جريدة الرياض - الأحد 14 رجب 1436 هـ - 3 مايو 2015م - العدد 17114
تضعف بناء مشروعات تليق بالوطن والمواطن
المؤسسات الرقابية على المال العام.. جهود مبعثرة في غياب تشريع موحد
الأجهزة الرقابية (الثلاثة) بينها كثير من التداخل.. وهذا من أسباب تعطيل عملية
الرقابة على المال العام
تقرير - عبدالله العميرة
في أي دولة غنية، وذات ميزانية ضخمة، مع ضعف في النظام الرقابي والمحاسبة، تتكون
بيئة صالحة لنمو الفساد وتكاثرة.
والمملكة تمر بمراحل متتابعة من النمو، والقوة المالية، وتزايد المشروعات، وبالتالي
هذا يتطلب جهدا كبيرا وتشريعات متطورة تتعلق بالرقابة على مصروفات المال العام،
وعلى الأداء، وفي الوقت الحالي يوجد ثلاثة أجهزة معنية بالرقابة لحماية المال،
ومكافحة الفساد، والتحقيق مع المخالفين ومحاسبتهم.. هي:
ديوان المراقبة العامة، وهيئة مكافحة الفساد، وهيئة الرقابة والتحقيق.
السؤال: ماهي العلاقة بين الثلاث جهات؟ هل هناك تناغم وتكامل، أم تداخل وتشتيت في
العمل؟ وبالتالي؛ إتكالية، وبقاء الحال كما هو عليه من ممارسات خاطئة تجاه المال
العام؟
والسؤال الآخر: مامدى صلاحيات كل جهاز؟ وماهي المعوقات؟
نبدأ بإيجاز سريع لمهام كل جهة.. وسيتبين لنا التداخل والتكامل في عناصر كثيرة،
ويتبين لنا أهم الأسباب وراء التراخي في المكافحة والرقابة والمحاسبة:
ديوان المراقبة العامة
يختص بالرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها، وكذلك مراقبة كافة
أموال الدولة المنقولة والثابتة ومراقبة حسن استعمال هذه الأموال واستغلالها
والمحافظة عليها، كما يختص بالرقابة على أداء الأجهزة الحكومية للتأكد من استخدام
الجهات المشمولة بالرقابة لمواردها بكفاءة واقتصادية، والتحقق من نجاح تلك الجهات
في تحقيق الأهداف المرسومة لها، وينفذ عمله وفق آليات، ويحق للديوان أن يطلب من
هيئة الرقابة والتحقيق إجراء التحقيق اللازم مع الموظف المسؤول فور حصول التأخير،
ويحرص الديوان على إحالة مثل هذه الحالات لهيئة الرقابة والتحقيق بانتظام لإعمال
اختصاصها.
وفي حالة اكتشاف مخالفة مالية أو حسابية يحق للديوان إجراء التحقيق اللازم ومعاقبة
الموظف المسؤول عن ذلك إدارياً، أو أن يقوم بتحريك الدعوى العامة ضد الموظف المسؤول
أمام الجهة المختصة نظاماً بإجراء التأديب، وهي هيئة الرقابة والتحقيق، كما يتعين
على كل جهة إحاطة الديوان فور اكتشافها لأي مخالفة مالية أو وقوع حادث تترتب عليه
خسارة مالية للدولة، كما يقوم الديوان بتطبيق مفهوم الرقابة الإيجابية الشاملة
وتقويم الأداء، وتقديم التوصيات واقتراح الحلول العملية المناسبة بهدف الإسهام في
الوصول إلى إدارة حكومية كفؤة وقادرة على النهوض بمهامها.
الدولة ترصد ميزانيات ضخمة تتطلب رقابة صارمة ومحاسبة دقيقة
ونصت المادة العاشرة من نظام الديوان على جميع الجهات المشمولة برقابة الديوان
تقديم كافة البيانات الحسابية وغيرها والمستندات والوثائق التي تمكن الديوان من
مباشرة.. وهناك قرار وزاري بإلزام الجهات المشمولة برقابة ديوان المراقبة العامة
بالتعاون، وتوفير المعلومات والبيانات وتمكينه من الاطلاع على جميع السجلات
والوثائق والعقود دون قيود، ومساءلة كل من يخالف ذلك.
هيئة الرقابة والتحقيق
هيئة الرقابة والتحقيق بالمملكة وهي بمثابة النيابة الإدارية في بعض الدول العربية،
كما أن لها اختصاصا جنائيا، وذلك بالتحقيق في بعض القضايا الجنائية والادعاء فيها
أمام المحاكم المختصة، وأبرز مهامها الرقابية: الكشف عن المخالفات الإدارية، والكشف
عن المخالفات الناتجة عن التقصير في الرقابة الداخلية في الوحدات الإدارية، واقتراح
وسائل العلاج اللازمة في حالة وقوع حوادث الإهمال أو المخالفات الإدارية وإحالتها
للجهات المختصة، والتعاون مع وزارة الخدمة المدنية في الكشف عن المخالفات الخاصة
بشؤون الموظفين، وإبلاغ الجهات المختصة عن مواطن القصور في التنظيم، والتعاون مع
ديوان المراقبة العامة عند اكتشافه لمخالفات إدارية أثناء مباشرته لاختصاصاته
المالية، وفحص الإخباريات والشكاوى المتعلقة بالنواحي الإدارية.
أما الرقابة المالية، فمن أبرز مهامها: دارسة القضايا التي تحال إليها، وتتناول
مخالفات مالية لتحديد تلك المخالفات والمسؤولين عنها قبل التحقيق فيها، واقتراح
الوسائل الكفيلة بالحد من وقوع تلك المخالفات، وفحص ما يحال إليها من شكاوى أو
إخباريات تتناول مخالفات مالية أو ما يتجمع لديها من معلومات وتحريات عن تلك الجهات
التي تتناولها هذه المعلومات والتحريات، واتخاذ ما يقضيه الفحص من التفتيش على
الجهات التي تتناولها بهدف تحديد ما يكون قد وقع فيها من مخالفات والمسؤولين عنها
تمهيدا للتحقيق فيها، ومعاونة الجهات المعنية في متابعة تنفيذ خطط التنمية المعتمدة
لها بهدف تقييم مستوى الإنجاز في مجال الأعمال ومستوى الأداء في مجال الخدمات
بالاتفاق مع الهيئة المركزية للتخطيط (وزارة التخطيط)، وإجراء التفتيش على الدور
المستأجرة للدوائر الحكومية، و متابعة المخالفات المالية التي تثيرها الأجهزة
الرقابية الأخرى،
كما تختص الهيئة في المسائل الجنائية بالتحقيق قي قضايا التزوير والتزييف، وجرائم
الرشوة.
الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد
تم إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد 13/4/1432ه بهدف حماية النزاهة، وتعزيز
مبدأ الشفافية، ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه..
وترتبط مباشرة بالملك، ومن أهم اختصاصاتها: التحري عن أوجه الفساد المالي والإداري
في عقود الأشغال العامة، وعقود التشغيل والصيانة وغيرها من العقود المتعلقة بالشأن
العام، ومصالح المواطنين في الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة، واتخاذ الإجراءات
النظامية اللازمة في شأن أي عقد يتبين أنه ينطوي على فساد أو أنه أبرم أو يجري
تنفيذه بالمخالفة لأحكام الأنظمة واللوائح النافذة، وإحالة المخالفات والتجاوزات
المتعلقة بالفساد المالي والإداري عند اكتشافها إلى الجهات الرقابية أو جهات
التحقيق، وتشجيع جهود القطاعين العام والخاص على تبني خطط وبرامج لحماية النزاهة
ومكافحة الفساد، ومتابعة تنفيذها وتقويم نتائجها، ومتابعة استرداد الأموال
والعائدات الناتجة من جرائم الفساد مع الجهات المختصة، ومراجعة أساليب العمل
وإجراءاته في الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة بهدف تحديد نقاط الضعف التي يمكن أن
تؤدي إلى الفساد، والعمل على معالجتها بما يضمن تحقيق أهداف الهيئة وتنفيذ
اختصاصاتها، واقتراح الأنظمة والسياسات اللازمة لمنع الفساد، ومكافحته وإجراء
مراجعة دورية للأنظمة واللوائح ذات الصلة؛ لمعرفة مدى كفايتها والعمل على تطويرها،
وإعداد الضوابط اللازمة للإدلاء بإقرارات الذمة المالية، وأداء القسم الوظيفي لبعض
فئات العاملين في الدولة، ومتابعة تنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاقيات الدولية
المتعلقة بحماية النزاهة ومكافحة الفساد.
تناغم وتداخل.. ووجود ثغرات
يبدو من الإيجاز السابق -عن الأجهزة الرقابية الثلاثة- أن هناك تناغما فيما يتعلق
بالمحاسبة، ولكن يظهر أن هناك تداخلا أو مهاما يمكنها أن تعقّد عملية الرقابة
والمكافحة (بين مهام ديوان الرقابة العامة، وهيئة مكافحة الفساد).. وهذا يعني وجود
ثغرات يمكن الإفلات منها، أو يكون فيها عناصر (اتكال) بين الجهتين الرقابيتين،
بخاصة في ظل شح الكوادر، وأيضاً سببا رئيسيا بعدم تعاون مع إحدى الجهتين، أو
كلاهما، أو تعاون منقوص مع ديوان الرقابة، أو مع هيئة مكافحة الفساد، وبالتالي خلق
ثغرة يمكن الهروب من خلالها واستمرار الفساد أو الخلل.
هذا يعني أن العمل غير الموحد، هو أحد الأسباب الرئيسية وراء وجود الفساد.
وإذا تحدثنا عن المعوقات أمام كل جهة في المهام المختلفة/ المتكاملة، فإن عدم
الاستقلالية من الأسباب الرئيسية في ضعف المتابعة والرقابة والمحاسبة.
حرص الدولة.. والرقابة والمحاسبة
معالجة الفساد هو الهدف، والمال العام هو محور تقريرنا هذا.
ديوان المراقبة هو الأبرز في مباشرة الرقابة على المال العام، لكنه مازال يعاني من
ثغرات كبيرة، فرغم مضي 45 عاماً على إنشائه إلا أنه يعاني من ضعف التطوير في
أنظمته، رغم محاولاته النهوض بمسؤولياته –آخر ذلك إعداده لنظام جديد يشمل تحديده
مسؤولياته واستقلاليته– إلا أن النظام مازال في كر وفر بمجلس الشورى..
مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية
ومن الأجهزة الحديثة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو معني بإدارة الشاملة
للاقتصاد الكلي، و مهمته رسم السياسات والأهداف الاقتصادية العامة، ومراقبة تنفيذ
الخطط والمشروعات.
وقد أنشئ المجلس في 9 ربيع الثاني 1436ه، الموافق 29 يناير 2015 بأمر من خادم
الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبعد أسبوعين من الأمر الملكي في يوم
الإثنين (20 ربيع الآخر 1436ه - 10 فبراير 2015م) و تمت موافقة مجلس الوزراء على
التنظيم الخاص بأجهزة المجلس الجديدة، وهما مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس
الشؤون الاقتصادية والتنمية.
النتيجة والهدف
من المعطيات السابقة أن المملكة تتميز بحركة اقتصادية وتنموية متزايدة، تتطلب
تطويرا سريعا في العمل الرقابي والمحاسبي، حتى يتواكب المنتج المتسارع مع الجودة،
والحفاظ على المال العام، وصرف الأموال في أقنيتها المحددة، والمؤكدة.
ولاتتوقف الرقابة فقط على مراقبة الأرقام ومطابقتها على الواقع، بل لابد أن تكون
مرتبطة بجودة المشروع وديمومة الانتاج المتميز.
هذا يتطلب جهة مركزية موحدة، ووجود تشريع واضح ومتكامل، وتوفير عناصر بشرية مؤهلة
ومؤتمنة وعدد كاف. وسلطة قضائية سريعة البت في قضايا الفساد.

مرسوم ملكي بالمصادقة على
نظام ديوان المراقبة العامة
مرسوم ملكي بالموافقة على نظام المنافسات والمشتريات الحكومية
مرسوم ملكي رقم م / 78
بتاريخ 19 / 9 / 1428هـ بالموافقة علي نظام القضاء
أمر ملكي رقم أ/ 65 بتاريخ 13/ 4/ 1432هـ بشأن إنشاء "الهيئة الوطنية
لمكافحة الفساد"
قرار وزاري بإصدار اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية
قرار مجلس الوزراء بالموافقة على لائحة رقابة ديوان المراقبة العامة
قرار مجلس الوزراء رقم 165 بتاريخ 28/5/1432هـ بالموافقة على تنظيم الهيئة الوطنية
لمكافحة الفساد
تعميم بشأن نطاق تطبيق نظام المنافسات والمشتريات الحكومية ولائحته التنفيذية
المال العام وآليات المراقبة