منذ ساعات

الملف الصحفي

ترتيب البيت القضائي وسرعة الإصلاح

السعودية -جريدة الاقتصادية-الاربعاء 26 محرم 1433الموافق 21 ديسمبر2011 العدد 6645

ترتيب البيت القضائي وسرعة الإصلاح

د. عبد اللطيف القرني
من الإشكالات الرئيسية في البيت القضائي التي تحتاج إلى سرعة في الترتيب هي ما يتعلق بسلخ القضاء التجاري والجزائي وإعادة النظر في اللجان شبه القضائية، وقد جاء الأمر بمعالجتها في الأوامر الملكية في نظام القضاء وآليته التنفيذية الصادرة في 19/9/1428هـ، وجاءت الإشارة أيضاً إلى تحديد مدد زمنية لمعالجة هذه الإشكالات، ومضت هذه المدد ولا يزال المواطنون ينتظرون الإصلاح الشامل في مرفق القضاء وفقاً لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء.
إن التأخير في ترتيب البيت القضائي يؤثر في استراتيجية الدولة في الشأن الخارجي والداخلي من حيث الاستثمار وجلب أدوات المنافسة وتردد كثير من رؤوس الأموال من الدخول في السوق الداخلي في السعودية، وذلك لوجود أسباب كثيرة منها الاضطراب في الاجتهاد القضائي وعدم استقراره سواء في مسائل الفقه الشرعي أو القانون التجاري وأيضاً التأخر في الأحكام والمماطلة في حضور الأطراف، ويكمل هذا الإشكال بتأخير استئناف الأحكام.
إن تأخير العدالة نوع من الظلم يجعل كثيرا من أرباب القضايا يجنحون إلى المصالحات بسبب خشية ضياع الحقوق هذا من جهة، ومن جهة أخرى، عدم تفعيل قضاء التنفيذ وتوسيع دائرة العمل به حيث يكون القضاء الفوري والمستعجل حاسما لكثير من النزاعات في الأموال الصغيرة وقضايا عقود المبايعات وإيجار البيوت والمحال، وإشكالات سداد الديون وغيرها من المسائل المتجددة اليومية التي تأخذ وقتاً كبيراً من حجم القضايا في الدوائر الحقوقية والتجارية والعمالية.
إن ترتيب البيت القضائي في السعودية لم يعد خياراً قابلاً للتأخير أو عقد جلسات النقاش حول أسلوب آلية سلخ الدوائر التجارية والجزائية واللجان شبه القضائية وكيفية انتقالها للقضاء العام والتردد في عملية الانتقال، فالمسألة لا تحتمل كل هذا الوقت فالوزارات تبنى في عام واحد، وكذلك غيرها من الأجهزة الحكومية فما بالك بانتقال قطاع من جهاز حكومي. ويمكن حال عجز الجهة الحكومية عن التنسيق مع إحدى الشركات المتخصصة لمعالجة إشكالات الانتقال في غضون أشهر معدودة.
إن الاختلال القضائي في كثرة اللجان شبه القضائية يؤثر في سير القضاء ويؤدي إلى ازدواجية الأحكام فمثلاً التعويض المعنوي (الأدبي) لا يكاد يحكم به من حيث المبدأ والاستقلال في القضاء العام والقضاء الإداري، بينما نجد أن القضاء العمالي في اللجان العمالية يحكم بالتعويض المعنوي (الأدبي) وعلى هذا نص نظام العمل صراحةً بشأن هذا المبدأ الاجتهادي.
فما الفرق بين المواطن الذي تعرض للضرر المعنوي وكانت جهة الاختصاص لقضيته في القضاء العام أو القضاء الإداري والمواطن الذي كانت جهة اختصاص قضيته في اللجان العمالية مع أن أصل الفكرة التي تم رفع القضية من أجلها واحد.
إن القضاء هو اللبنة الأساسية التي تبنى عليها الدول، وعلى ميزان العدل قامت السماوات والأرض، وإن استقرار البيت القضائي وإعادة ترتيبه يسري أثره على كامل أجهزة الدولة، ولذلك ينبغي الاستعجال في هذه المسألة وخاصة ما يتعلق بالقضاء التجاري، وعلى هذا جاءت الإرادة الملكية في حثها الأجهزة المعنية وأيضاً الأجهزة ذات العلاقة بإتمام هذا الموضوع على وجه السرعة.
كما أن تفعيل أداء دوائر الحقوق ودوائر القضاء التنفيذي وخاصة ما يمس هموم الناس وحوائجهم المتكررة وسرعة الفصل فيها يجعل اللجوء إلى القضاء أسلوب معالجة مناسبا ومحببا للناس، وفي الوقت نفسه يخلق قضاء معاصرا يلامس العدالة في زمن ضاعت العدالة فيه عن كثير من الناس وأصبح الظلم ركناً أساسياً في تعاملات الناس بل في طبيعة الناس، وصدق الله إذ يقول: ''إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً'' (الأحزاب: من الآية72).
ومن المؤسف أن لغة الأرقام تتحدث عن أن قضاة المحكمة العامة في الرياض الذين تحال إليهم القضايا 38 قاضيا فقط أمام ستة ملايين نسمة، وأن وارد المحكمة في عام 1432هـ فاق 100 ألف قضية جديدة تم قيدها. وأدعو القارئ الكريم ليعلق على هذه الأرقام وأظن أن الكل سيتحدث أن هناك خللا يحتاج إلى إصلاح، وإلا ستفقد المحاكم دورها الاجتماعي في العملية القضائية في فض النزاعات وإعادة الحقوق ورفع الظلم وإرساء العدالة.
أسأل الله أن يمنحنا من عطاياه ما سألناه وأن يبتدئنا بما لم نسأله وأن يبلغنا ما قصرت عنه آمالنا، وتذكروا دائما أنه مع المحن تكون المنح الإلهية، والحمد لله أولا وآخرا.

نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 78 بتاريخ 19 / 9 / 1428ه
نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 78 بتاريخ 19 / 9 / 1428ه
العواد : إنشاء محاكم تجارية ومركز موحد لتسجيل الرهون
دراسة تقترح إنشاء محاكم تجارية متخصصة في النزاعات
المحاكم المتخصصة
الانتهاء من دراسة إنشاء محاكم تجارية في السعودية
نحو قضاء تجاري متخصص
رجال أعمال يطلبون محاكم تجارية باختصاصات ديوان المظالم
القضاء التجاري يمارس في المملكة منذ عقدين
القضاء التجاري والمصير المجهول