منذ ساعات

الملف الصحفي

هل من ضوابط لاتفاقيات وعقود الخدمات؟

جريدة الاقتصادية - الثلاثاء 13 جمادى الأول 1431 هـ. الموافق 27 إبريل 2010 العدد 6042

هل من ضوابط لاتفاقيات وعقود الخدمات؟

د. عبدالرحمن الطريري
تمثل العقود والاتفاقيات التي توقع بين الأطراف أساساً مهماً وضرورياً في تنظيم العلاقة بين المتعاملين وحفظ الحقوق وعدم تعريضها للتلاعب أو الضياع والإهمال. وفي الوقت الراهن، حيث كثرت التعاملات والخدمات التي تقدمها الشركات والمؤسسات في كثير من المجالات كالتأمين والخدمات المالية وغيرها, أصبح من اللازم تنظيم هذه الخدمات وفق عقود واتفاقيات محكمة ودقيقة تحفظ للجميع حقوقهم, إلا أن الملاحظ على الاتفاقيات والعقود أنها تكتب وتعد من طرف واحد, ألا وهي الشركة أو الجهة المقدمة للخدمة التي تراعي وتحرص ـ وهذا أمر مشروع ـ على حقوقها, لكن على حساب حقوق الطرف الآخر المستفيد من هذه الخدمة, الذي في كثير من الأحيان لا يشارك في صياغة العقد, بل ربما لا يفهم ولا يفقه كثيرا من المصطلحات التي تكون قد نحتت ووضعت بشكل محترف، ومن قبل قانونيين بذلوا الجهد لحفظ حقوق الشركة التي كلفتهم بصياغة العقد أو الاتفاقية, بينما الطرف الآخر لا حضور له في تفكيرهم أو اهتمامهم, حتى إن هذه العقود قد يكون في صياغتها كثير من الغرر والإجحاف في حق المتعاملين مع الشركة. ونظراً لما يترتب على عدم سلامة صياغة العقود والاتفاقيات من ضرر في حق الأفراد والجهات المتعاملة مع مثل هذه الشركات, ولما يحدثه الخلل في صياغة العقود من مشكلات ومطالبات ودعاوى مما يثقل على المحاكم واللجان المتخصصة, لذا رأيت أهمية تناول هذا الموضوع لمناقشته والبحث فيه, خاصة من قبل ذوي الاختصاص الشرعي والقانوني, ومع أنني لست من هؤلاء إلا أن اتفاقية وقعت في يدي خلال الفترة الماضية أشعرتني بضرورة طرح الموضوع، نظراً لما لمسته في بعض بنودها من إجحاف في حق من يتعاملون مع الشركة وفق هذه الاتفاقية.
في البداية لا بد من أن نحرر مقولة طالما ترددت على أسماعنا ألا وهي أن القانون لا يحمي المغفلين, وأعتقد أن هذه المقولة فيها إجحاف وضرر بالغان, ذلك أنه لا يمكن تصور إلمام كل الناس بالأسس التشريعية والقانونية للتعاملات المستجدة كالمالية والإدارية والتأمين وغيرها, لذا لا بد من أن تراعى حقوق المستفيدين من الخدمات عند صياغة هذه العقود على ألا يترك أمر مراعاة حقوقهم للشركات ذاتها, بل لا بد من جهة مستقلة تراجع هذه العقود وتراعي حقوق الطرفين ـ الشركة المقدمة للخدمة والطرف المستفيد من الخدمة. حتى تكتمل الصورة بشأن الموضوع سأشير إلى بعض المواد الواردة في الاتفاقية التي تعتمدها الشركة المالية المعتمدة من هيئة سوق المال دون أن أذكر اسم الشركة، بل تتم الإشارة إليها بنقاط بين قوسين. ورد في المادة 5 تحت عنوان خدمات أن الشركة ستوفر الخدمات التالية. (أ) الاستثمار في الصناديق الاستثمارية. (ب) صفقات التنفيذ فقط (التعامل). (ج) خدمات الاستشارات الاستثمارية. (د) خدمات الحفظ (إما مباشرة أو باستخدام أمين حفظ من الغير).
ثم ورد تفسير لما سبق بالعبارات التالية (تنحصر الخدمة ''أ'' أعلاه ضمن المعنى المحدد في لائحة صناديق الاستثمار، ويمكن أن تشمل توفير الصناديق الاستثمارية بإدارة الغير في حين تنحصر الخدمة ''ب'' أعلاه ضمن المعنى المحدد في الباب 5 والمادة 36 من لائحة الأشخاص المرخص لهم من الهيئة وتنحصر الخدمتان ''ج'' و''د'' أعلاه ضمن المعنى المحدد في الباب 2 من لائحة نشاط الأوراق المالية الصادرة عن الهيئة).
كما يلاحظ القارئ الكريم أسلوب الإحالة الواردة في هذه الاتفاقية, حيث أحالت العميل إلى نظام هيئة سوق المال وإلى مواد يصعب فهمها، وكأن هذه الاتفاقية استخدمت المثل القائل وفسر الماء بعد الجهد بالماء. لا شك أن العميل يهمه معرفة هذه المواد, لذا لا بد من عرضها بصورة مباشرة ضمن الاتفاقية, إذ كيف سيمكنه التوقيع على اتفاقية مع وجود مواد لم يطلع عليها؟! كما ورد في بند المدفوعات مقابل الخدمات العبارات التالية (بشكل عام سيحق ''.....'' اقتطاع واستيفاء جميع الرسوم والمصروفات المعتمدة لدى ''.....'' من الأموال المستحقة للعميل لقاء الخدمات المقدمة من قبل ''.....'' أو من خلالها). كما ورد ويحق لـ ''.....'' استخدام الأموال المودعة في حساب العميل الاستثماري خارج ساعات التعامل العادية شريطة ألا يعرض هذا الإجراء تلك الأموال لخطر الخسارة بالنسبة للعميل.....'', كما ورد في بند التعليمات ''يمكن لنا أن نعتمد على أي تعليمات ترد من طرفك وأن نعمل بموجبها ونتعامل معها كتعليمات معتمدة ومجازة تماماً من العميل ولن نكون ملزمين بالتأكد من صحة هذه التعليمات ولن نكون مسؤولين تجاهك عن أي خسارة أو ضرر تتكبده....'' كما ورد أيضاً ''نحن لسنا مسؤولين عن أي خسارة تتكبدها نتيجة تصرفنا أو امتناعنا عن التصرف بناء على التعليمات التي نعتقد أنها أعطيت من طرفك''.
كما يلاحظ القارئ الكريم الاحتراز من قبل الشركة فيما يخصها, حيث لا تلزم نفسها بالتأكد من التعليمات, كما تعطي نفسها الحق في استثمار أموال العميل خارج وقت العمل دون إشراك له في الأرباح في حين يحق لها إلزامه بالرسوم والمصاريف دون تحديد لنسبة معينة بل ترك الأمر غامضاً تحدده الشركة كيفما تشاء. كما ورد في بند الحفظ (لا تتحمل ''.....'' أدنى مسؤولية عن أية أضرار في حالة التقصير من جانب أمين الحفظ المعتمد ما لم يثبت أن ''.....'' تصرفت بسوء نية أو بإهمال جسيم).
ترى من الذي يستطيع أن يثبت سوء النية؟ لا أعتقد أنه يوجد قاض أو عالم نفس أو جهاز تقني مهما بلغت دقته يمكنه إثبات سوء النية كما أن الإهمال الجسيم مصطلح غامض يمكن أن يختلف في تفسيره.
بقي أن أقول لا يكفي أن توافق هيئة سوق المال على إقامة الشركة بل لا بد من التأكد من النظام والعقد الذي ستعتمده الشركة في تعاملاتها في السوق حتى لا يضار العملاء, لأن هيئة سوق المال يفترض أن تكون عادلة مع الشركات والأفراد, كما أرى ضرورة أن تراجع هذه العقود من جهات متخصصة كوزارة العدل على سبيل المثال قبل إجازة هذه الشركات حتى تتأكد من استكمالها الضوابط الشرعية وخلوها من الغرر الذي يترتب عليه أضرار فادحة.

(أنظر المادة 36 من لائحة الأشخاص المرخص لهم )
نظام السوق المالية
نظام الإستثمار الأجنبي
لائحة الأشخاص المرخص لهم الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية
تنبيهات في صياغة العقود
"ملحوظات في صياغة العقود"
100 شخصية اقتصادية وقانونية تستشرف صياغة العقود وجهات الاختصاص
نظام جديد لتحديد علاوات الإصدار بأسلوب المزايدة بين الصناديق الاستثمارية وشركات الوساطة
الأرباح الرأسمالية تخضع لضريبة الاستقطاع والصناديق الاستثمارية ملزمة بأنظمة شركات الأموال المقيمة
مناقشة أحكام الصناديق الاستثمارية العقارية بغرفة الرياض