منذ ساعات

الملف الصحفي

مختصون ماليون وقانونيون :رهن رواتب الموظفين لدى البنوك تجاوز قانوني وتنظيمي

السعودية - جريدة الاقتصادية -  الأثنين 18 ذو الحجة 1432 الموافق14 نوفمبر2011 العدد6608

مختصون ماليون وقانونيون لـ"الاقتصادية" :رهن رواتب الموظفين لدى البنوك تجاوز قانوني وتنظيمي

الهلالي من جدة
قال لـالاقتصادية الدكتور عبد الرحمن السلطان - الأكاديمي والكاتب الاقتصادي - إن رهن رواتب المقترضين لدى البنوك المحلية خطأ قانوني وتنظيمي غير مقبول، أدى إلى توسع البنوك في عمليات الإقراض للأفراد، وطالب الجهات المعنية بحماية عملاء البنوك وعدم استغلالهم بتنظيم يحمي البنوك من المخاطر كافة التي قد تترتب على الإقراض الشخصي.
وقال عبد الرحمن السلطان: إن البنوك وبسبب سماح مؤسسة النقد لها برهن رواتب الموظف كضمانة للقروض الشخصية قد أنهت تقريباً المخاطر المرتبطة كافة بمثل هذه القروض؛ ما دفع البنوك للتوسع بها بشكل هائل بحيث أصبحت هذه القروض تشكل جزءا كبيرا من إجمالي الائتمان المصرفي في المملكة.
وأوضح أنه لا يسمح للبنوك في أي دولة متقدمة في العالم برهن رواتب الأفراد كضمانة لقروضها، وعلى البنوك أن تحصل منهم على ضمانات أخرى عدا دخل الموظف الذي يمثل مصدر رزقه الذي يجب ألا يُعرّض للخطر لأي سبب كان. وأضاف: نجد أن البنوك في الدول المتقدمة ترهن الأصل العقاري كضمانة للقرض العقاري أو ترهن السيارة كضمانة لقرض شراء سيارة ونحو ذلك، لكنها لا تستطيع بأي حال أن ترهن راتب الموظف.
وبيّن الأكاديمي والكاتب الاقتصادي، أن مؤسسة النقد بسماحها لجهات التوظيف في المملكة بإصدار خطابات تلتزم بموجبها بتحويل راتب الموظف لبنك معين يتيح للبنوك رهن راتب الموظف كضمانة للقرض الشخصي الذي قدمه له؛ مما يشجع البنوك على هذا النوع من الإقراض وانعكس ذلك على مضاعفة الأعباء المالية عليه، بسبب توسعهم في الحصول على قروض استهلاكية دون قيود بعد أن تلاشت المخاطر على البنوك وأصبحت غير معنية مطلقا بقدرة هذا المقترض على تحمل أعباء القرض، فالبنك سيقتطع قسط القرض من راتب الموظف قبل وصوله إليه، وعليه أن يتدبر أمر معيشته بما تبقى من دخله دون أن يشاركه البنك بأي مخاطر في ظل هذا التنظيم غير المنطقي ولا المقبول.
وتابع: ''بعد أن كانت البنوك السعودية شديدة التحفظ في منح القروض الشخصية نجدها بعد وضع هذا التنظيم تتوسع بشكل كبير في القروض الشخصية، حيث إنها تتجاوز حاليا 200 مليار ريال، بينما كانت قيمتها قبل نحو عشر سنوات تقل عن عشرة مليارات ريال، والذي كان من نتيجته أن أصبحت القروض الشخصية عبئا ماليا هائلا على معيشة الأفراد في المملكة بسبب أن معظم الأفراد هم الآن متحملون قروضا شخصية استخدمت في الغالب في تلبية احتياجات استهلاكية كالسفر للخارج أو نحو ذلك، وهم الآن يجدون صعوبة في تلبية احتياجاتهم اليومية الضرورية بما تبقى من دخلهم، بل ويجدون صعوبة كبيرة في تسديد هذا القرض والانتهاء من أعبائه بسبب إغرائهم من قبل البنوك للدخول في عمليات إعادة تمويل تتسبب في تمديد فترة الاقتراض لفترات إضافية تجعلهم مدينين للبنوك لفترات طويلة جدا.
وأشار إلى أن هناك حاجة وضرورة لقيام مؤسسة النقد بواجبها المتمثل في حماية المتعاملين مع النظام البنكي من استغلالهم من قبل البنوك بصورة جائرة وتحميلهم بما لا يطيقون بسبب وجود تنظيم يحميها من المخاطر المرتبطة كافة بالإقراض الشخصي، وذلك بوقف ضمان تحويل راتب المقترض إلى البنك، وذلك بمنع جهات التوظيف من منح مثل هذه الضمانات وإعطاء الموظف كامل الحق في تحويل راتبه لأي بنك يريده ما يقطع الطريق على البنك من استخدام تحويل راتب الموظف كضمانة للقرض الشخصي، خاصة أن هذا الاستغلال السيئ من قبل النظام البنكي لهذا النظام يبدو واضحا وجليا من خلال توسعه الكبير في القروض الشخصية وكون ما يزيد على 70 في المائة من القروض الشخصية، وكما تشير بيانات مؤسسة النقد، هي عبارة عن قروض استهلاكية وليست قروضا استثمارية، بينما في الولايات المتحدة على سبيل المثال فإن 80 في المائة من القروض الشخصية هي قروض رهن عقاري وليست قروضا استهلاكية.
من جهته، قال فضل البوعينين - الخبير الاقتصادي: إن المرحلة الحالية تستدعي التزام الموظف بتحويل راتبه إلى البنك مقابل القرض المالي، ولو قارنا ما يحدث في السوق المحليى والدول الغربية سنجد أن البنوك الغربية تعتمد اعتمادا كليا على سجل المقترض الائتماني وهو الفيصل في منح القروض من عدمه؛ لذلك يحرص المواطنون في الدول الغربية على خلو سجلاتهم الائتمانية من أي تعثر سابق؛ كي يضمن استحقاقه للقرض مستقبلا، مبينا أن هذه الثقافة الائتمانية غير موجودة في السوق السعودية، وهناك شريحة لا تلتزم ولا تهتم بالسجل الائتماني في الوقت الحالي.
وأردف ''أعتقد مع مرور الوقت سيكون هناك تركيز أكبر على السجل الائتماني، وسيكون المقترض أكثر حرصا على السداد دون الوصول إلى مرحلة التعثر، ومتى ما وصلنا إلى هذه المرحلة وأصبح لدينا ثقافة ائتمانية في السوق السعودية لن نحتاج إلى التزام بتحويل الراتب من العميل للبنك''.
وأبان أن التزام تحويل الراتب حاليا يتم بطلب وموافقة العميل وليس البنك، ويقوم العميل بالإجراء الرسمي، بناء عليه لا يتم تحويل الراتب مرة أخرى إلا بطلب العميل بعد إخلاء الطرف.
وأشار إلى أن هذا الإجراء يؤدي إلى استغلال العملاء من البنوك؛ لأن البنك عندما يعلم أن العميل المقترض لن يستطيع تحويل راتبه أو الحصول على أي مزايا ائتمانية أخرى من أطراف أخرى خارج محيط البنك، يكون العميل هو الحلقة الأضعف في المعادلة الائتمانية؛ لذلك نجد أن لدينا سوقا مزدهرة لسماسرة سداد القروض المتعثرة، ولولا عدم قدرة العميل على الحصول على قرض آخر دون مساعدة خارجية لما اضطر إلى أن يدفع نحو 30 في المائة من القرض الأصلي إلى السماسرة مقابل السداد والحصول على شهادة إخلاء طرف من البنك.
واستطرد ''أعتقد في هذه المرحلة يجب أن يكون هناك توازن بين مصلحة البنك بضمان حقوقه ومصلحة العميل في عدم تعرضه إلى الاستغلال، خاصة فيما يتعلق بفرض بعض المنتجات عليه بسبب رهن راتبه لدى البنك''.
من جانبه، أوضح نزيه موسى - المحامي والمستشار القانوني - أن رهن رواتب الموظفين لدى البنوك يتم لعدم وجود آلية بديلة في السوق يستطيع البنك من خلالها ضمان حقوقه.
وأفاد بأن البنك شركة مساهمة ولديها حقوق مساهمين وليس من حق البنك العبث أو التصرف بتلك الحقوق أو ضياعها وتبديدها لعدم مقاضاة البنك وإدارته ويتم النظر إلى البنك كشركة مساهمة لديها حقوق مساهمين ولها جمعية عمومية تسأل إدارة البنك عن آلية الإقراض والضمانات التي حصل عليها البنك من أجل ضمان سداد القروض والالتزامات.
ولفت إلى أن إدارات البنوك تبحث في كل بيئة استثمارية عن الآلية المناسبة لضمان حقوق المستثمرين والملاك وحملة الأسهم، وفي البيئة المحلية الحل الأمثل والوسيلة المناسبة والأسهل للمقترض والمقرض يتمثل في الحصول على ضمان من جهة عمله بتحويل راتبه، وهي مسألة مناسبة لجميع الأطراف، إلا إذا كان يوجد التوجه مسبقا بعدم الوفاء بالالتزامات المالية المترتبة والمماطلة.
وزاد نزيه موسى ''في البنوك العالمية عندما يتأخر العميل في سداد القرض يتحمل المقترض المتعثر التزامات التأخير الإضافية ويتحمل العمولات، وكذلك نفقات وأتعاب المحاماة للمحصلين، فالضرر على العميل كبير بينما لا يتم الطلب في السوق المحلية سوى القرض والفوائد المترتبة عليه''.
وعن اتهام بعض البنوك باستغلال رهن رواتب الموظفين في عمليات تسويق للمنتجات والقروض الإضافية قال المحلل الاقتصادي: لا شك أن البنوك تتبع أساليب فيها (رهن الرواتب) أساليب إغراء وعدم وضوح ويتضرر العملاء منها، فيجب محاسبة البنوك التي تقوم بحملات دعائية لا تراعي فيها المصداقية والشفافية، أما ما يتعلق بالأشخاص فيجب أن نعترف بأننا كمجتمع من السهولة إغراؤه وننجذب بسرعة للإعلانات دون معرفة التفاصيل والفهم بالشكل المناسب، ودون قراءة العقود ودون الإلمام أو الاستعانة بمستشار لتوضيح التفاصيل؛ لعدم وجود ثقافة حقوقية كاملة وهي إشكالية تواجه المقترضين.

نظام مؤسسة النقد العربي السعودي
نظَام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/49 بتاريخ: 10/7/1397 ه
مدائن ..البنوك وإسقاط الديون
ردع المتهربين عن سداد الديون بتطبيق النظام
صلاحـيـات واسعة للتقصي عن مماطلي سداد الديون