منذ ساعات

الملف الصحفي

العقارات في الفقه والنظام

جريدة الاقتصادية الثلاثاء 27 محرم 1426هـ - 8 مارس 2005م – العدد 4166

العقارات في الفقه والنظام: «نزع الملكية ... وبيت العجوز»

يوسف الفراج
تكاد تتفق الشرائع والقوانين على إطلاق حرية التملك في الجملة فلكل شخص الحق في اكتساب المال - منقولاً أو ثابتاً -، وذلك بالطرق المشروعة في الاكتتاب، كما أنه واستمراراً لهذه الحرية فله الحق في بقائه على تملكه لحيازته، فإن شاء باعها أو وهبها أو تصرف فيها بأي طريق من الطرق المشروعة، وإن شاء ظل متملكاً لها محتفظاً بها.
وإذا كان هناك ما قد يشرع فيما يتعلق بحدود التملك، وطرقه، إلا أنه لا يمكن تشريع ما يؤدي إلى نزع الحيازة من حائزها على الإطلاق والواجب - شرعاً ونظاماً - السعي قدر المستطاع إلى الإبقاء على هذا الأصل، وتضييق الاستثناءات منه.
فأولاً: لا يكون نزع الملكية إلا وفقاً لنظام - صادر من السلطة التنظيمية - بعد تحقق اكتمال شروط ذلك، أو استناداً لحكم قضائي نهائي، وثانياً: الالتزام بالصور المشروعة في ذلك، كما في بيع مال المدين لتنفيذ الحكم القضائي، وورد تنظيم ذلك في نظام المرافعات الشرعية ''الباب الثاني عشر، المواد 196 حتى المادة ''232 وكما في الشفعة بعد تحقق موجبها، وصدور حكم بها، أو يكون لمصلحة عامة.
وفيما يتعلق بنزع الملكية للمصلحة العامة، لا بد من التأكيد على: أن الإسلام يحترم الملكية الفردية، حتى أصبح ذلك من قواطع الدين، كما أن حفظ المال من الضروريات الخمس التي عرف من مقاصد الشريعة حمايتها، وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي قرار في دورته الرابعة عام 1408هـ، بهذا الخصوص، ولأهميته أذكر نصه: ''أولاً: يجب رعاية الملكية الفردية وصيانتها من أي اعتداء عليها، ولا يجوز تضييق نطاقها أو الحد منها، والمالك مسلط على ملكه، وله في حدود المشروع التصرف فيه بجميع وجوهه، وجميع الانتفاعات الشرعية، ثانياً: لا يجوز نزع ملكية العقار للمصلحة العامة إلا بمراعاة الضوابط والشروط التالية: 1 - أن يكون نزع العقار مقابل تعويض فوري عادل يقرره أهل الخبرة بما لا يقل عن ثمن المثل، 2 - أن يكون نازعه ولي الأمر أو نائبه في ذلك المجال، 3 - أن يكون النزع للمصلحة العامة التي تدعو إليها ضرورة عامة، أو حاجة عامة تنزل منزلتها كالمساجد والطرق والجسور، 4 - أن لا يؤول العقار المنزوع من مالكه إلى توظيفه في الاستثمار العام أو الخاص، وألا يعجل نزع ملكيته قبل الأوان، فإن اختلت هذه الشروط أو بعضها كان نزع ملكية العقار من الظلم في الأرض والغصوب التي نهى الله تعالى عنها ورسوله صلى الله عليه وسلم، على أنه إذا صرف النظر عن استخدام العقار المنزوعة ملكيته في المصلحة المشار إليها تكون أولوية استرداده لمالكه الأصلي، أو لورثته بالتعويض العادل''.
ولا بد من التأكيد على أن نزع الملكية للمصلحة العامة وهو وضع استثنائي، ولذلك اشترطت له كل هذه الشروط، فالواجب عدم تجاوز هذه الشروط، ولا تعد مصلحة مجموعة من الناس - ولو كثروا - مصلحة عامة، لأن صاحب الملك أولى من غيره.
ونذكر هذا الكلام في الوقت الذي تكثر فيه المشاريع العقارية وما يتعلق بها من تجارات ومساهمات، وقد يختلط في هذا الإطار ما يظن أنه مصلحة عامة بالمصالح الخاصة، وتضيع بذلك الحقوق، وهل إلزام الناس بالدخول في مشروع مساهمة ما بقدر أملاكهم في الأرض المعدة للمساهمة، أو نزعها بالقوة يعد من الظلم، أو نزع للمصلحة العامة؟ تحتاج إلى فتوى من الجهات المختصة، أو القضاء هو الفيصل في ذلك.
ولاسيما إذا كان أصحاب الأملاك من الفقراء والمحتاجين ونحوهم مما يوجب التحري والاحتياط في حفظ حقوقهم، وبمناسبة ذكر المحتاجين فقد ذكر الفقهاء قصة في هذا السياق مفادها أن أحد عمال كسرى أراد أن يجري نهراً فكتب إليه: إنه لا يجري إلا في بيت عجوز فأمر أن يشترى منها، فضوعف لها فلم تقبل، فكتب كسرى: أن خذوا بيتها فإن المصالح الكليات تغتفر فيها المفاسد الجزئيات، قال ابن عقيل: وجدت هذا صحيحاً، فإن الله تعالى هو الغاية في العدل، يبعث المطر والشمس، فإذ كان الحاكم القادر لم يراع نوادر الضار لعموم المنافع فغيره أولى، ولله المثلى الأعلى.

نظام المرافعات الشرعية
نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقار 
نظام التمويل العقاري ... الغائب المنتظر
السوق العقارية بحاجة لمزيد من الضبط
العقار في الفقه والنظام
ايجابيات عديدة في نظام نزع الملكية العقارية الجديد
الموافقة على نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة
مجلس الوزراء يوافق على نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة
منح أصحاب العقارات المنزوعة حق التظلم أمام ديوان المظالم
المصلحة العامة لنزع الملكيات يحددها ولاة الأمر