منذ ساعات

الملف الصحفي

القضاء .. ثقافة غائبة

جريدة الاقتصادية - الثلاثاء 13 جمادى الأول 1431 هـ. الموافق 27 إبريل 2010 العدد 6042

القضاء .. ثقافة غائبة

محمد بن عبد الكريم بكر
يعد برنامج تطوير مرفق القضاء من بين أهم خطوات الإصلاح التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. إذ إنه خطوة تشكل لبنة أساس، جنباً إلى جنب مع التعليم، في النهضة الشاملة التي تعيشها المملكة ورؤية قائدها لبناء مؤسسات قادرة على المنافسة في عالم فسيح لم تعد له حدود. فالقضاء ركن حصين في بنية المجتمعات، وفي تطويره العديد من المحاسن التي يصعب حصرها أو سردها لما سيتحقق - بإذن الله - من نقلة في تعاملات وسلوكيات الناس، والتيسير عليهم سبيل الوصول إلى حقوقهم كاملة دون مشقة أو عنت. ولعل من فضول القول أن نشير إلى أن جودة المنظومة القضائية بكل عناصرها لا تنعكس فقط على ما ألف الناس من مظالم أو خصومات تقليدية، بل تمتد آثارها إلى مفاصل أخرى حيوية كالتنمية الاقتصادية، الاستثمارات، وفرص العمل . إذ بينت بعض الدراسات أن هناك ارتباطا مباشرا يمكن قياسه بين جودة القوانين والنظام القضائي في بلد ما وبين القيمة الحقيقية للثروة في ذلك البلد. وقد ضربت واحدة من تلك الدراسات، نشرت قبل نحو عامين، مثالاً على ذلك الترابط بدولار واحد يملكه شخص في دولة المكسيك، وما يطرأ من زيادة على قيمة ذلك الدولار أضعافاً مضاعفة بمجرد عبوره الحدود شمالاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والسبب هو الفارق الشاسع بين القوانين والنظام القضائي في كلتا البيئتين.
لقد شرعت المملكة منذ عدة سنوات في مراجعة شاملة للأنظمة واللوائح، وإصدار أنظمة جديدة لسد ما قد يكون هناك من نقص أو فراغ. وكان لمجلس الشورى السهم الأكبر في ذلك الإنجاز. غير أن صدور ذلك الكم الهائل من الأنظمة في وقت قصير نسبياً قد يشكل عبئا على مؤسسات القضاء والأجهزة التنفيذية، إذ لا بد لها من التكيف مع تلك المستجدات والتعامل معها بتدريب الإمكانات البشرية القائمة وتعزيزها بعناصر وتقنيات عمل جديدة, وهو ما يتطلب فسحة من الزمن. ثم هناك طرف آخر مهم في الموضوع ألا وهو المواطن بحسبانه المستفيد الأول من تطوير الأنظمة ومرفق القضاء بمفهومه الواسع. فمن الواضح أن إفادته من ذلك التطوير ستبقى محـدودة ما لم يتم تثقيفه أو تأهيله، إن صح التعبير، والارتقاء بوعيه لمفهوم القضاء والخدمات التي يمكن أن يقدمها له ذلك المرفق.
إن ثقافة المجتمع في المملكة عن مرفق القضاء يمكن وصفها بالغائبة، أو في أحسن الأحوال بالمشوشة. ولعل المسؤولية عن ذلك الغياب هي مسؤولية مشتركة بين المرفق ذاته وبين وسائل الإعلام, ما يجعل المعالجة مرهونة بمبادرة منهما معاً. فكثير من الناس لا يعرف أين يذهب بقضيته في وجود درجات مختلفة للتقاضي، فهناك على سبيل المثال محكمة عامة، محكمة جزئية، محكمة تجارية، محكمة استئناف، محكمة عليا، وديوان مظالم (محكمة إدارية). وإن عرف الشاكي وجهته فعلى الأغلب أنه يجهل الشروط والإجراءات التي يجب عليه الالتزام بها في عرض شكواه. ذلك الجهل يؤدي عادة إلى هدر وقت أجهزة القضاء والتنقل بالملف من محكمة إلى أخرى بسبب عدم الاختصاص، كما قد يؤدي إلى إضاعة حق الشاكي. والحديث هنا عن الحاجة لتوعية الجمهور بمرفق القضاء وكيفية التعامل معه ليس المقصود منه الدعوة إلى تشجيع ما نشاهده بين الحين والآخر من تناول صحافي مرتبك أحياناً لبعض القضايا ذات الحضور العام بهدف الإثارة ، وإنما ندعو إلى عمل إعلامي هادف ربما تتولاه مؤسسات متخصصة تحت إشراف المجلس الأعلى للقضاء لنشر ثقافة القضاء بين الجمهور من خلال خطة ذكية تخاطب المتلقين على قدر احتياجاتهم.
وفي ذلك السياق لا بد من التنويه بخطى كل من رئيس المجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل في التواصل مع الجمهور سواء في الزيارات الميدانية وما يستمعون إليه من آراء، اللقاءات المفتوحة، أو الحديث عبر وسائل الإعلام عن الخطوات القادمة في برنامج التطوير . كما لا بد من التنويه بمستوى الشفافية في المجلس الأعلى للقضاء الذي أصبحت محاضر جلساته وقراراته متاحة للعموم.
لا شك أن بناء جسور بين مرفق القضاء وبين الجمهور عبر قنوات التواصل بأنماطها المختلفة فيه مصلحة ومنافع لكل الأطراف، وحبذا لو أن المجلس الأعلى للقضاء يتبنى خطة للاستعانة بالإعلام في نشر ثقافة التعامل مع مرفق القضاء بين أفراد المجتمع ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير ذلك المرفق.

نظام القضاء
رئيس المجلس الأعلى للقضاء: مشروع تطوير القضاء قطع شوطاً في طريق التطوير بدعم خادم الحرمين
خطة تطوير القضاء تشمل «تسريع» القضايا و«تفريغ» القضاة
السويلم : تشخيص العقبات بالمحاكم لتطوير القضاء
وزير العدل يفتتح أعمال اللقاء التطويري الرابع لمرفق القضاء
حصر المسميات الوظيفية لتطوير الموارد البشرية بمرفق القضاء
مرحلة جديدة من التطوير.. في مرفق القضاء «1 3»
20 مكتبًا استشاريًا تتنافس لتطوير مرفق القضاء ولجنة لدراسة العروض
المشاركون في ندوة “عدل”: إنهاء إجراءات “القضاء الإلكتروني” وتوسيع صلاحيات المحاكم لسرعة البت في القضايا
“عدل”: تيسير إجراءات التقاضي برفع كفاءة القضاء والتوسع في المحاكم المتخصصة
الحجار :المحاكم المتخصصة تحل مشكلة تكدس القضايا