منذ ساعات

الملف الصحفي

موظفو الدولة ... هل يسمح لهم بممارسة التجارة؟

جريدة الاقتصادية الثلاثاء, 13 ربيع أول 1427 هـ الموافق 11/04/2006 م - العدد 4565

كلمة الاقتصادية
موظفو الدولة ... هل يسمح لهم بممارسة التجارة؟

يدرس مجلس الشورى حالياً ضمن دراسته للعديد من مشاريع الأنظمة، اقتراحا بالسماح لموظفي الدولة من المرتبة الأولى وحتى المرتبة الثامنة بمزاولة العمل التجاري والمهني الذي يعد محظوراً عليهم طبقاً للمادة (13) من نظام الخدمة المدنية واللائحة.
وبطبيعة الحال فإن المملكة ليست هي الوحيدة التي يوجد فيها نظام يحظر على الموظف العام العمل بالنشاط التجاري، بل غالباً ما نجد أن الأنظمة المتبعة في العديد من الدول تتبع مثل هذا النهج، تفادياً للخلط ما بين المصلحة العامة والخاصة، وحرصاً على تمتع موظف الدولة بالمصداقية والحيدة والنزاهة في نظر عامة المواطنين.
ونص نظام الخدمة المدنية المشار إليه ولوائحه على منع موظفي الدولة من الحصول على سجل تجاري أو ترخيص يسمح لهم بمزاولة العمل التجاري أو المهني طيلة مدة شغلهم للوظيفة العامة، ما يعني عدم إتاحة الفرصة لهم لتحسين أوضاعهم المعيشية أو الاستفادة من خبراتهم وكفاءاتهم المهنية إلى بعد بلوغ مرحلة التقاعد، وحينها يكونون قد بلغوا مرحلة متقدمة من العمر لا تسمح لهم فيها أوضاعهم الصحية بالإفادة كثيراً من كفاءاتهم وخبراتهم المهنية. ولا شك أن الفطرة التي خلق الله سبحانه وتعالى البشر عليها تنم بصورة طبيعية وغريزية عن دوافع، مثل الطموح وحب التملك والنماء والارتقاء بالأوضاع المعيشية وتحسين دخل الأسرة.
إن من مميزات العمل الخاص أنه يحفز الإنسان نحو بذل المزيد من العطاء والجهد بغية تحسين وضعه المالي والمعيشي، وتحقيق ما يطمح إليه الفرد من تأمين وضع أفضل لأسرته ومقابلة ما يترتب عليه من التزامات تجاهها قد لا يكون دخل الوظيفة كافياً للوفاء بها. كذلك فإن الدولة التي يعمل الموظف العام لديها بعقد لساعات محددة نظاماً قد تكون بحاجة ماسة إلى المزيد من عطاء هذا الموظف في أوقات فراغه، وخاصة بالنسبة للمتخصصين من أصحاب المهن النادرة الذين يمكن أن يسهموا كثيراً في دفع عجلة التطور والتنمية فيما لو سمح لهم باستغلال أوقات فراغهم في مجال تخصصهم بصورة لا تتعارض مع أنظمة الدولة. فالأطباء والمهندسون وأساتذة الجامعات والعاملون في مجال البحوث والاستشارات، على سبيل المثال، يمكن أن يقدموا الكثير عندما يكونون في قمة عطائهم دون أن يتعارض ذلك مع المصلحة العامة للدولة والمجتمع.
إن إتاحة الفرصة نظاماً للفرد في تسخير وقت فراغه لخدمة أهدافه ومصالحه، دون مساس بالمصلحة العامة، بدلاً من إهداره قيمة ورصيد كبيرين لمصلحة البلد. وحيث إن هناك فرصاً واسعة متاحة في المملكة تمكن قطاع العاملين بالوظائف الحكومية من إضافة المزيد من الإنجازات في القطاع الخاص فلا بأس من أن التعديلات المقترحة نحو وضع القيود المنظمة لمباشرة موظفي الدولة للأعمال التجارية والمهنية في أوقات فراغهم، بصورة لا تتعارض مع مهامهم ووظائفهم الأساسية أو مع المصلحة العامة للدولة والمجتمع. وقد لا يكون هذا شاملاً أو مسموحاً به للقطاعات والوظائف الحكومية كافة، فهناك العديد من المهن والوظائف العامة التي تتمتع بقدر كبير من السرية والحساسية قد تصبح معها المصلحة العامة في خطر متى ما تم السماح لشاغليها بالعمل التجاري والمهني بصورة خاصة.
وإذا كانت الحركة التجارية النشطة الموجودة في المملكة قد دفعت بعض موظفي الدولة سعياً للالتفاف على هذا الحظر، بالقيام بمزاولة العمل التجاري من خلال استخراج السجلات والتراخيص التجارية بأسماء أفراد أسرهم أو أبنائهم، فإن تنظيم هذا الأمر من خلال السماح لهم بمزاولة النشاط التجاري وفق ضوابط معينة يعد أفضل وأكرم بالنسبة لهم من الظهور بهذا المظهر المتحايل الساعي إلى الالتفاف حول النظام.
إن تلمس مثل هذه الظواهر والعمل على وضع الحلول الناجعة لها يعتبر من أهم مجالات تطوير التشريعات كما أنه يعد مؤشراً يبشر بالكثير من الإسهامات التي اضطلع ويضطلع بها مجلس الشورى.

نظام مجلس الشورى
نظام الخدمة المدنية
مطالب بوضع قانون لصناعة الامتياز والسماح للموظفين بممارسة التجارة
الموظف العام بالتجارة جريمة جنائية أم مخالفة تأديبية؟