منذ ساعات

الملف الصحفي

«التحرش» في مجلس الشورى.. «لجة» في الرفض والقبول فتحوّل إلى قرار خامل

جريدة الرياض - الأحد 17 شوال 1436 هـ - 2 أغسطس 2015م - العدد 17205

زيادة الحالات قد تعود به إلى «القبة»
«التحرش» في مجلس الشورى.. «لجة» في الرفض والقبول فتحوّل إلى قرار خامل

الرياض، استطلاع - هتاف المحيميد
وسط أنباء متضاربة عن توجه الشورى لسن قانون التحرش يحمي المتحرش بهم بعد زيادة الحالات الظاهرة في المجتمع، وهو القانون الذي تقدم به ثمانية أعضاء هم الدكتور عبدالرحمن العطوي، والشيخ الدكتور ناصر بن داود، والدكتور ناصر الشهراني، والدكتور عبدالعزيز الهذلق، وأربع من السيدات الأعضاء هنّ الدكتورة لبنى الأنصاري، والدكتورة دلال الحربي، والدكتورة حمده العنزي، والدكتورة منى آل مشيط، والذي أرجح له المعارضون بتعزيز مفهوم الاختلاط والرجوع للقوانين الدولية باستحداث قانون لم يوجد في المحاكم السعودية من قبل. إلا الحوادث الأخيرة وانتشار مقاطع التحرش لتتحول إلى قضية رأي عام بين مؤيد للقانون بردع المتحرش وسن عقوبات تعزيرية موحدة وبين معارض لقانون مستحدث.
"الرياض" تستطلع آراء الشوريين
"الرياض" استطلعت أراء عدد من الشوريين والقانونيين واختصاصيين حول جدوى سن قانون يعاقب المتحرش وحماية المتحرش به. في البداية تتحدث لبنى بنت عبدالرحمن الأنصاري عضو مجلس الشورى وأستاذ طب الأسرة في جامعة الملك سعود: ظاهرة التحرش هي أحد مظاهر العنف الموجودة في جميع المجتمعات البشرية إلا أن مظاهرها وآثارها السلبية يتم السيطرة عليها في كثير من هذه المجتمعات بسن قوانين صارمة ورادعة تحمي الأطراف الضعيفة وتجرم من يحاول العبث بها. كنتُ أحد الأعضاء الثمانية (٤ أعضاء و٤ عضوات) الذين تقدموا بمقترح لنظام مكافحة التحرش لمجلس الشورى منذ ما يزيد على عام ونصف. تمت جدولة هذا المقترح في إحدى الجلسات للتصويت على ملائمته للدراسة ولكن لم يتسع الوقت لذلك في تلك الجلسة. وجاء بعد ذلك توجيه من المقام السامي بدراسته ودمجه مع أنظمة الابتزاز والاتجار بالبشر. وقامت لجنة الشؤون الاجتماعية بدراسته في ضوء هذا التوجيه السامي وأعتقد أنها انتهت من ذلك وبالتالي أتوقع أن يتم وضعه على جدول أعمال الجلسات العامة قريباً. كما لم تتم مناقشة نظام مكافحة التحرش في الجلسة العامة وبالتالي يصعب الخروج بفكرة أن هناك ضغطا من بعض الأعضاء لما فيه من تعزيز أو "شرعنة" وجود الاختلاط. وفي رأيي الشخصي أن ما يراه البعض من ارتباط التحرش بوجود الاختلاط في بيئة العمل هو مفهوم خاطئ، فحالات التحرش التي تم تصويرها لم تحدث في بيئة عمل مختلطة بل حدثت في الأسواق والمتنزهات وعند المصعد. وهناك حالات كثيرة تحدث داخل الأسرة الواحدة وبين المحارم. كما أن نظام الحماية من الإيذاء مختلف فهو يتناول ما يحدث في نطاق الأسرة الواحدة سواء الأسرة النووية أو الممتدة من إيذاء بشكل عام بينما نظام مكافحة التحرش يعنى بتجريم التحرش الذي قد يقع بين شخصين لا يعرفان بعضهما البعض. كما انتشر العديد من الأقاويل بأن سحب القانون هو عنصرية ضد المرأة السعودية هذه افتراضات غير صحيحة طبعاً فقد شهدت السنوات الأخيرة تقدماً كبيراً في مجال تمكين المرأة على جميع الأصعدة وفي جميع المجالات. لعل السبب الأساس من وجهة نظري الخاصة في عدم ظهور نظام لمكافحة التحرش حتى الآن هو عدم وجود تصور لحجم المشكلة الفعلي. مرت سنوات طويلة والمجتمع (بما فيهم المجتمع الطبي) لا يصدق أن العنف الأُسَري موجود في بلادنا لذا تأخر ظهور نظام الحماية من الإيذاء ولكنه رأى النور في النهاية ولعل وجود مبادرات كبرنامج الأمان الأُسَري الوطني ساعدت على ذلك. ولعلنا بحاجة إلى أرقام بالإضافة إلى مقاطع الفيديو تعكس الحجم الحقيقي للمشكلة -ففي رأيي- نحن لا زلنا لا نرى إلا قمة جبل الجليد وما خفي "ربما" كان أعظم ولا بد من الإسراع للحد من هذه المعاناة الصامتة.
د. لبنى الأنصاري: لا صحة لوجود تحالف من قبل شخصيات متشددة داخل الشورى.. والدليل عدم مناقشته في الجلسة العامة
فيصل المشوح: على أعضاء المجلس أن يعرفوا استخفاف الناس بالفعل إن لم يقترن بعقوبة
المشوح: لا يوجد نظام خاص ضد التحرش
يوضح فيصل المشوح محامي: لا يوجد نظام خاص ضد التحرش، وعليه فُيصدر القاضي عقوبة تعزيرية تتراوح عادة ما بين السجن والجلد، أو عقوبة بديلة تتمثل في تنظيف مراحيض أو غسل موتى وغيرها ضد المتحرش، وفقًا لاجتهادات القاضي الشخصية، وهذا ما يفسر سبب اختلاف الأحكام الصادر في مثل هذه القضايا وتفاوتها. أما كون العقوبة تعود إلى تقديرات القاضي وكيفية حماية المتحرش به فعدم وجود قانون ونظام واحد بما فيه من إيجابيات أحيانا تعود لتخفيف العقوبة على المتحرش المتجاوز الذي ليس له سابقة أو الذي تحيط به ظروف خاصة إلا انه قد يقع أحيانًا المتحرش بين يدي قاضٍ تتسم شخصيته بالحزم وذلك لينال عقوبة مغلظة نال بها مثيله أقل من ذلك، وهنا تأتي أهمية القانون الموحد في إيجاد عقوبة عادلة مع الجميع وتخيف الجميع وتأبط الأمن الاجتماعي بشكل واضح ومقنن، ويعرف أي متهور ومتحرش عقوبته قبل إقدامه على فعلته. أم قرار سحب القانون قد يعود إلى ضغط الجمهور على الشوريين ورؤية تعزيز مفهوم الاختلاط أو ازدواج قانون الحماية من الإيذاء وقانون التحرش علمًا أن المشروع قد لقي إشادة من الشيخ صالح بن حميد في وقته ودعمًا جيدًا، إلا أنه تعثر، وعلى أعضاء مجلس الشورى الحاليين تفهم ومراعاة تطور الحياة وما ينتج عنها من مشاكل تتطلب تدخلا تشريعيا حمايةً للمواطنين.
نوف اليحيا: صدمة المجتمع ابتدأت بقضية «نفق النهضة».. وإشكالية التحرش في إثباته
عبدالله السلمان: نسبة التحرش من الأقارب يزيد على ٦٠٪
وإن لم يكن هناك حاجة فعلية لوضع نظام قانوني خاص بالتحرش في السابق، وهذا نظرًا لتكاتف وانغلاق المجتمع حينها، أما مع التطور الحاصل الآن الذي أدى إلى ظهور مثل هذه الحالات، وهو مايحتم ضرورة تدخل تشريعي لمكافحة التحرش، يتأمن بنودًا تشتمل على تعريف التحرش وبيان أنواعه وتحديد العقوبات النظامية لكل حالة بشكل مستقل، وأحوال تغليظ العقوبة، وإضافة إليه عقوبة التشهير، وهو مالم يتأمنه نظام الحماية من الإيذاء إطلاقا مما يعني التلميح لكفاية نظام مكافحة الإيذاء بعيد عن الواقع.
وكان الدكتور مازن بليلة في 2009 قدم دراسة لمشروع مكافحة التحرش مدعومة من القطاع الخاص وتحديدًا من مكتب المحامي فيصل أحمد يماني ومكونة من 8 مواد تقريبًا، كان رئيس المجلس ذلك الوقت صالح بن حميد قد رحب بالفكرة ودعا لدراستها بينما صرح طلال بكري رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية أن المشروع سيشرع للاختلاط! فعلى أعضاء مجلس الشورى أن يعرفوا أن الناس تستخف بالفعل إن لم يقترن بعقوبة، فمع أن التحرش محرم شرعًا إلا أننا في الواقع العملي نحتاج لنص يحدد العقوبة حتى على التمادي في النظرة وذلك للحد من التجاوزات المزعجة. ويضيف: لا أعتقد أن السبب الحقيقي هو فرض عنصرية على المرأة، إنما سبب مخاوف من تشريع الاختلاط كما صرح بذل رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بمجلس الشورى. وبما أن الاختلاط أصبح واقعًا في الحياة والعمل فالتخوف لا مكان له الآن. أما من يرى أن الفتاة المتبرجة تستحق التحرش فالقانون هو الذي سيوضح متى تكون الفتاة مسؤولة أو الشاب وهو القادر على تفكيك مثل هذا الجدل وتبادل التهم والهروب من الأسباب الحقيقية. وانتشار هذا الأمر في مجتمع محافظ يعود بلا شك إلى غياب القانون وغياب الرقابة. وقال إن الاستهتار بأعراض الناس وغياب الإحساس بالمسؤولية يمثل أحد العناصر المهمة وراء ظاهرة التحرش. والكثير يتساءل حول توثيق التحرش وهل يمكن أن يخدم المتحرش بهم داخل المحاكم، فهو مخالفة قانونية وانتهاك لخصوصيات الآخرين خصوصًا وأن العادات الاجتماعية تجرم هذه الأفعال مما يجعل صورة الفتاة والشاب وهو بهذا المنظر تتداول بين أيدي الناس أمرسلبي ومزعج لهما. والناس يلجؤون للتصوير حينما يجدونه الحل الأخير للدفاع عن سلمهم الاجتماعي.
نوف اليحيى: عدم وجود قانون لا يعني إباحة الفعل
من جهتها تؤكد نوف اليحيى محامية: بدايةً هناك لبس على الأحكام القضائية الخاصة بالتحرش فمع كل مقطع فيديو يظهر وينتشر في وسائل التواصل الاجتماعية تظهر عدة أفكار خاطئة وتتداول بين العامة على أنها صحيحة. أولها أن عدم وجود قانون للتحرش يعني غياب العقوبة وهذا غير صحيح فمن صدمة المجتمع السعودي بظهور التحرش علناً في القضية المعروفة بقضية "نفق النهضة" تمت محاكمة المتهمين وصدرت بحقهم أحكام تراوحت ما بين السجن 12 عاما و600 جلدة و6 سنوات و400 جلدة ولواحد فقط 4 أشهر و300 جلدة. تكمن إشكالية التحرش في إثباته لذلك غالب المتهمين في القضية السابقة دفعوا في لائحة الاستئناف أن صورتهم مفبركة في الفيديو وتم التلاعب بها لإيقاعهم، وثاني هذه الأفكار أن العقوبة التعزيرية هي عقوبة مخففة لأنها تعود لتقدير القاضي وهنا نقف لنعرف: مامعنى التعزير؟ هو التأديب وهو واجب في كل معصية لا حدَّ فيها ولا كفارة من الشارع.
هل العقوبة التعزيرية تكون مخففة في الغالب ولاتتعدى الجلد؟
إذا تتبعنا الأحكام الصادرة نرى أن التعزير قد يصل إلى القتل إذا اقتضت المصلحة. ثاني هذه الأفكار أن القضاء لدينا ضعيف في هذه الناحية وهذه الفكرة تأتي من الجهل بمراتب التقاضي فالكثير لا يعرف أنها على ثلاثة مراتب وأن الحكم الذي يصدر من القاضي غير نهائي فيستعجل في نشر الحكم الابتدائي على أنه الحكم النهائي في قضيته. والفكرة الأخيرة التي بدأت تنتشر وتتوسع أن التحرش قاصر على بلادنا لعدم وجود قانون والفصل بين الجنسين بينما نرى الدول الغربية نادراً ما يحصل لديهم ويتم تداول هذه الفكرة عن طريق صور تظهر مقارنة بين امرأة في الشارع مرتدية حجابا كاملا ويتم التحرش بها وصورة لامرأة بملابس غير محتشمة ولا يلتفت لها في الشارع أحد وهذه مقارنة مع الفارق فعدم وجود قانون كما أسلفنا لا يعني إباحة الفعل وعدم التحرش لأن الغاية النهائية متوفرة وهي الزنا فما حاجة الرجل للوسيلة في ضل وجود الغاية؟ كما أن عدم ظهور الأمر علناً لا يعني عدمه. إذن بعد إزالة اللبس نستطيع أن نرى الصورة كاملة وأن أي معتدى عليه إذا رفع أمره للقضاء مع ما يثبت ما تعرض له فسيحصل على حقه الشرعي فالشرع أتى بحفظ الضروريات الخمس وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل، وجعلت الاعتداء على العرض ذي أولوية وأهمية كبرى فالمقتول دون عرضه شهيد.

undefined

مرسوم ملكي رقم م / 78 بتاريخ 19 / 9 / 1428هـ بالموافقة علي نظام القضاء
مرسوم ملكي رقم (م/52) وتاريخ 15/11/1434 هـ بالموافقة على نظام الحماية من الإيذاء
النظام وفقاً لاخر تعديل - أمر ملكي رقم (أ/91) بتاريخ 27/8/1412هـ  بشأن نظَام مجلس الشورى
 «الشورى» يتحفظ على «الأحوال الشخصية» ويسحب قانون «مكافحة التحرش»