للجهة الإدارية التي يتبعها الموظف طبقاً للمادة 35 من نظام تأديب الموظفين التي نصت على (يجوز للوزير المختص أن يوقع العقوبات المنصوص عليها في المادة 32 عدا الفصل)، أما إذا كانت الهيئة هي التي اكتشفت المخالفة عند ممارستها لوظيفتها الرقابية ففي هذه الحالة ينعقد لها الاختصاص بالتحقيق فيها واقتراح العقوبة المناسبة طبقاً للمادة 38 من تأديب الموظفين التي نصت على (مع مراعاة.. إذا رأت هيئة الرقابة والتحقيق أن المخالفة لا تستوجب عقوبة الفصل تحيل الأوراق إلى الوزير المختص مع بيان الأفعال المنسوبة إلى المتهم على وجه التحديد واقتراح العقوبة المناسبة).

عضو هيئة التدريب

إدارة برامج الأنظمة

معهد الإدارة العامة

 

نظام الخدمة المدنية

اللائحة التنفيذية لنظام الخدمة المدنية

لوائح وأحكام وقواعد 

التعيين 

تصنيف الوظائف

واجبات الموظف

الآراء الصادرة من ديوان الخدمة المدنية حول أحكام واجبات الموظف

الرواتب والعلاوات

أحكام عامة

استفسارات في الخدمة المدنية