منذ ساعات

جريدة الاقتصادية

الملف الصحفي

قرار تاريخي أم تحدٍ نوعي جديد ؟

الاقتصادية - العدد 3656  الأربعاء 19/ 8/ 1424هـ، 15 أكتوبر 2003م

قرار تاريخي أم تحدٍ نوعي جديد ؟

د. صالح بن سبعان

ليس أبهج لقلب الكاتب من أن يرى أفكاره تطبق على أرض الواقع وتتحقق شاخصةً أمام عينيه، ولعل هذا هو مبعث سعادتي بشكل خاص وشخصي، بقرار مجالس الوزراء بمشاركة المواطنين في إدارة شؤونهم المحلية عن طريق الانتخاب.

فقد سبق أن كتبت في هذه الصحيفة من قبل، وتحت عنوان (مجالس المناطق في الميزان) منادياً بضرورة تفعيل صيغة هذه المجالس، وقلت إن الفلسفة والأسس التي قامت عليها هذه المجالس إنما تهدف إلى تحقيق الآتي:

- ترسيخ أسس المشاركة الوطنية في أمور المحليات والمناطق.

- تنمية الشعور بالمسؤولية لدى جميع أفراد المجتمع.

- التعرف على القيادات والطاقات والقدرات الوطنية التي يمكن الاعتماد عليها وتدريبها وتطويرها للمشاركة بالرأي وتحمل مسؤولية بناء الوطن وتنمية المجتمع. كما تتضمن هذه المشاركة جانباً تربوياً وطنياً.

إن مثل هذه الإصلاحات في نظم الدولة تحملها الضرورات الداخلية، وتجري عليها سنن التطور والتغيير، وهي تتم متى ما دعت الضرورة إليها، فإذا وضعنا في الاعتبار أننا - وبفضل الله - نعيش في وطن أشبه ما يكون بالقارة، نستطيع أن نفهم ضرورة مشاركة كل قادر وكل ساعد قادر على العطاء، وقد كان وعي ولاة الأمر سباقاً إلى اكتشاف هذا، إذ أن نظام المجالس في صيغته الأم كان قد وضع نصب عينيه هدفاً واضحاً وهو (العمل على توصيل الخدمات في أكمل صورة لكل المناطق، مهما تباعدت عن مركز الدولة وعاصمتها، وفي أقرب وقت وبأقل التكاليف الممكنة).

وإن مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون المحلية أيضاً تساعد على تقليص الظل الإداري الحكومي المركزي، الأمر الذي يخفف العبء عن كاهل المسؤولين التنفيذيين المركزيين، ويعطي الأجهزة المركزية الفرصة كي تتفرغ لأعمال التخطيط الاستراتيجي الوطني والمتابعة على كافة المستويات، خاصة ما تعلق منها بالسياسات العليا للدولة، ويعطيها الفرصة كي تقوم بالتنسيق بين الموارد والطاقات واحتياجات المناطق، وتنظيم شبكة العلاقات بين المحليات في إطار الخطة التنموية الشاملة للدولة.

والآن تأتي الخطوة الثانية والمتمثلة في قرار مجلس الوزراء والقاضي بتوسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون المحلية عن طريق الانتخاب، وذلك بتفعيل المجالس البلدية وفقاً لنظام البلديات والقرى، على أن يكون نصف أعضاء كل مجلس بلدي منتخبين، ويختار وزير الشؤون البلدية والقروية النصف الآخر من ذوي الكفاءة الأهلية.

وكل ذلك فيما نرى يمثل الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح، بما يعني أن هناك خطوات مقبلات لا بد وأن نخطوها طالما خطونا هذه الخطوة الأولى، ولكن السؤال يظل قائماً: ثم ماذا بعد القرار ؟

والمشكلة الحقيقية تبدأ بعد صدور القرار، فمثل كل شيء آخر، يظل الهاجس دائماً تلك العلاقات الشائكة بين القرار والتطبيق !

لقد ظللت دائماً أردد ما أكتب وأتحدث أن مشكلتنا الحقيقية ليست في النظم، وليست في الإمكانيات. هاتان الشماعتان اللتان ظللنا نعلق عليهما قصورنا، ولا أريد أن أقول: فشلنا، ولكن مشكلتنا الحقيقية تكمن في فشلنا في تفعيل النظم، واستقلال الإمكانيات.

وحول قضية مجالس المناطق، وفي غيرها، كتبت في مقالين نشرا بهذه الصحيفة تحت العنوان المشار إليه سابقاً وقبله مقال بعنوان (نحو حكومات محلية فاعلة)، أن النظم الحالية لا تحتاج إلى تطوير أو تغيير بقدر ما تحتاج إلى أن نفعلها إلى حدودها القصوى.

وإذن فلنرجئ الاحتفال قليلاً بهذا القرار التاريخي المهم، حتى نضع الأسس التي تجعله واقعاً متعيناً يفي ويحقق الغرض الذي أقر من أجله، فما هي هذه الأسس التي يمكن أن تجعله يؤتي ثماره كاملةً ؟ إنه الوعي، ولا شيء غير الوعي.

فثمة مسألة لا أدري، لماذا نتجاهلها دائماً، وهي أن الحقوق حين تعطى، أو تؤخذ إنما تعطى أو تؤخذ بحقها فلا حقوق في الدنيا إلا وتقابلها واجبات.

لقد أصبح من حق المواطن بموجب قرار مجلس الوزراء أن يشارك في إدارة الشؤون المحلية عن طريق انتخاب من يمثله في مجالسها، إلا أن القرار بالطبع لم يحدد للمواطنين من يختارون، وترك هذا لإرادتهم الحرة في أن يختاروا من يشاؤون، مع وضع معايير ومواصفات لمن يحق له أن يترشح لهذه الانتخابات، وهنا يأتي المحك.

أو دعنا نقول بالدولة النامية بشكل عام، كيف أن ثمة الكثير من الممارسات التي تنحرف بهذه العملية إلى وجهة غير التي خطط لها أن تسير فيها، وكيف أنها في النهاية تصل إلى نتائج تناقض تماماً الهدف الذي وضع لها، فيفوز في بعضها ذوو النفوذ الاجتماعي أو الوجاهة الاجتماعية ويفوز في بعضها الآخر ذوو النفوذ الاقتصادي، ويفوز بعضهم بالغلبة العشائرية.

وحين يحدث ذلك فإن هذا الحق يصير نقمة على المجتمع والمصلحة العامة للمواطنين، ويكون حينها النظام القديم هو الأنسب، فهذا الصوت الذي يدلي به المواطن هو مسؤولية تتجاوز لتطول، ليس مجتمع منطقة وحده، بل تطول الوطن كله، ليس الآن فحسب، بل حتى مستقبل الأبناء الذين يجب أن نهيئ لهم واقعاً أجمل.

لذا اعتقد أننا في حاجة إلى حملة توعوية وطنية مكثفة لتوعية الناس بأهمية ومدلولات وجدوى وأسس العملية الانتخابية، حتى تحمل أصوات الناخبين أحق المتنافسين إلى المجالس، وحتى يحسنوا اختيار من يمثلهم، وحتى لا تتحول العملية إلى مهزلة مثلما حدث في كثير من التجارب التي اطلعنا عليها في الدول النامية.

أما النصف الآخر من المختارين من قبل وزير الشؤون البلدية والقروية، فلا شك في أنه سيعتمد معيارية صارمة عند الاختيار، وقد كتبنا من قبل أن معيار الاختيار ينبغي أن يكون صارماً في مقاييسه وتطبيقاته، ليختار لهذه المجالس من يملك القوة، والكفاءة وقبل هذا وذاك من يملك الرغبة الحارقة في العطاء لمجتمعه ووطنه، ومن يعتبر شرف اختيار ولاة الأمر له في هذا المكان بمثابة تكليف وطني، يبذل في سبيل النهوض به أقصى ما يملك من إخلاص وحب وطاقة وقوة، في سبيل ممثليه، لأن ينوب عن ولاة الأمر في هذه المهمة، ويحقق أقصى رغباتهم في رفاهية المواطنين وتيسير أمور حياتهم.

وحين نضع الإنسان الأمثل - بمعايير الكفاءة - سنجد أن ساحة هذه المجالس قد امتلأت على سعتها بالأكفاء المخلصين من أهل العلم والعمل إلى جانب أصحاب الخبرة بكل تجاربهم الثرية، تتفاعل جهودهم وتتكامل قدراتهم.

خلاصة الأمر أن هذا القرار التاريخي - وهو تاريخي بكل المقاييس - يمثل نوعية في تطور السعودية السياسي والاجتماعي وهو مفصل أساسي نحو مستقبل مشرق، ولكنه يحتاج إلى عمل مكثف.

هذا القرار بقدر أهميته يفتح الباب واسعاً أمام عمل جديد، ويلقي مسؤوليةً كبيرةً على عاتق المواطنين، لذا علينا أن نشمر سواعدنا لنكون بقدر التحدي الذي ألقاه هذا القرار في وجهنا.

جامعة الملك عبد العزيز - جدة

DR_binSabaan @hotmail.com

 

نظام المناطق  

نظام البلديات والقرى 

لائحة تنمية وتطوير القرى بالمملكة 

 وزارة الشؤون البلدية شرعت في إعادة هيكلة الجهاز المركزي وفق التطورات التنظيمية

 مهام ومسئوليات وزارة الشئون البلدية والقروية

قرار وزير الداخلية بتعديل مهام ومسئوليات وزارة الشئون البلدية والقروية  

مجلس الوزراء يقرر توسيع المشاركة الشعبية في إدارة الشؤون المحلية بالانتخاب

المجلس البلدي المشرف ''الرقابي'' على تصرفات الامناء ورؤساء البلديات

 مسؤولون في عسير:القرار إيجابي ويصب في مصلحة الوطن

الانتخابات البلدية مرحلة لإعداد المواطن لمشاركة أكبر

الانتخابات البلدية مرحلة لإعداد المواطن لمشاركة أكبر  

 إجراءات نظامية تضمن نزاهة الانتخاب من مسألة القبلية والإقليمية

الإعلان عن انتخابات محلية خطوة ضمن خطوات الإصلاح الإداري

 مشاركة المرأة في الانتخابات تحتاج إلى دراسة

 احترام الأنظمة وثقافة الإصلاح الوطني

اللقاء الوطني للحوار الفكري يوصي بالاستمرار في عملية الإصلاح وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية

القيادة تثمن عالياً أداء مجلس الشورى وتوجه بإخضاع الأنظمة للمراجعة
تشكيل لجان فنية من الجهات الحكومية لتنفيذ القرارات السامية

دمج وزارات وإلغاء أخرى..صدور التشكيل الوزاري الجديد في السعودية 

'هيكلة' أجهزة الدولة لا تقلص الوظائف ولن تمس مزايا العاملين