منذ ساعات

الملف الصحفي

الجلد في حدود الشريعة الإسلامية عقوبة فعالة ... ولكنْ هناك إسراف في استخدامها

جريدة الرياض الاثنين 7 المحرم 1427هـ - 6 فبراير 2006م - العدد 13741

المحامي عبد العزيز القاسم لـ (الرياض):
الجلد في حدود الشريعة الإسلامية عقوبة فعالة ... ولكنْ هناك إسراف في استخدامها

كتبت - أمل الحسين:
يتساءل عدد من الجمهور عن حكم الاحكام الخاصة بالجلد والارقام التي نسمعها وقد دخلت المئات حيث تحدثنا مع المحامي عبدالعزيز القاسم حول هذا الموضوع واوضح ان اساس عقوبة الجلد مقرر في القرآن الكريم والسنة النبوية، واذا طبق في حدوده التي وردت في الشريعة فهي عقوبة فعالة، وهي اكثر عدالة من عقوبة السجن والغرامة، فالسجن عقوبة متعدية تؤذي أسرة السجين، وتؤثر على مصالحهم وحقهم في الرعاية والتربية، اما العقوبة المالية فتأثيرها غير عادل فالغني لا يعبأ بها وقد تجتاح الفقير وتزري به، فيما عقوبة الجلد تؤذي شخص الجاني، هذا من حيث العموم.
وقال (المتابع لتطبيقات عقوبة الجلد في المملكة يلاحظ انه يداخلها الاضطراب والتفاوت الكبير، اضافة الى الاسراف في استخدامها، حيث تصدر بانتظام احكام بآلاف الجلدات، فيما لم يرد في الشريعة العقوبة بأكثر من مائة جلدة ففي الآية الثانية من سورة عقوبة زنا غير المحصن مائة جلدة، وفي الآية الرابعة منها عقوبة القذف ثمانون جلدة، وفي السنة المطهرة حديث النبي صلى الله عليه وسلم (لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله).
واضاف القاسم قائلاً (إذا تأملنا ما وراء المبالغة في عقوبة الجلد فإننا سنرى بوضوح وجود خلل هيكلي - إذا صح التعبير - في النظام العقابي في المملكة، حيث السمة العامة لهذا النظام يمكن اختصارها في عبارة قصيرة تصف النظام العقابي في المملكة وهي - اهمال عام وتطبيق مغلظ -، ذلك ان التشريعات الجنائية تشهد فراغات كبيرة مثل عدم وجود تقنين للجرائم وعقوباتها، وعدم وجود نيابة عامة نشطة تتصدى لحراسة النظام - القانون -، وعدم وجود جهاز مدرب يتدخل في الوقت المناسب لضبط الجريمة، تمهيداً لايقاع العقوبة، هذا المناخ يوفر بيئة جذب للغرائز الاجرامية، فإذا طبقت العقوبة - حين تطبق - تكون شديدة القسوة تتناسب مع ما يبدو انه جريمة مشحونة بدوافع اجرامية فائقة فيما كانت الجريمة نتاجا لبيئة جذب - اذا صح التعبير -).
وضرب القاسم مثلاً بسرقة السيارات قائلا (توفر رداءة اجراءات الملاحقة حافزاً للسلوك الاجرامي، والشيء نفسه ينطبق على الفتاة الهاربة من منزل والدها، حيث تختلط مجموعة من الظروف التي يستحيل معها عزل العناصر الاجرامية عن العناصر المشروعة في مثل هذا السلوك، فالفتاة التي تتعرض للظلم او الاضطهاد في بيت أسرتها قد تحاول النجاة بنفسها باللجوء الى منزل لذي رحم، لكنها قد تنزلق في ظروف اجتماعها تدفعها الى سلوك محرم مثل الاقامة مع اجنبي عنها ولو كان لدينا نظام عقابي يحكم تعسف الاقارب في التعامل مع الفتاة او القاصر وجهاز فعال قادر على ضبط المخالفة وتسليمها للقضاء لما تجرأت ذي القرابة على التعسف ولما كانت حالات الهروب المشروعة قائمة بهذا الشكل، والشيء نفسه يقال عن جرائم أخرى، ولمعالجة هذا الواقع يجب اصلاح النظام العقابي بشكل عام من خلال التعجيل بتقنين نظام العقوبات، تحسين كفاءة رجال الضبط الجنائي في الاجهزة الحكومية لتقليل احتمالات افلات المجرم من قبضة العدالة.

نظام السجن والتوقيف