منذ ساعات

الملف الصحفي

الكفاءة الإدارية ومحاربة الفساد

جريدة الاقتصادية السبت, 15 ربيع أول 1429 هـ الموافق 22/03/2008 م - العدد 5276

الكفاءة الإدارية ومحاربة الفساد

كلمة الاقتصادية
الفساد, كما وصفه مدير البنك الدولي بالسرطان, ليس هو إلا مشكلة رافقت المجتمعات قديما وحديثا وستبقى معها في المستقبل القريب والبعيد. فالفساد له أوجه متعددة, فهناك فساد معلن وظاهر للعيان وقد يصل الأمر إلى قبول المجتمع به والنظر إليه على أنه جزء من الواقع الذي لا يمكن تجاوزه أو عدم التعامل معه مباشرة, وهذا المستوى من الفساد في نظر المختصين مؤشر قوي على انهيار الدول وتفكك النظام العام, ومعالجته تتطلب إعادة إنتاج الدولة وبناء مؤسساتها على أسس وأطر تنظيمية جديدة. وهناك الفساد الخفي وغير المعلن الذي قد يتآكل به النظام العام ومن دون أن يشعر به المجتمع, وهذا النوع من الفساد هو في الكثير من الحالات أخطر من النوع الأول لأنه لا يتمظهر بالشكل الذي يجلب الانتباه إليه, وبالتالي تأتي المعالجات متأخرة وغير نافعة. وكلا النوعين من الفساد لهما أسباب متعددة, ولكن للضعف الإداري وعدم الكفاءة الإدارية النصيب الأكبر في ذلك. فإذا كان تعريف الفساد عالميا بأنه استخدام الموقع العام أو الموارد العامة لتحقيق مصالح شخصية, فإن هذا الاستخدام غير المشروع للموقع أو الموارد العامة لا يتأتى إلا في وجود البيئة المناسبة وغير المنضبطة التي تنتجها وتتسبب فيها الإدارة الضعيفة وغير الكفوءة. فكلما كانت الإدارة ضعيفة وغير قادرة على الإمساك بمكونات واقع العمل فإن الفراغ الذي تنتجه الإدارة بضعفها وعدم قدرتها على العمل بكفاءة لا بد أن تشغله ممارسات ومن أطراف أخرى, وهذه الممارسات في الغالب هي التي تأخذ طابع الفساد والاستخدام غير المشروع للموارد.
وقد يلتبس على البعض المعنى المقصود بالكفاءة الإدارية, فقد يتصور الكثير أن تحقيق المزيد من الكفاءة الإدارية يستوجب من الإدارة المزيد من البيروقراطية والمركزية في إصدار القرارات والتشديد في الإجراءات وبناء أجواء من الشك وعدم الثقة بين الأطراف. فالانضباط الإداري في نظر هؤلاء هو المزيد من التشدد والتعقيد والتضييق والعمل المركزي, وكل هذه الأمور في نظر المختصين بمحاربة الفساد ليست بحلول أصلا, بل إنها تزيد من عدم كفاءة الإدارة في ضبط شؤونها وتجعلها أكثر ضعفا وأقل نجاحا في التصدي للفساد بكل أنواعه وعلى المستويات كافة. فمستوى الكفاءة في ممارسة الإدارة الحديثة يتحرك في إطار مجموعة من العوامل التي أثبتت الدراسات العلمية والعملية أنها خير من يؤسس للبيئة المانعة للفساد والطاردة للممارسات غير المشروعة والمبعثرة للمال العام. فالتخلي عن المركزية في اتخاذ القرارات مع تطوير الأجهزة الرقابية, وتبسيط الإجراءات والتأكيد على وضوحها ومعرفة متطلباتها بالشكل الذي يمنع أو يحد بشكل كبير من التدخلات الفردية والمؤثرات الشخصية, مع اعتماد المعايير والمقاييس الحديثة التي تضمن الحد الأدنى من الجودة المطلوبة, هي كلها من العوامل الرئيسة التي ترتقي بممارسة الإدارة وظيفتها وجعلها إدارة فاعلة في تسيير شؤونها وتحصين واقعها من الفساد.
فالمملكة وهي اليوم تشهد مرحلة نهوض اقتصادي وعمراني وصناعي, من حقها أن تعلن وبصراحة تصميمها وعدم تهاونها مع الفساد, فالمشاريع الكبيرة والمتنوعة التي تتوزع على مناطق المملكة المختلفة, وكل هذا الإنفاق الحكومي الضخم لتجديد البنية التحتية وتوسيعها هي من الطبيعي ستخلق أجواء مساعدة للفساد واستغلال الموارد العامة لأغراض شخصية. وعواقب الفساد وإن كان قليلا فهي خطيرة من حيث إنها تحرم المجتمع من الانتفاع الكامل من موارده لتنمية نفسه, وبالتالي فإن حلقة التنمية لن تكتمل ولا يضمن أن تحقق التنمية أهدافها المرجوة إلا بتكثيف الجهود في محاصرة الفساد والعبث بالموارد العامة. وهناك الكثير مما يمكن عمله لمحاصرة الفساد والحد من انتشاره, فالجانب التشريعي والقانوني ووجود الأجهزة الرقابية التي مهمتها المتابعة والكشف وملاحقة الممارسات الفاسدة كلها أمور مطلوبة ومهمة, وهي اليوم مدعومة من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين لأن تكون أكثر نشاطا وحركة في ممارسة عملها, فإن علينا أيضا ألا نغفل الجانب الأكثر أهمية في هذا الشأن ألا وهو التطوير الإداري للأجهزة الحكومية, فكلما عملت هذه الأجهزة بكفاءة أكبر وبفاعلية أكثر, فإنها بكفاءتها ستشكل جدار ممانعة قويا وحصينا ضد كل الممارسات الفاسدة, فالإدارات في الواقع هي صاحبة الشأن في اتخاذ الكثير من القرارات ذات العلاقة بالمشاريع وتحديد الموارد العامة المطلوبة لها, وبالتالي فإن صلاح هذه الإدارات وتحسين كفاءتها هما من أنجع السبل لمحاربة الفساد وأجدى الطرق للتصدي له. فإدارات الأجهزة المختلفة عندما تتسلح بالمزيد من الشفافية وتضفي على إجراءاتها الدقة والوضوح والبساطة فإنها بموقعها هذا ستمنع الفساد أن يتسرب إلى دائرة أعمالها.

الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد
هيئة الرقابة والتحقيق: دراسة آلية عمل إستراتيجية حماية النزاهة ومكافحة الفساد ... والإعلان عنها قريباً
إستراتيجية لمكافحة الرشوة والفساد الإداري قريباً
التشهير بمن تثبت إدانته في الفساد الإداري لردع الآخرين
ديوان المراقبة العامة يضع خطة خمسية لرفع أداء الأجهزة الحكومية وكشف الفساد الإداري
"القرني" يطالب هيئة الرقابة بمواجهة القصور في أداء بعض العاملين بالمحاكم ومحاربة الفساد الإداري